رام الله الإخباري
يرقد الجريح مبروك محمود جرار (40 عاما) على سرير الشفاء في مستشفى رفيديا الحكومي بمدينة نابلس، بعد أن وصل مساء أمس من مستشفى العفولة في أراضي 48، مهشم الأطراف إثر تعرضه للعض من كلب بوليسي، أثناء اعتقاله من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي قبل 10 أيام.
في الثالث من شباط/فبراير الجاري، كانت الساعة تشير إلى السادسة صباحا عندما استيقظت عائلة جرار مفزوعة على أصوات انفجارات ضخمة ناتجة عن قذائف "انيرجي"، هزت أركان منزلها في بلدة برقين جنوب غرب مدينة جنين.
سارع جرار وزوجته إيناس لإحضار طفليه صهيب (9 أعوام) ومحمود (5 أعوام) من غرفة نومهما وتجمعوا جميعا في غرفة النوم الرئيسة، أخبر طفليه أن جنود الاحتلال في الخارج سيقتحمون المنزل ويعتقلونه "لا تخافوا"، قبل أن تعيش العائلة 45 دقيقة من الرعب المتواصل.
يروي جرار للوكالة الرسمية " وفا " أن قوات الاحتلال ضربت عدة قذائف أدت لتحطم زجاج المنزل وانقطاع الكهرباء عن شقتهم الواقعة في الطابق الثاني، فيما فجر الاحتلال مدخل ونوافذ الطابق السفلي بعدة قذائف صاروخية.
تعالت أصوات الجنود الذين قارب عددهم أربعين جنديا، على الدرج المؤدي للشقة التي تقطن بها عائلة جرار، عم الصمت قليلا، لكن سرعان ما دوى صوت خمسة انفجارات على مدخل الشقة.ويضيف "كنا نتوقع دخول الجنود، لكن تفاجئنا أن كلبا بنيا مخططا بالأسود غير مكمم يهاجم غرفة النوم، انقض عليّ من بين أبنائي وزوجتي وعضني في كتفي الأيسر".
قرابة ربع الساعة حاول جرار خلالها الإفلات من أنياب الكلب البوليسي، إلا أن كل محاولاته باءت بالفشل، فكلما صده عن كتفه الأيسر عاود إمساكه بفخذه، حاولت زوجته هي الأخرى حمايته لكن دون جدوى، فيما بقي طفلاه متجمدان في زاوية الغرفة بلا حركة، والصدمة تعلو وجهيهما.
يقول جرار "شعرت أن عظم يدي يتفتت خلال تلك اللحظة، صرخت مطولا لكن لم استطع المقاومة واستسلمت".صرخت زوجته إيناس على الجنود "انقذوا زوجي من الكلب"، إلا أن الجنود عرضوا عليها مقايضة تسليم الشهيد أحمد نصر جرار الذي لا تعرف العائلة مكان اختبائه، مقابل إنقاذ زوجها من أنياب الكلب.
تشير الزوجة، "أدركت أن الجنود لن ينقذوا زوجي فتوجهت لإنقاذه، وفي تلك اللحظة طالبنا الجيش بالخروج من المنزل، حاولت إخراجه لكن الكلب ما زال ينهش لحمه، كان الوضع مرعبا ومروعا".
حاولت الزوجة مرارا سحب زوجها لمدخل الشقة، إلا أنها لم تقوَ على مواجهة شراسة الكلب البوليسي، زحف مبروك رغم استمرار نهشه من الكلب فباغته أحد جنود الاحتلال بلكمة على وجهه أدت لكسر أنفه.وتضيف الزوجة "لم يكتف الاحتلال بالإجرام لهذا الحد، فواصل جنود الاحتلال سحب مبروك على درج البناية حتى مدخل المنزل والكلب ينهش فيه، بالرغم من نزفه".
وتتابع "أخرجنا الجنود من المنزل وأبعدونا مسافة 10 أمتار عن مبروك والمنزل، ولاحقا أخرج الجنود زوجي مكبل اليدين ووجهه عبارة عن شبح ملطخ بالدماء بشكل مروع جدا".وعقب انسحاب قوات الاحتلال من المنزل واعتقال جرار، الذي اعتقل عدة مرات سابقا، كانت قطع من لحمه ودمائه تلطخ درج المنزل وأركانه، تؤكد الزوجة.
ووفق الجريح جرار، فإن قوات الاحتلال نقلته عقب اعتقاله مكبلا لمعسكر سالم العسكري غرب جنين، وبقي ملقى على أرض المعسكر ينزف لثلاث ساعات دون تقديم العلاج فيما مارس الجنود عربدتهم واستهزائهم به عبر التقاط صور "السيلفي" معه.
وتابع: نقلني جنود الاحتلال بسيارة إسعاف إلى مستشفى العفولة، وبالرغم من إصابتي البالغة ووضعي الصحي الصعب، خضعت للتحقيق في المستشفى، حيث حضر محقق وبدأ يسألني عن علاقتي بالشهيد أحمد جرار، وحاول التغاضي عن إصابتي وجروحي، وكان يحاول أن يتهرب كلما أذكر له الجريمة التي تعرضت لها".
وأصدرت قوات الاحتلال يوم الأحد الماضي قرارا بالإفراج عن الجريح جرار.ورغم بشاعة الجريمة التي مارسها جنود الاحتلال بحق عائلة جرار، إلا أنهم عاودوا اقتحام منزلهم بعد خمسة أيام من الاقتحام الأول، أجرى خلالها الجنود تفتيشا عاريا لزوجته ووالدته (75 عاما) وشقيقته (50 عاما) التي تعاني من الإعاقة، وفق ما أكدت الزوجة إيناس.
وتحدث أخصائي علاج العظام والمفاصل في مستشفى رفيديا د. مؤمن خراز، المشرف على حالة جرار، لـ"وفا"، أنه يعاني من علامات عض الكلاب وتهشم بالجلد والطبقة ما تحت الجلد ومنطقة العضل. وأشار إلى أنه وصل الكتف الأيسر متهشم مع علامات عض وبالفخذ الأيسر والكوع الأيسر وتحت الإبط.
وأضاف "وضعه الصحي حاليا، ما زال هناك التهاب في الجروح ويحتاج العلاج والمتابعة اليومية والفحوصات الدورية لتماثل الجروح للشفاء". وتابع أن الخوف من تحول جروحه لجروح بكتيرية، لأن أي إنسان يتعرض للعض يبقى الخوف من الصرع وأمراض أخرى بكتيرية، وفرع الطب الوقائي بوزارة الصحة يتابع تلك الأمور.
الوكالة الرسمية