رام الله الإخباري
عُرف عنه غيرته الشديدة من جنازات الشهداء الضخمة، مرددا: أريد زفة تشبه تلك الجنازات.عصر أمس الثلاثاء، حدث ما تمناه الشهيد ليث هيثم أبو نعيم (16 عاما) من قرية المغيّر شمال شرق رام الله، حين أطلق جندي احتلالي رصاصة على وجهه، فارتقى شهيدا، واليوم خرجت زفة ضخمة كما اشتهاها.
كان ليث يحترم عامل النظافة، ويقول "إن القدس أجمل من باريس"، يُسابق أقرانه في التقدم لرشق جيبات الاحتلال بالحجارة، لم يسمح لأحد أن يسبقه، فكانت الرصاصة قريبة جدا، وكان ليث أول الشهداء في المغير منذ 14 عاما، حيث استشهد الطفل مناضل أبو عليا (14 عاما) بتاريخ 23-1-2006، بعد أن أطلق عليه جنود الاحتلال الرصاص خلال مواجهات ليلية في القرية.
فور وصول نبأ استشهاده، خرجت مسيرة ليلية حاشدة في المغيّر، على غرار ما كانت تشهده البلاد في ذروة انفعالاتها الوطنية، خاصة حين يتعلق الأمر بشهيد، مسيرات ليلية كدنا نفقدها، أحيتها المغير الليلة، وكان هتافها الأقوى: ولا يا ليث ما بتموت.. وانت بقلبي هوية.
"يلا شباب على السريع" الجملة التي رددها أحد الكبار على الشبان الصغار وزملاء ليث الذين جاؤوا لتوديعه في مجمع فلسطين الطبي في رام الله، ما يدلل على المحبة الكبير للشهيد بين الأهالي، قبلة سريعة من رفاق الدرب والمحبين على جبين الشهيد.
رصاصة واحدة من مسافة مترين، لم يطلق سواها من جيب الاحتلال الذي اقتحم وسط قرية المغير عصر أمس، أصابت الشهيد ليث، الذي نشأ في أحضان جدّه وجدّته، بعد أن توفى الله والدته وهو طفل صغير، ثم تزوج والده مرة أخرى، وتعتبر عائلته من العائلات الفقيرة جدا في القرية.
رئيس مجلس قروي المغير أمين أبو عليا، قال للوكالة الرسمية : انتهاكات الاحتلال شبه يومية في المغير، الذي يصادر ويمنع البناء في 80% من اراضي القرية البالغة مساحتها 26 ألف دونم، وخاصة الأراضي الواقعة شرق القرية، ويعتبرها الاحتلال منطقة عسكرية مغلقة، يمنع المواطنين من الوصول اليها والاعتناء بمزروعاتهم، حتى أنه يحرم الثروة الحيوانية من رزقها هناك.
ويضيف أبو عليا: عدد سكان المغير 4 آلاف نسمة، يتحكم في حياتهم حاجز عسكري شبه دائم على مدخلها الشرقي، ونظرا لطبيعة موقعها الجغرافي، فهي تتوسط مدينتي نابلس ورام الله، شق فيها الاحتلال شارعا استيطانيا يُطلق عليه "شارع ألون" يربط منطقة زعترة بقلنديا، إضافة لمستوطنة عادي عاد، ويقع معظم البناء في القرية في حدود كيلو متر مربع واحد، بسبب منع البناء في 80% من اراضيها المصنفة "c"، وهناك 17 انذارا بالهدم لـ17 بيتا.
وحول تاريخ المغير النضالي، يتابع: المغير كانت من أوائل القرى التي التحم أبناؤها بساحات النضال ضد الاحتلال، فعرفوا السجون منذ عام 1968، ومنذ ذلك التاريخ إلى اليوم أعتقل منها 750 مواطنا، أما اليوم فيقبع خلف القضبان 25 من شبابها. كما أنها من أوائل المناطق التي تعرضت بيوتها للهدم، فهدم عام 1969 سبعة من بيوتها. واطلاق النار على الفتى ليث أمس، تم بطريقة حقد كبير على أبناء المغير الذين أراد الاحتلال منهم تقديم القهوة للجب العسكري حين يقتحم قريتهم.
في الآونة الأخيرة نشطت مجابهة شبان وفتيان المغير لقوات الاحتلال، الذين أرادوا تركيع رماة الحجارة، عبر الاعتقال والإصابة والتنكيل بهم على الحواجز، ونشر بيانات تهدد الأهالي في حال استمر الأبناء برشق الحجارة والمواجهة، لكن القرية الصغيرة والنائية والمهمشة إعلاميا ردت على الاحتلال بصدور الأبناء والفتية، معلنة وبوضوح الاستمرار في ثورة الحجر على المحتل.
وكالة وفا