رام الله الإخباري
نشط حركة مقاطعة إسرائيل (BDS) بشكل واسع، لتصبح من الأضخم والأكثر تأثيراً على التوجهات الاستثمارية العربية والدولية، وكذا على إلحاق الخسائر بالاقتصاد الإسرائيلي.
وتعتبر هذه الحركة جزءاً من منظومة واسعة من الجمعيات والحركات المدنية والحزبية، التي استطاعت فرض المقاطعة أسلوب مقاومة فاعلة، وآلية للتعريف بالقضية الفلسطينية، وبالظلم اللاحق بشعب فقد أرضه ومواردها، بفعل احتلالها من قبل الإسرائيليين.
في اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، الذي صادف أمس، رصدت صحيفة العربي الجديد ما حققته حركة مقاطعة إسرائيل، وما أنجزته على الصعيد الفلسطيني وكذا الإقليمي والدولي.
خسائر بمليارات الدولارات
تقول حركة المقاطعة على موقعها، إن حملاتها كانت عاملًا رئيسيًا في انخفاض الاستثمار الأجنبي المباشر في الاقتصاد الإسرائيلي بنسبة 46% سنة 2014 مقارنة بسنة 2013. ونسب البنك الدولي جزئيًا انخفاض الواردات الفلسطينية من الشركات الإسرائيلية بنسبة 24% إلى حملات المقاطعة. وتنبأت تقارير صادرة عن الحكومة الإسرائيلية ومؤسسة "راند" الأميركية بأن حركة المقاطعة ستكلف الاقتصاد الإسرائيلي مليارات الدولارات خلال الأعوام المقبلة.
وقال تقرير لوزارة المالية الإسرائيلية في العام 2015 (نشره موقع جيروزاليم تايم الإسرائيلي)، إن المقاطعات الطوعية من قبل الدول الأوروبية، التي تطاول سلسلة متاجر أو بعض السلع المنتجة في مستوطنات الضفة الغربية، قد أدى إلى أضرار تعادل نحو 147 مليون دولار سنوياً، وحوالي 430 شخصا يمكن أن يفقدوا وظائفهم في وقت لاحق.
أما مقاطعة جميع دول الاتحاد الأوروبي للمنتجات في المستوطنات يمكن أن ترفع الخسائر إلى 571 مليون دولار، مع خسارة 1800 وظيفة. أما إذا قاطع الاتحاد الأوروبي جميع المنتجات الإسرائيلية ووقف الاستثمارات الأجنبية، سيكون 36.500 شخص عاطلين من العمل وسوف يفقد الاحتلال 11.4 مليار دولار من الإيرادات سنويا.ويشرح تقرير نشرته "سي أن بي سي" الأميركية في يوليو/ تموز الماضي، أن الأثر التراكمي بين عامي 2014 و2024، في سيناريو المقاومة عبر المقاطعة سيكلف حوالي 80 مليار دولار للاقتصاد الإسرائيلي، منها نحو 44 مليار دولار تعود إلى خدمات تنمية الأعمال التجارية.
انسحابات بالجملة
انسحبت الشركات الأوروبية الكبرى فيوليا Veolia وأورانج Orange وسي آر اتش CRH من السوق الإسرائيلي بعد حملات قويّة ضدّها لتورطها في الانتهاكات الإسرائيلية، وفق حركة المقاطعة. وأقدمت "فيوليا" على بيع استثماراتها الإسرائيلية وأنهت دورها في مشاريع البنية التحتية في المستعمرات الإسرائيلية غير القانونية بعد ضغط نشطاء حملات المقاطعة حول العالم على المجالس المحلية لإلغاء عقودها مع الشركة، والتي فاقت قيمتها 20 مليار دولار.
هذا العام، تحديداً منذ أيام، ألغت الهند صفقة عسكرية بقيمة 500 مليون دولار مع الإسرائيليين، بعد ضغط واحتجاجات شعبية على حجم التعاون الهندي - الإسرائيلي في المجالات العسكرية والزراعية والتنموية.
وفي تشرين الثاني/نوفمبر، أنهت شركة الطيران الكندية (Air Canada) تعاقداً بملايين الدولارات مع شركة "إيروسبيس إندستريز" الإسرائيلية للأنظمة الجوية والعسكرية قبل عامين من انتهائه، كما أعلنت عن نيتها استبدال التعاقد مع شركة جديدة للصيانات الثقيلة وأفاد أحد ائتلافات مقاطعة إسرائيل في كندا بأنه تم إبلاغه أخيرًا بإنهاء العقد الذي وقع في العام 2014، بعد تزايد دعم نقابات العمال وجماعات التضامن لحملة "الطيران الكندي متورط"، والتي عملت على فضح تورط الشركة الإسرائيلية في انتهاكات حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، قرر متجر ميتسوكوشي الياباني، وهو سلسلة من المجمعات التجارية الدولية في طوكيو، سحب منتجات المستعمرات الإسرائيلية من معرض للنبيذ، عقب احتجاج مؤسسات المجتمع المدني اليابانية على عرض منتجات شركات متورطة في الاستعمار الاستيطاني في الأرض الفلسطينية المحتلة.
وفي أغسطس/ آب الماضي، سبع شركات أردنية أنهت عقودها مع شركة "جي فور أس" الأمنية المتورطة في جرائم الاحتلال، وقد نقلت هذه الشركة البوابات الإلكترونية في القدس المحتلة قبيل نصبها أمام المسجد الأقصى، وما زالت الشركة حتى يومنا هذا متورطة مع الاحتلال من خلال عقدها لإدارة وتدريب "أكاديمية الشرطة الإسرائيلية".
خسارة عقود واستثمارات
وخسرت شركة المياه الإسرائيلية العامة "ميكوروت Mekorot" عقوداً في البرازيل والأرجنتين والبرتغال وهولندا نتيجة حملات المقاطعة ضدها بسبب دورها في سرقة المياه الفلسطينية وفي السياسات العنصرية الإسرائيلية في توزيع المياه...
كما أقدم مستثمرون دوليون، بمن فيهم الكنيسة المشيخية في الولايات المتحدة والكنيسة المنهجية، وصندوق التقاعد الهولندي PGGM وحكومات النرويج ولوكسمبورغ ونيوزلندا، على سحب استثماراتهم من شركات متورطة في الانتهاكات الإسرائيلية للقانون الدولي. كما أقدمت بنوك خاصة أوروبية كبرى، من ضمنها بنك نوريدا ودانسكي، وأثرياء، بمن فيهم جورج سوروس وبيل غيتس، على سحب استثماراتهم من الشركات التي تستهدفها المقاطعة.
كان لحملات المقاطعة أثرها الكبير على الشركات الإسرائيلية، حيث قامت سنة 2011 شركة "أجريكسكو" Agrexco، التي كانت أكبر شركة تصدير زراعي إسرائيلية، بتصفية نفسها بعد حملة مقاطعة ضخمة ضدها، حيث اضطر المزارعون إلى تصدير منتجاتهم من خلال شركات أخرى. كما اضطرت شركة "صودا ستريم" إلى وقف أعمالها في المستعمرات الإسرائيلية، وجميعها غير قانوني، بعد أن أدّت حملات المقاطعة ضدّها إلى إزالة الموردين لبضائع الشركة من رفوفهم.
وقال منسق اللجنة الوطنية لمقاطعة إسرائيل محمود نواجعة، الشهر الماضي، إن "هناك لائحة سوداء في الأمم المتحدة تتضمن 150 شركة تتعامل مع المستوطنات ننتظر صدورها"، موضحا أن جزءاً كبيراً من هذه الشركات له مشاريع إنشائية في الدول العربية وأعلن ثالث أكبر صندوق استثماري للمعاشات التقاعدية في الدنمارك، "سامبنسيون"، الشهر الماضي، إقصاءه أربع شركات متداولة علناً من سنداته بسبب عملها في المستعمرات الإسرائيلية.
وطاول الإقصاء المصرفين الإسرائيليين، "هابوعاليم" و"لئومي"، وشركة البناء الألمانية العملاقة، "هايدلبرغ سيمنت"، فضلاً عن أكبر شركة اتصالات إسرائيلية، "بيزك"، والتي تمتلك معدات اتصالات سلكية ولاسلكية مثبتة في المستعمرات المقامة على الأراضي المحتلة منذ عام 1967.كذا، أعلنت شبكة دعم فلسطين في أستراليا، الشهر الماضي، أن خدمة الإسعاف الجوي الملكي الأسترالي قد أكدت لها عدم تعاقدها أو تعاملها مع شركة "إلبيت" (Elbit) الإسرائيلية المعروفة بتصنيع الطائرات بدون طيار وغيرها من الأسلحة والمعدات التي يستخدمها جيش الاحتلال الإسرائيلي في جدار الفصل العنصري والمستعمرات.
العربي الجديد