رام الله الإخباري
يشهد الجنوب السوري مؤخرا، عودة طوعية للاجئين من الأردن وصفها سكان بالجنوب السوري بـ"الكبيرة"، فيما أقرت المفوضية التي لا تشجع عليها اللاجئين، بارتفاعها باعتبارها غير "آمنة" لأنها تتم إلى مناطق داخل سورية وما تزال تشكل مخاطر كبيرة على المدنيين.
وبدأ اللاجئون السوريون بالعودة بأعداد كبيرة نسبيا في الأشهر الأخيرة إلى الجنوب السوري، بعد أن شهد هدوءا أفرزه اتفاق لوقف إطلاق النار، جرى التوصل له في عمان في السابع من آب (أغسطس) الماضي بين كل من الأردن والولايات المتحدة الأميركية وروسيا، ثم تطور إلى اتفاق بين ذات الدول لمنطقة خفض تصعيد في 11 الشهر الحالي.
وبحسب المفوضية العليا لشؤون اللاجئين فإن عدد اللاجئين الذين عادوا خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة ارتفع ليصل إلى معدل 1000 لاجئ شهريا، مقارنة بالنصف الأول من العام الحالي والذي شهد عودة حوالي 1.700 لاجئ.
ويؤكد سكان في الجنوب أن دخول فصل الشتاء يحول دون عودة أغلب أقاربهم إلى قراهم، التي تسيطر عليها المعارضة، لأن معظم منازلهم مدمرة ولا تمكنهم من العودة إليها ومواجهة برد الشتاء القارس.
وكانت عودة اللاجئين الطوعية تخضع منذ بداية الأزمة السورية لظروف خاصة، لها علاقة بالأمن، بالإضافة إلى حالات لم الشمل بسبب صعوبة انضمام العائلات لبعضها البعض خاصة الأطفال، سيما وأن بعض العائلات انقسمت على شقي الحدود، ما كان يساهم في تخفيض حجم هذه العودة، بيد أن لاجئين يؤكدون أن هذه الشروط تم تخفيفها مؤخرا، ما ساهم في ارتفاع أعداد العائدين.
وبإمكان أي عائلة سورية لاجئة في أي مكان بالمملكة وراغبة بالعودة التقدم بطلب عودة على مسؤوليتها إلى مكتب خاص بالعودة في مخيم الزعتري، حيث يتم عمل الإجراءات اللازمة لذلك، وإبلاغ المفوضية العليا للاجئين لسحب بطاقات التسجيل منها كلاجئين".
وتقوم السلطات فيما بعد وبحسب ما قال لاجئون بنقل الراغبين بالعودة وفق جدول زمني إلى مربع السرحان ومنه إلى معبر نصيب الإنساني، حيث يتم تسليمهم إلى ممثلين عن فصائل المعارضة".
وكانت كل من الأردن والولايات المتحدة الأميركية وروسيا قد توصلوا في السابع من الشهر الماضي لاتفاق هدنة لوقف إطلاق النار في الجنوب الغربي السوري، ودخل حيز التنفيذ في الحادي عشر من الشهر ذاته، ليتطور لاحقا إلى اتفاق منطقة خفض تصعيد.
وبحسب المتحدث الرسمي باسم مفوضية اللاجئين في الأردن محمد الحواري فإن شهر تشرین الأول (أكتوبر)، شهد عودة 750 لاجئا من الأردن إلی سوریة، و1,078 عائدا طوعيا في شهر أيلول (سبتمبر)، و1203 في آب (أغسطس)، وهو ما يزيد بالفعل مقارنة بالأشهر الستة الأولی من العام عندما عاد 1,700 لاجئ طوعي إلى سورية.
وأضاف الحواري لصحيفة الغد الأردنية أنه على الرغم من الزيادة، في الأرقام المطلقة، إلا أنها ما تزال أرقاما صغيرة جدا بالنسبة لأعداد اللاجئين إذ تساوي من 0.2 ٪ من إجمالي اللاجئين السوريين في المملكة.
وشدد على أن المفوضية من جانبها تحاول جاهدة أن تحرص على أن يكون خيار العودة هو بمحض الإرادة، بدون أي ضغوط، وتقدم هي من جانبها النصح بعدم العودة بسبب خشيتها من عدم استقرار الأوضاع هناك وخطورة العودة.
وقال إن المفوضية تعتبر أن ظروف عودة اللاجئين في أمان وكرامة ليست ممكنة بعد في سورية، وبالتالي لا تسهل أو تعزز العودة، إذ ما تزال هناك مخاطر كبيرة على المدنيين داخل سورية.
وقال الحواري إن ربط التغییرات الجاریة في الداخل السوري وحرکة عودة اللاجئین في هذا الوقت يعتبر من السابق لأوانه، فتحسن الأمن ليس كل ما يهم بالنسبة للعودة، إلا أن هناك العديد من الأسباب الأخرى التي يجب مراعاتها، مثل لم شمل الأسرة وهو السبب الرئيسي الذي ذكره اللاجئون العائدون من الأردن إلى سورية، بالإضافة الى الضغط الاقتصادي.
وأوضح أن المفوضية تقوم بنصح اللاجئين بشكل مستمر حتى يتسنى لهم اتخاذ قرارات صحيحة. ويستقبل الأردن قرابة 660 ألف لاجئ سوري مسجل منهم 180 ألفا داخل المخيمات أما الـ 80 % الباقية فيسكنون المناطق الحضرية خارج المخيمات.وتشير الأرقام الرسمية في المملكة إلى أن أكثر من 850 ألف سوري يقيمون في المملكة غير مسجلين كلاجئين.
من جانبه وصف الناشط السوري المعارض والذي يقيم في الجنوب باسل المفعلاني حركة العودة الطوعية للاجئين بـ"الكبيرة"، معللا ذلك بالهدوء النسبي الذي يعمّ معظم مناطق المعارضة.
وأضاف مفعلاني للصحيفة الأردنية أن اللاجئين يعودون فقط إلى مناطق المعارضة، فيما اللاجئون من أبناء المناطق التي ما تزال تحت سيطرة الجيش السوري والمليشيات الموالية له، لا يستطعيون العودة ولا يفكرون بها خشية تعرضهم للسجن أو التجنيد الإجباري في صفوف الجيش أو المليشيات.
بيد أن مفعلاني قال إن بعض هؤلاء يعود إلى مناطق المعارضة إذا توفر له منزل من قبل أقارب له يقطنون في هذه المناطق.ويشير مفعلاني إلى أن "معظم البيوت التي يعود لها اللاجئون تعرضت إما لدمار كلي أو جزئي، موضحا أنهم يلجأون إلى ترميم غرفة في البداية للإقامة فيها".
ويؤكد الناشط الإعلامي السوري أبو سراج اللجاة، والذي يقيم في الجنوب السوري لـ"الغد" أن العودة كانت كبيرة في الأشهر الأخيرة، بعد توقيع اتفاق عمان، بيد أنها خفت قليلا في الأيام الأخيرة بسبب دخول البرد، الذي أجبر معظم اللاجئين في الأردن على التفكير في كيفية مواجهة الشتاء والبرد في منازل مهدمة، وأسعار محروقات باهظة.
وأوضح أن معظم اللاجئين في الأردن يفكرون بالعودة غير أنهم سيؤجلون العودة إلى ما بعد انقضاء الشتاء، متوقعا أن ترتفع الحركة مع بداية الصيف المقبل.
أما الناشط الإعلامي السوري منير قداح فيؤكد أن الأسر العائدة التي تزايدت بشكل ملفت في الأشهر الثلاثة الأخيرة فتتحدث عن الراحة النفسية بالعودة رغم الظروف الاقتصادية الصعبة، مشيرا إلى أنهم يحاولون قهر هذه الظروف والعيش بزراعة الأرض. ويقول قداح إن اللاجئين يواجهون صعوبات بالعودة، حيث المساكن المدمرة والأوضاع المادية الصعبة في إصلاح المنازل، مشيرا إلى أنهم يقومون بترميم غرفة أو أكثر لإيواء أطفالهم، مع حلول البرد لقلة موارد التدفئة وغلاء أسعارها.
صحيفة الغد