رام الله الإخباري
"تعبنا في خطونا، وأرهقتنا الحدود والظروف، استنزفت القلوب والأرواح؛ ولكن في النهاية الحب ينتصر" كلمات عفوية خرجت من الشاب حسن الهبيل من مدينة غزة فور لقاءه خطيبته ابتهال العصا على معبر رفح الحدودي جنوب قطاع غزة.
وامتزجت مشاعر الشوق والحنين من قبل العروسين لبعضهما؛ خاصةً وأن اللقاء جاء بعد يأس وانفصال لكليهما دام ثلاثة أعوام إثر رفض الاحتلال الإسرائيلي لهما بحجّة المنع الأمني.
وأعادت السلطات المصرية فتح المعبر لمدة ثلاثة أيام بدءًا من السبت الماضي، وكان المعبر الذي تُغلقه مصر بشكلٍ شبه كُلي منذ عام 2013 يُدار من وزارة الداخلية في غزة، لكنه فتح هذه المرة بإدارة السلطة الفلسطينية بعد تسلمها معابر القطاع ووزاراته إثر اتفاق مع حركة حماس.
ظروف معقّدة
مرّ العروسان حسن وابتهال بظروف معقدة جدًا جراء الحصار الإسرائيلي المشدد لقطاع غزة، إذ شكل المنع الإسرائيلي لكليهما عقبةً حقيقية من الالتقاء وإتمام مراسم الزواج.
ويقول الشاب حسن الهبيل (26 عاما) إن التجربة التي مرّ بها طيلة 3 أعوام للقاء خطيبته أشبه "بالكابوس"، أتمنى ألاّ يمر بها أي إنسان يسعى للقاء أهله وأحبته.
وغادر الشاب حسن القطاع عام 2011 للالتحاق بمنحة تعليمية بجامعة "بيرزيت" بالضفة المحتلة، وبعد أن تخرّج في أوائل عام 2015 تعرّف على الشابة ابتهال العصا وهي من مدينة بيت لحم -خريجة جامعية من كلية الطب- وعقد قرانه عليها، ثم غادر الضفة للعودة إلى أهله بالقطاع للتجهيز لمراسم الزواج واستقبال خطيبته؛ لكن الاحتلال رفض مغادرتها الضفة.
ويوضح الهبيل أن هذا الرفض دفعه للعودة إلى الضفة للزواج بها في مدينتها بيت لحم؛ لكنه اصطدم بذات الرفض الأمني من قبل الاحتلال وعدم السماح له بالسفر عبر حاجز بيت حانون "إيرز".
ولم ييأس الشاب الهبيل عند ذلك المنع، إذ تقدّم بطلب إلى السلطات المصرية للسفر عبر معبر رفح؛ لكنه قوبل برفض أمني، بالإضافة إلى الإغلاق شبه الدائم للمعبر؛ الأمر الذي دفع الشابين لاتخاذ قرار الانفصال في شهر أبريل من العام الجاري.
قرار الانفصال
"لكل من عرفنا فأحبنا وأحبّ حبّنا، نعلن لكم انفصالنا أنا وطيبة الذكر كريمة الخُلق جميلة القلب الحبيبة ابتهال جمال العصا، بعد أن حال منع الاحتلال والمصريين بيننا".
وأحدث هذا المنشور الذي كتبه الشاب حسن الهبيل على صفحته عبر موقع الفيس بوك في شهر ابريل الماضي ضجة كبيرة من قبل رواد التواصل الاجتماعي وحقوقيين.
ويلفت الهبيل إلى أنه تواصل معه عبر "الفيس بوك" ناشطون من مؤسسة "هموكيد" و"مسلك" بمدينة القدس المحتلة، وهما مؤسستان حقوقيتان وتعنيان في مساعدة الفلسطينيين على السفر وتخطي الحواجز الإسرائيلية.
ويضيف "تواصل معي محامون، وقدّموا لي المشورة والمساعدة في الالتقاء بخطيبتي، عبر استعداد مؤسسة هموكيد برفع دعوة قضائية ضد منع الاحتلال للشابة ابتهال العصا من السفر".
وشكّلت هذه المساعدة دفعة معنوية للعروسين للعودة عن قرار الانفصال وإكمال طريقهما للزواج، وكسبت مؤسسة "هموكيد" القضية في المحاكم الإسرائيلية وأسقط المنع الأمني في شهر أغسطس الماضي؛ ليسمح للشابة ابتهال بالسفر إلى قطاع غزة.
لقاء الروح
انتظرت الشابة ابتهال العصا منذ أغسطس الماضي معبر رفح بفتح أبوابه والسماح بمرور العالقين من خلاله، حتى سافرت والتقت بخطيبها حسن.
وبسعادة كبيرة يقول الشاب حسن "الحمد لله أن جمع الله بيننا بعد شقاء وتعب كبير؛ يجب ألاّ نستسلم وأن نرضخ للاحتلال الإسرائيلي.. دائماً الأمل بالله هو ما نتمسك به للبقاء على قيد هذه الحياة".
ويتجهّز العروسان حسن وابتهال للزفاف بداية شهر ديسمبر المقبل، وسط أجواء وفرحة عارمة تملأ منزل الشاب حسن في مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة.
ويبعث الشاب حسن رسالة إلى الشعب الفلسطيني أنه بالكفاح والمثابرة يمكن للكثير من الحالات الإنسانية المشابهة له أن تتغلب على الاحتلال الإسرائيلي، داعياً الجميع "ألاّ ييأسوا وأن ينتصروا لأنفسهم ولمن يحبون".
وكالة صفا