شدد مجلس الوزراء خلال جلسته الأسبوعية التي عقدها في مدينة رام الله اليوم الثلاثاء، برئاسة الدكتور رامي الحمدالله رئيس الوزراء، على أهمية تمكين الحكومة من بسط سيطرتها وسيادتها الكاملة على جميع المعابر في قطاع غزة، وأكد رئيس الوزراء على أنه لا يمكن للمعابر أن تعمل دون أمن كما هو عليه الحال لغاية اللحظة، ودون سيطرة فعلية للأجهزة الأمنية فيها، وأن الحكومة لن تتمكن من النجاح دون حلول واضحة فعلية للملف الأمني، داعياً الفصائل التي ستجتمع في القاهرة في الحادي والعشرين من الشهر الجاري إلى الإسراع في حل هذا الملف، ومشدداً على أهمية هذه الخطوة على طريق تحقيق المصالحة وتطبيق الاتفاق كاملاً.
وأشار المجلس إلى أهمية حماية هذا الإنجاز الذي يسحب الذرائع الإسرائيلية باستمرار الحصار المفروض على القطاع، والتضييق على أبناء شعبنا فيه، من خلال ممارسة أبسط حقوقهم الإنسانية في حرية الحركة والتمكن من الدخول إلى قطاع غزة والخروج منه. ودعا المجلس الحكومة الإسرائيلية إلى رفع حصارها وقيودها عن القطاع فوراً، وتسهيل إدخال مواد البناء للعمل بشكل سريع وفعال وسلس لإعادة إعمار القطاع، وتسهيل حرية حركة مرور البضائع والأفراد من خلال المعابر كافة، وفتح معبر المنطار (كارني) لتمكين مدينة غزة الصناعية من تصدير منتجاتها بسهولة كما كان الحال سابقاً، ورفع القيود عن قوائم السلع الممنوعة، والتي كان لها آثار خطيرة على الاقتصاد والقطاعات التنموية المختلفة، وهو ما سيمكن الحكومة من منع عمليات التجارة غير المشروعة، ووقف عمليات التهريب، وتعزيز الإيرادات للخزينة العامة، بالإضافة إلى أنه سيمكّنها من الوفاء بالتزاماتها تجاه أهلنا في قطاع غزة أسوةً بأبناء شعبنا في الضفة الغربية، وكذلك ضرورة تعزيز وتسهيل النقل والتجارة مع العمق العربي من خلال الشقيقة الكبرى مصر، لما لذلك من آثار كبيرة للتخفيف عن أبناء شعبنا في القطاع. وأكد المجلس على أن الحكومة قررت إلغاء جميع الرسوم والضرائب والجبايات غير القانونية التي كانت تجبى والمعمول بها في قطاع غزة قبيل إعمال المصالحة، وتوحيد الرسوم والضرائب التي تجبيها مختلف الدوائر الحكومية استناداً إلى القوانين والأنظمة السارية من خلال وزارة المالية والتخطيط فقط.
وأطلع رئيس الوزراء، المجلس على نتائج اجتماع اللجنة القانونية الإدارية التي شكلتها الحكومة لبحث القضايا المدنية والإدارية الناجمة عن الانقسام، واستعرض الخطط والآليات لإنجاز هذا الملف، وشدد المجلس على أهمية تنفيذ المصالحة الوطنية على أرض الواقع، وإنجاز كافة الملفات التي تم الاتفاق عليها وفق الأنظمة والقوانين المعمول بها والجدول الزمني، وبما سيساهم في النهوض بمختلف القطاعات التي تمس احتياجات المواطنين في قطاع غزة، وذلك للتخفيف من معاناتهم وتحسين ظروفهم المعيشية خاصة في ظل الحصار الإسرائيلي المفروض والمستمر منذ أكثر من 10 أعوام. وفي هذا السياق قرر المجلس تكليف رؤساء الدوائر الحكومية بفتح باب التسجيل لحصر أسماء وبيانات كافة الموظفين الذين كانوا على رأس عملهم حتى تاريخ 14/06/2007م، وتحديد من بقي منهم على رأس عمله بعد هذا التاريخ، ومن التزم منهم بعدم ممارسة مهامه مُنذ ذلك الحين، ودرجاتهم الوظيفية ومؤهلاتهم العلمية، بحيث تستمر عملية تسجيل أسماء الموظفين وبياناتهم من صباح يوم الأحد الموافق 12/11/2017م، وحتى نهاية دوام يوم الأربعاء 22/11/2017م، وتزويد اللجنة القانونية الإدارية لمعالجة القضايا المدنية والإدارية الناجمة عن الإنقسام بكافة الأسماء والبيانات التي يتم حصرها من خلال عملية التسجيل بانتهاء الموعد المحدد للتسجيل في هذا القرار.
وفي سياقٍ آخر، أدان المجلس الخطة الإسرائيلية الجديدة القاضية بتشديد الخناق وعزل المدينة المقدسة عن محيطها الفلسطيني الطبيعي من خلال نصب منصات حديدية، وكاميرات تصوير حديثة، ومراكز تفتيش في البلدة القديمة في القدس، بالإضافة إلى نشر المزيد من جنود الاحتلال وتحويل المدينة إلى ثكنة عسكرية. وأكد المجلس أن قوة الاحتلال لا تبطل حقاً ولا تحق باطلاً، وأن هذه الإجراءات التي تفرضها إسرائيل السلطة القائمة بالاحتلال على المدينة المقدسة والمسجد الأقصى، ضمن حملتها الانتقامية رداً على ملحمة الصمود التي سطرها أبناء المدينة المقدسة، ستبوء بالفشل كما باءت كل الإجراءات القمعية التي استخدمها الاحتلال خلال الهبة الشعبية التي واجهها أبناء شعبنا بكل عزة وشموخ وإباء، وسطروا أروع نماذج الصمود والتضحية والفداء أمام محاولات تهويدها وكسر روحها وتغيير معالمها وهويتها الثقافية والحضارية العربية الإسلامية الخالدة.
واستنكر المجلس تصريحات رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بخصوص النماذج التي يدرسها لشكل الدولة الفلسطينية المستقبلية. وأكد المجلس أن دولة فلسطين التي يتطلع إليها شعبنا ليست هبة ينتظرها من حكومة الاحتلال، وإنما سيحققها بصموده الأسطوري الذي سطره أمام كل المحن والنكبات، وهي معجزة تبعث على الفخر والاعتزاز، وتزيدنا إصراراً وتصميماً، مع تعاقب الأجيال بكل ما تنطوي عليه الروح الفلسطينية من إرادة وعزم وتصميم على التخلص من الاحتلال ونيل الحرية والاستقلال وكامل الحقوق الوطنية المشروعة، وأن النموذج الذي لن يرضى شعبنا بغيره هو بتجسيد دولة فلسطين المستقلة كاملة السيادة على حدود عام 1967 في الضفة الغربية وقطاع غزة وفي القلب منها عاصمتنا الأبدية القدس الشرقية.
كما استنكر المجلس تصريحات رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي والتي وصف فيها الموقف الفلسطيني المعارض لبقاء مستوطنين في إطار الدولة الفلسطينية المستقبلية، وزعمه بأن هذا الموقف ينطوي على "التطهير العرقي"، وأن العديد من المواطنين العرب يعيشون في إسرائيل. وشدد المجلس على أن هذا التضليل والخداع والافتراءات وتزوير الرواية التاريخية، لن يغير من حقيقة أن المستوطنين قد استولوا بتشجيع من الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة بقوة السلاح على أراض محتلة، وأقاموا المستعمرات الكولونيالية الاستيطانية عليها، ويرتكبون يومياً جرائمهم واعتداءاتهم على الشعب الفلسطيني وأرضه وممتلكاته، وأن إخلاء هذه المستوطنات إنما هو مصير المستوطنين والمستعمرين الذين استولوا على أراضي الغير بالقوة، مؤكداً أن إسرائيل قد مارست أبشع عملية تطهير عرقي في التاريخ بمسؤوليتها الكاملة عن النكبة التي حلت بشعبنا الفلسطيني عام 1948، وما صاحبها من اقتلاع وتشريد من أرض وطنه، وتدمير مدنه وقراه لتقام إسرائيل على أنقاضها، وأن أهلنا في الداخل المحتل يعيشون في أرض وطنهم التي ولدوا وترعرعوا عليها، في ظل أبشع السياسات العنصرية والاضطهاد والتمييز.
وأعرب المجلس عن رفضه التام وإدانته لاحتجاز جثامين خمسة من شهداء العدوان الإسرائيلي الأخير على نفق في قطاع غزة، وذلك إمعاناً من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلية في الانتقام منهم ومن عائلاتهم، وطالب المجلس حكومة الاحتلال بالتوقف عن سياسة الابتزاز والمساومة في القضايا الإنسانية، مشدداً الحرص على متابعة هذا الملف بأبعاده السياسية والقانونية والإنسانية والأخلاقية في كافة المحافل الدولية، وبما يمكن من حشد رأي عام ودولي ضاغط لوضع إسرائيل أمام مسؤولياتها المحددة وفقاً للقانون الدولي الإنساني واتفاقية جنيف، وصولاً إلى استرداد جثامين الشهداء كافة، والذي يعتبر استمرار إسرائيل باحتجازها ليس مجرد انتهاك للقوانين والاتفاقيات، وإنما جريمة ضد الإنسانية ينبغي أن تعاقب عليها.
وفي سياقٍ آخر، رحب المجلس بمصادقة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) في المؤتمر العام لها من خلال لجنة التربية، على قرار يقضي بمتابعة دعمها لقطاع التعليم في فلسطين، والاستمرار بمواجهة الإجراءات والعقبات التي يضعها الاحتلال أمام المؤسسات التربوية والثقافية، واتخاذ إجراءات حاسمة لحماية تلك المؤسسات. ووجه المجلس الشكر والتقدير لممثلي "75" دولة انتصرت لفلسطين وفي مقدمتها الدول العربية والإسكندنافية وعدد من الدول الإسلامية الكبرى، والدول الأوروبية الحرة، كما قدم المجلس شكره لفريق دولة فلسطين في المنظمة الدولية.
من جهة أخرى، أشاد المجلس بإطلاق "استراتيجية رام الله المنيعة 2050" التي أطلقها رئيس الوزراء، وهي الأولى على مستوى الوطن والثالثة عربياً، والرابعة والثلاثون عالمياً ضمن شبكة 100 مدينة منيعة، والتي تعد إطاراً علمياً وعملياً للتخطيط طويل الأمد لتعزيز مكانة البلديات في التصدي للضغوطات، وكأساس للتعاون بين الشركاء في القطاعين الخاص والعام، للتعامل مع الأزمات المرورية والاجتماعية والسكانية ودعم الفئات المهمشة ومواجهة أخطار الطبيعة، وهي أيضاً تضع فلسطين في موقع متقدم بين دول العالم من حيث بلورة وتنفيذ سبل مناعة وصمود المدن والسير صوب التنمية المنشودة. وتقدم المجلس بالشكر لبلدية رام الله على مبادراتها وجهودها الحيوية، ليس فقط لضمان اللحاق بركب التطورات العالمية المتسارعة. بل، لتعزيز منعة "رام الله ومحيطها" ومرونتها وجاهزيتها في التصدي لمخاطر الكوارث الطبيعية والبيئية وتحديات التحضر وضمان مستقبل آمن ومستدام للجميع، وهو ما يكرس حضور بلدية رام الله بين بلديات ومدن العالم، ومد علاقات التعاون مع المؤسسات المحلية الشريكة لتقديم خدمات نوعية للمواطنين، ودعا المجلس كافة المؤسسات ذات العلاقة بالعمل الوثيق مع البلدية لخروج هذه الاستراتيجية إلى حيز التنفيذ الفعلي.
وتقدم المجلس بالتهنئة إلى وزارة الاقتصاد الوطني بمناسبة حصول دولة فلسطين على المرتبة (114) حسب تقرير البنك الدولي "ممارسة أنشطة الأعمال 2018"، محرزةً بذلك التقدم الأكبر في تاريخ التقرير والمتمثل بـِ (26) مرتبة دفعة واحدة من (140 إلى 114) في عام واحد، حيث جاءت في المركز العاشر عربياً، وأحرزت النمو الأعلى في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا في العام 2018، وهذا ناتج عن العمل الدؤوب في تطبيق القوانين والآليات اللازمة لتمكين المنشآت الصغيرة والمتوسطة للوصول إلى التمويل من خلال تفعيل سجل المال المنقول واللجان الخاصة بتطوير بنية الأعمال في إطار جهود الحكومة لتطوير بيئة الأعمال في فلسطين وتطوير الاقتصاد الوطني وتوفير البيئة التي تساهم في تعزيز وتنمية القطاع الخاص. كما تقدم المجلس بالتهنئة إلى وزارة الاقتصاد الوطني بمناسبة حصولها على جائزة الرئيس للوكالة اليابانية للتعاون الدولي "جايكا" السنوية للتميز، تتويجاً لنجاح دولة فلسطين في إنجاز مشروع مدينة أريحا الصناعية الزراعية الريادي، الذي يعتبر من المشاريع الاستراتيجية التي نفذتها الحكومة، ودعم لجذب الاستثمار وتطوير الاقتصاد الفلسطيني وخلق فرص عمل.
وتقدم المجلس بالتهنئة إلى رئيس وأطباء وجميع العاملين في جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني بمناسبة فوز الجمعية بعضوية مجلس إدارة الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر. وأكد المجلس أن هذا الفوز لفلسطين هو إقرار من المجتمع الدولي بالجهود الإنسانية المتميزة التي يبذلها الهلال الأحمر الفلسطيني على جميع المستويات الوطنية والإقليمية والدولية.
كما تقدم المجلس بالتهنئة إلى جامعة القدس المفتوحة بمناسبة حصول فلسطين على جائزة المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم "الالكسو" للتطبيقات الجوالة لعام 2017 من خلال تطبيق مميز في الجوال عن مدينة القدس.
وعلى صعيدٍ آخر، دعا المجلس أبناء شعبنا الفلسطيني في الوطن والشتات إلى المشاركة الواسعة لإحياء الذكرى الثالثة عشرة لاستشهاد الرئيس الراحل ياسر عرفات. وشدد المجلس على أن حكاية ياسر عرفات، تتجسد اليوم في إصرار شعبنا على الالتفاف الشعبي حول منظمة التحرير والمبادئ التي أسس لها الرئيس الراحل، وكذلك الاستمرار في مواصلة الكفاح والبناء، لإكمال فصول هذه الحكاية بانتزاع الحرية والاستقلال، وتكريس السيادة الوطنية على أرض دولة فلسطين المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشريف.
وفي هذه المناسبة أكد المجلس على أن مواصلة طريق البناء والمراكمة على ما أُنجز في استنهاض عناصر القوة والمنعة، وتوفير مقومات الصمود لشعبنا، يظل رغم كل الصعاب والتحديات التي تعترضنا وستعترضنا، الطريق الأقصر لتحقيق أهدافنا الوطنية، وتحويل الإجماع الدولي إزاء جدارتنا وجاهزيتنا إلى إجماع شامل لتجسيد دولة فلسطين كاملة السيادة على الأرض. وأوضح المجلس أن المسؤولية الملقاة على عاتق المجتمع الدولي لا تعفينا من ضرورة الاستمرار في أداء مهامنا وتعزيز قدراتنا لتحقيق المزيد من الاعتماد على الذات، وبما يمكننا، من تنمية القدرة على الصمود في معركة الاستقلال الوطني، وعلى درب انتزاع الإقرار الدولي الفعلي بحقوقنا. ودعا المجلس إلى اعتبار الذكرى السنوية الثالثة عشرة لاستشهاد القائد الرمز ياسر عرفات يوم السبت الموافق 11/11/2017، بمثابة يوم وطني لكل أبناء شعبنا في كافة أماكن تواجده، لتعزيز صموده ووحدته الوطنية، ورسالة فلسطينية موجهة إلى العالم أجمع بإصرارنا على الخلاص من الاحتلال، وعلى حقنا في تجسيد تطلعاتنا في الحرية والاستقلال والعودة، وتحقيق الحلم الفلسطيني الذي استشهد القائد الرمز من أجل تحقيقه. ودعا المجلس كافة أبناء شعبنا في جميع أماكن تواجده، إلى المشاركة الفاعلة والواسعة في الفعاليات التي ستقام بهذه الذكرى الخالدة.
وتوجه المجلس بالتهنئة من أبناء شعبنا في الوطن والشتات بمناسبة قرب حلول ذكرى إعلان الاستقلال، معرباً عن أمنياته بأن يعيد الله علينا هذه الذكرى، وقد تحققت أماني شعبنا وتطلعاته في نيل حريته واستقلاله، وقرر المجلس بهذه المناسبة اعتبار يوم الأربعاء الموافق 15/11/2017 عطلة رسمية.
وقرر المجلس إحالة مشروع النظام المالي لدعم صمود المقدسيين إلى أعضاء مجلس الوزراء لدراسته وإبداء الملاحظات بشأنه، تمهيداً لعرضه على مجلس الوزراء في جلسة مقبلة واتخاذ المقتضى المناسب.