رام الله الإخباري
لم يكن الوصول إلى أحد أفراد عائلة الرضيع المتوفي محمد الرواغ للحصول على تفاصيل الحادثة سهلاً، السائق الذي أقلنا قال لنا عند نهاية الطريق، "مش بالساهل تصلوا لمعلومة" ، في بداية الأمر لم نأخذ في تحذيرات السائق الذي صادف أنه "ابن المنطقة"، وذلك لضرورة الحصول على تفاصيل المصيبة من أصحابها، إلا أن الجواب المبطن الذي قاله أحد المقربين من العائلة عند سؤاله، " لم يحصل شيء" دفعنا للإحتياط .
توجهنا إلى أحد جيران العائلة الذي آثر أن يروي لنا تفاصيل الحادثة بعد الرفض "المحلى" الذي قوبلنا به من العائلة، بعيداً عن المنزل بأمتار، الجار الذي فضل عدم ذكر اسمه بدأ حديثه أثناء سيرنا للجلوس قرب منزله قائلاً : "والد طفل طارق الرواغ يعاني من حالة نفسية ويخضع حالياً للعلاج في مصحة نفسية وهو أب لطفلين أخرين غير محمد الذي دخل البطاقة الشخصية لوالده منذ أربعة أيام وغادرها مسرعاً" .
جلسنا أمام النافذة الشرقية للمنزل الذي يطل على خيمة غداء فرح لأحد جيرانهم والذي ألقي منه الرضيع بعد انتهاء غداء الجيران مباشرة، شباك ضيق إلى حد ما لا يتسع لطفل أكبر من محمد في الحجم، تابع الجار حديثه، القصة أن والد الطفل وهو مدخن شره، محتفظ مع زوجته 40 " شيقل"، فراحت زوجته اشترت لابنها الرضيع ملابس فيهن بدون علمه.
ظهر اليوم، زفر الشاب أنفاسه وقال: " طلب أبو الطفل المصاري إلي احتفظ فيهن مع زوجته، فقالت له إنها شرت ملابس لطفلها فيهن" وبعد أن سمع هذه الكلمات، تابع الشاب حديثه بنبرة حزينة، شاط الوالد غضباً، وصرخ في زوجته، مين سمحلك، وعلى الفور انتزع محمد عن صدر أمه وقال لها هاد إلى شريتي اله أواعي ثم ألقاه من الشباك.
في اللحظة التي مثل فيها الشاب لنا مشهد سقوط الرضيع، احمرت عيناه واغرورقت بالدموع، وكتم صوته ثم قال والله لو قال لي أنا بده 100 "شيقل" لأعطيته وأنقذت هالرضيع، الله يكون بعون أمه كيف عاشت هالمشهد.
في الحقيقة، لا يمكن حتى السؤال عن شعور الأم حين راقبت القاء إبنها من الشباك، ولو تنبأت يوماً أنها ستشاهد حتف رضيعها الذي لم يجف الحليب من فمه بعينها، لشيدت بالحجارة نافذة الجحيم هذه، لكن، مرض زوجها الذي سلخ عنه عاطفة الأبوة حال دون أن تخطر الحادثة في أصعب خيالاتها.
النجاح الإخباري