رام الله الإخباري
تشير بيانات المحاكم الشرعية في فلسطين إلى أن نصف حالات الطلاق تتم قبل الزواج بين الخاطبين، وهو ما يعني أنها بين جيل الشباب، ويُرجع مختصون ذلك إلى عدة أسباب أبرزها وسائل التواصل الاجتماعي.
وتفيد بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني لعام 2016 إلى أن عدد عقود الزواج المسجلة بلغت في ذلك العام (49930) منها (30827) في الضفة الغربية المحتلة و(19103) في قطاع غزة.بينما سجلت المحاكم (8510) حالات طلاق في نفس الفترة منها (5165) في الضفة و(3345) في غزة، وبلغ معدل الطلاق قبل الدخول (51%) في الضفة و(43.1%) في غزة.
وتلفت البيانات إلى ارتفاع معدلات الطلاق عموما من 16% عام 2012 إلى نحو 20% في العام 2015، لكنها عاودت الانخفاض إلى نحو 17% عام 2016، ولكنها تبقى مرتفعة مقارنة بالأعوام السابقة.
أسباب رئيسة
ويقول الشيخ مهنا نعيم نجم- مستشار أسري في المحاكم الشرعية في جنين- إن نسبة الطلاق المسجلة لديه قبل الدخول أعلى منها بعده، وتنحصر في جيل الشباب دون الثلاثين.
ويرى الشيخ نجم، في حديثه لوكالة صفا المحلية أن خمسة أسباب رئيسة تدفع الخاطبين للانفصال قبل الزفاف أبرزها سوء استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.
ويضيف "هذا الأمر يدفع بعض الأزواج إلى الشك في الطرف الآخر، أو تحليل ما يَنشُرهُ على المواقع إلى غير المقصود، وبالتالي إثارة مشاكل لا وجود لها".ومن بين الأسباب، وفق نجم، انعدام الحوار بين الزوجين واعتبار الحياة الزوجية ساحة معركة، "وأن الأوامر فيها عسكرية سريعة لا نقاش فيها".
كما أن التدخل السلبي من الأهل والأصدقاء، وعدم قبول النصيحة أو المشاركة في برامج توعوية سواء في الإرشاد الأسري أو القانوني أسباب مهمة قد تؤدي إلى الطلاق.ويلفت نجم إلى أن غياب الكفاءة بالزواج، سواء بفارق العمر أو الدرجة العلمية أو بيئة الزوجين قبل الزواج قد تؤثر على استقرار بيت الزوجية.
ضبط استخدام "فيسبوك"
وفي نفس السياق، يدعو مدير محكمة جنين الشرعية القاضي عبد الله حرب إلى الانضباط في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي ولاسيما موقع "فيسبوك"، وضبط الاختلاط بين الرجال والنساء كأحد مسببات الطلاق.
ويرى أن التسرع في إجراء عقد الزواج، وعدم تحري معايير اختيار الشريك، والمغالاة في طلبات التجهيز للزواج، وضعف شخصية أحد الخاطبين، وتدخل الأهل، والتباين الثقافي، مشاكل قد تؤدي إلى الطلاق.ويحث حرب الشبان الراغبين بالزواج على اختيار الشريك بشكل جيد، ومراعاة الفوارق الاجتماعية والاقتصادية بين الخاطبين وأهلهما، والاتفاق على الاقتصاد في التجهيز للزواج، ومراعاة التدين، والحوار في حل المشكلات.
"رومانسية الدراما"
وترى الباحثة الحقوقية والناشطة النسوية المحامية غادة شديد أن من الأسباب المهمة أيضًا في ارتفاع حالات الطلاق "تأثير الدراما الدخيلة على مجتمعنا كالتركية والهندية".
وتقول شديد: "هذه الدراما تسبب تصورًا مغلوطًا لدى الطرفين عن الحياة الزوجية، وأنه يغلب عليها الطابع الرومانسي دون الالتفات لما يترتب على عقد الزواج من مسؤوليات".
وتلفت شديد- التي عملت في القضايا الأسرية لسنوات- إلى أن اختيار الشريك من خلال علاقة يتم نسجها عبر وسائل التواصل الاجتماعي (عالم افتراضي) يؤدي إلى الطلاق بمجرد ملامسة الواقع.
وكذلك فإن الإغراق في الطلبات المالية من الفتاة المعقود عليها تجاه العاقد، ومحاولة تقليد ومجاراة صديقاتها يقودها لطريق مغلق، وفق الناشطة النسوية.وتضيف "يتم التركيز على النواحي الشكلية في الزواج أكثر من المضامين، مثل القاعة وزينتها، وفستان الزفاف، وضيافة العرس ومسكة العروس، دون الأمور الجوهرية".
وترى شديد أن العادات والتقاليد لا تمنح فرصة للتعارف الكافي بين الخاطبين قبل العقد، كما أن بعض العائلات تتسرع في إعطاء الموافقة على الشريط دون التأني في ظروفه وأخلاقه.
وكالة صفا