ترقب لقرار الإفراج عن ملفات اغتيال كينيدي ومخاوف من دسّ أدلة تتهم زعيما خارجيا

ترقب لقرار الإفراج عن ملفات اغتيال كينيدي

رام الله الإخباري

هل يريد ترامب الكشف عن خبايا أشهر مؤامرة في التاريخ حقا أم أن هناك محاولة للتعمية على الأدلة ؟ تساؤل يثيره تقرير لصحيفة الغارديان البريطانية حول القرار الذي أصدره الرئيس الأميركي بالإفراج عن الوثائق المرتبطة باغتيال الرئيس الأسبق جون كنيدي، وهو القرار الذي ينتظره المؤمنون بنظرية المؤامرة ومنهم ترامب نفسه.

ويقول رون واشنطن وهو يمسك بمجلة تتضمن صوراً مروعة لتشريح جثة الرئيس الخامس والثلاثين للولايات المتحدة، إن "ما حدث بالنافذة (التي أطلق القاتل النار منها) ليس حقيقياً. ويضيف قائلا "كان الأمر مجرد خدعة. وهذا هو الدليل".

ويتولى واشنطن التحقيقات حول هذه القضية على مدار 27 عاماً ويأتي إلى ديلي بلازا وسط مدينة دالاس لبيع أدبيات نظريات المؤامرة إلى السياح خارج مخزن كتب مدرسة تكساس السابقة، التي تحولت حالياً إلى متحف للرئيس جون كينيدي.

وتم اغتيال جون كينيدي في 22 نوفمبر/تشرين الثاني 1963 على مسافة 15 متراً (50 قدماً) من المكان الذي كنا نقف به الجمعة 20 أكتوبر/تشرين الأول أسفل نافذة الطابق السادس التي أطلق منها لي هارفي أوزوالد النار- أو ربما لم يفعل- على الرئيس، وفقاً لوجهة النظر التي تؤيدها.

وأشار واشنطن إلى الهضبة العشبية المجاورة قائلاً "أؤمن بالحقيقة وتشير الأدلة إلى براءة أوزوالد. حاول أن تتفهم أن ما حدث بالنافذة كان مجرد خدعة للفت الأنظار بعيداً عن الشخص المسلح المختبئ خلف السياج".

وتقول الغارديان إنه من المتوقع أن يؤدي الإفراج الوشيك عن آلاف الوثائق المتعلقة بعملية الاغتيال إلى تسليط بعض الضوء على التحقيقات التي تجريها الحكومة الأميركية والعلاقات المحتملة بأوزوالد ورحلاته الخارجية، ومن بينها زيارته إلى مكسيكو سيتي عاصمة المكسيك قبل حادث الاغتيال بأسابيع قليلة.

وفِي عام 1992، أي بعد عام من قيام أوليفر ستون بإنتاج فيلمه بعنوان JFK الذي تناول دور أجهزة الاستخبارات الأميركية في هذه القضية، أصدر الكونغرس تعليمات بالإفراج عن الملفات من دار المحفوظات القومية في موعد لا يتجاوز 25 عاماً من تاريخه. وينقضي ذلك الموعد يوم الخميس القادم 26 أكتوبر/تشرين الأول 2017.

ستخيب آمالهم

وتم نشر آلاف الوثائق بالفعل عبر شبكة الإنترنت في شهر يوليو/تموز 2017؛ وينتظر المؤرخون والباحثون بشغف شديد هذه المجموعة الأخيرة. ومع ذلك، يمكن أن تخيب آمال أي شخص يرتقب كشفاً مذهلاً عن الحقائق.

ففي أغلب الظن، لن يتجاوز الأمر بعض المعلومات الأساسية والخلفيات التي قد تساعد على رسم صورة أكثر وضوحاً لإجراءات وأساليب ومعلومات الأطراف الرئيسية والوكالات الفاعلة مثل مكتب التحقيقات الفيدرالية ووكالة الاستخبارات المركزية.

وذكر آلان ديل، مسؤول العديد من مواقع الاغتيال الإلكترونية "نود الحصول على تفاصيل أكبر ترتبط بالأمور المتعلقة بحياة الرئيس كينيدي وتساعدنا على التعرف على خصومه والسبب وراء اعتباره خصماً للعناصر ذات النفوذ داخل مؤسسة الأمن القومي".

يضيف"لقد ركزنا كثيراً خلال العقود السابقة على التعرف على شخصية لي أوزوالد والجهات التي يرتبط بها والمؤامرة التي يعتقد أنه يشارك بها وما إذا كان هناك سبب يجعلنا نؤمن بإخفاء حقيقة قصته عنا طيلة هذه السنوات".

ويتابع قائلا: هذا المجتمع لا يؤمن كثيراً بالنزاهة والشفافية الحكومية في أفضل الأوقات، ناهيك عن الحكومة التي تماطل حتى اللحظة الأخيرة بشأن الكشف عن معلومات حول أحداث وقعت منذ 54 عاماً، رغم تعليمات الكونغرس بالكشف عنها في موعد غايته 25 عاماً.

ويقول دان هاردواي، الباحث ضمن اللجنة الأميركية للاغتيالات عام 1977 "إنهم يستدعون التشكك الذي يضمره أي شخص جاد بشأن التجربة التاريخية للولايات المتحدة، والتي أعتقد أنها أكثر خطورة من أي نظريات مؤامرة. فهناك علماء وباحثون جادون للغاية لديهم تساؤلات حقيقية، وهي تساؤلات يتعين الإجابة عليها ولابد أن تكون إجاباتها متوفرة ضمن السجلات".

"ومن خلال قمع كل تلك الأمور، يستدعون التشكك الذي لا يشوب التحقيقات في قضية كينيدي فحسب، بل يشوب وجهات النظر تجاه الحكومة. فالديمقراطية لا تصبح سوى مزحة إذا كانت تخضع لإدارة أشخاص لا يسمحون لنا بمعرفة ما يفعلونه؟"

صاحب الفضل

الجوكر في هذه القضية، حسب تعبير الغارديان، هو صاحب نظرية المؤامرة القابع بالمكتب البيضاوي أي دونالد ترامب الذي يحظى بسلطة الحفاظ على سرية الملفات لأسباب ترجع إلى الأمن القومي.

واستمد عمل ترامب السياسي نشاطه من خلال تأكيده المضلل على أن كينيا هي مسقط رأس باراك أوباما؛ ومن ثم، لا يصلح أن يكون رئيساً.

وفي مايو/آيار من العام الماضي 2016، زعم أن والد تيد كروز، المرشح الجمهوري المنافس له، قد شوهد مع أوزوالد قبيل مقتل كينيدي.

وقال ترامب في تغريدة له "سوف أسمح بصفتي رئيساً للولايات المتحدة ولحين تلقي معلومات أخرى بفتح ملفات جون كينيدي السرية التي طال حجبها."

وقد تكون تلك التغريدة قد فتحت الباب أمام وكالة الاستخبارات المركزية ومكتب التحقيقات الفيدرالية بأن تطالب ترامب بحجب بعض الملفات. ولم ترد هيئة المحفوظات القومية على طلب للتعليق.

فقد نقلت الغارديان عن ريكس برادفورد، رئيس مؤسسة ميري فيريل، التي تتولى إدارة المحفوظات الرقمية قائلا "تبدو تغريدة ترامب غير ملزمة.

ومن الواضح أن وكالة الاستخبارات المركزية تمارس ضغوطاً عليه كي يحجب بعض الملفات، ويشتمل ذلك على سبيل المثال لا الحصر على مراسلات وكالة الاستخبارات مع مجلس مراجعة سجلات الاغتيالات (التي تأسست عام 1992). واعتقد أن الوقت قد مضى على الكشف عن تلك السجلات بالكامل".

وذكر برادفورد أن الوثائق التي من غير المحتمل أن ترى النور تتضمن بعض السجلات الضريبية، مضيفاً "أشعر بالخوف أيضاً مما قد يتسرب وسط هذا الكم الهائل من الوثائق المحظورة، ومن بينها التقارير الهامة المتعلقة بمراقبة أوزوالد من قبل وكالة الاستخبارات في نيو مكسيكو، وقد تسلط تلك التقارير الضوء على ما يعتقده البعض بمثابة أدلة زائفة مزروعة تشير إلى تورط فيدل كاسترو(زعيم كوبا آنذاك) في القضية".

هل يوجد شخص مسلح آخر؟

كان هيو أينزورث، الصحفي بمجلة Dallas Morning News، هو الشخص الوحيد الذي شهد اغتيال كينيدي واعتقال أوزوالد ومصرعه على يد جاك روبي. فقد كرس معظم حياته للتحقيق في تلك الأحداث.

وأثناء تناول الطعام بأحد المطاعم المكسيكية التي تبعد ميلين شمال بلازا حيث اغتيل كنيدي، تنهد الصحفي البالغ من العمر 86 عاماً عند سؤاله عن النظريات المطروحة الأكثر تطرفاً.

وقال "لا يوجد شخص مسلح آخر. أنا متأكد من ذلك. من يود في هذا العالم أن يكشف عن القصة الحقيقية أكثر مني شخصياً؟. فقد كنت متورطاً في الأمر منذ اللحظة الأولى وفي كل خطوة من الخطوات".

وقال أينزورث أنه ربما تكون هذه هي المرحلة الأخيرة. فقد ساعدت وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت على تغذية الأفكار الغريبة. وأضاف أنه يتصفح موقع فيسبوك من حين لآخر.

واستطرد قائلاً "أرى بعض أغرب الأمور على ذلك الموقع. أمور كنت أظن أنها قد تم تسويتها خلال الستينيات، ولكنها تتكرر ثانية مع الجيل الجديد. ومن الممتع أن نؤمن بالمؤامرات".

ويعتقد أينزورث أن الحقيقة وراء التعتيم الرسمي مبتذلة. "إنها تلك اللعبة القديمة. انقذ نفسك. إنك تقترف الأخطاء على أمل ألا يلاحظك أحد؛ وإذا أمكنك التخلص من وثيقة أو اثنتين للتعتيم على خطئك، فإنك تفعل ذلك. إنه أمر مروع، ولكن هكذا تعمل الوكالات الحكومية في معظم البلدان تقريباً. إنه أمر متأصل في تكوينها. التغطية على الأمور وإنكارها".

وبالعودة إلى بلازا، بينما تسير السيارات بشارع إلم الذي وقعت به عملية اغتيال كينيدي، استمع آرثر رام، السائح البالغ من العمر 68 عاماً والقادم من نيوكاسل لحضور حفل موسيقي، إلى قصة واشنطن وتصفح المجلة وأخرج حافظة نقوده.

وقال "أعتقد أن هناك الكثير من الجدل فيما يتعلق بالأدلة ويبدو لي أن أوزوالد قد أُوقع في شرك. ومع ذلك، هناك مؤيدون ومعارضون، وعليك أن تجمع كل المعلومات ثم تتخذ قراراً. ولكني أعتقد أنه ربما قد خُدع".

هاف بوست عربي