رام الله الإخباري
تتعالى الأصوات في الولايات المتحدة الرافضة لمشروع القانون الذي يحرك بالكونغرس لتجريم ومعاقبة كل من يدعو لمقاطعة إسرائيل بسبب المشروع الاستيطاني ومواصلة احتلالها للأراضي العربية والفلسطينية.
وعقب مشروع القانون الذي يحرك بالكونغرس، إذ طالب المبادر إليه من سكان ولاية تكساس التي ضربها الأعصار دمارا، بالتوقيع على تعهد بعدم مقاطعة إسرائيل شريطة للحصول على التعويضات، أخذت تتسع الفعاليات المناهضة للسياسة الإسرائيلية.ويتزامن هذا الحراك مع ما نشر من معلومات مفادها أن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، وخلافا لما هو متبع لن يتحدث في مؤتمر الاتحاد اليهودي السنوي في أميركا الشمالية والذي سيعقد الشهر المقبل، ويأتي هذا النشر على وقع الخلافات المتزايدة بين الحكومة الإسرائيلية واليهود في الشتات.
ومنذ انتخابه الثاني رئيسا للحكومة في عام 2009، تحدث نتنياهو في المؤتمر كل عام، باستثناء عام 2011. وفي بعض الحالات، لم يصل إلى مكان الحادث، وألقيت كلماته على شريط فيديو أو بث مباشر.
وتقدر مصادر في الاتحاد اليهودي أن السبب الرئيسي لغياب رئيس الحكومة عن أهم حدث في المجتمع اليهودي في أمريكا الشمالية هو عدم استعداده للمشاركة مع الرئيس روفين ريفلين، الذي سيتكلم في هذا الحدث للمرة الأولى.وأثار ممثل رفيع المستوى من إحدى الحركات غير الحريدية إمكانية أن يكون السبب وراء الخطاب غير قائم على الصدع بين نتنياهو ويهود الشتات.ويعتقد المندوب أن نتنياهو أيقن أنه إذا كان سيحدث المؤتمر هذا العام، فإنه يمكن أن يكون أول رئيس حكومة إسرائيلي سيقابل بعد الترحاب والحفاوة بل بصراخ وشعارات مناهضة.
إلى ذلك، تسبب اشتراط دفع التعويضات للمتضررين من الأعاصير بأميركا بعدم مقاطعة إسرائيل بسجال وصل حتى الكونغرس الأميركي، وذلك في أعقاب مطالبة سكان الولاية التي تعاني من إعصار بعدم مقاطعة إسرائيل، قال المبادر للقانون إنه "إذا كنت مواطنا يريد المقاطعة، فهذا حقك"، فيما حذرت المنظمات اليهودية من أن التشريعات قد تكون ضارة بإسرائيل واليهود.
وقال النائب فيل كينغ الذي يمثل منطقة كبيرة في ولاية تكساس في المجلس التشريعي للولاية، أن القانون الذي بدأه في وقت سابق من هذا العام لا ينبغي أن يؤثر على المواطنين الخاصين، بل الشركات التي تسعى لتوقيع عقود مع ولاية تكساس. وأضاف "ما حدث في ديكنسون هو حادث، والسكان يتواجدون في وضع صعب للغاية بسبب الإعصار، لكنهم أساءوا تفسير هذا القانون".
وذكرت صحيفة "هآرتس" أنه طلب من السكان في مدينة ديكنسون، وكشرط للحصول على التعويضات للخسائر التي تكبدوا منها جراء الإعصار، طلب منهم التوقيع على وثيقة يتعهدون من خلالها عدم مقاطعة إسرائيل، وقد وافق المجلس التشريعي في تكساس على القانون الذي اقترحه النائب كينغ في نيسان/أبريل ودخل حيز التنفيذ في بداية أيلول/سبتمبر.
وينص القانون على أن الشركات التي تقاطع إسرائيل أو المستوطنات في الضفة الغربية لن تكون قادرة على توقيع عقود مع ولاية تكساس. كما ويحظر القانون أيضا صناديق التقاعد الحكومية من الاستثمار في هذه الشركات. وأضاف المبادر للقانون "هذه أمريكا هنا، إذا كنت مواطنا أو صاحب أعمال يريد مقاطعة إسرائيل، فهذا هو حقك وهذا القانون يعني ببساطة أن الشركات التي تقاطع إسرائيل لن تحصل على أموالنا الضريبية".
وقال كينغ إن الطلب من سكان ديكنسون لا علاقة له بالقانون الذي بادر إليه، كونه لا يشمل حتى أموال الدولة بل الأموال التي تجمع من المواطنين وانشأت البلدية صندوقا لتوزيعها على ضحايا الإعصار". ووفقا لكينغ، فإن الفشل في تفسير القانون كون هذا قانون جديد ولم يدخل حيز التنفيذ إلا مؤخرا.
ويعتبر هذا القانون جزءا من سلسلة من القوانين التي صدرت في السنوات الأخيرة في المجالس التشريعية بالولايات المتحدة، والتي تفرض قيودا على التجارة مع الشركات التي تقاطع إسرائيل علنا أو المستوطنات في الضفة الغربية.
وبالتوازي مع التشريع في مختلف الدول، فإن الكونغرس الأميركي يدرس حاليا مشروع قانون من الحزبين ضد مقاطعة إسرائيل، وهو مشروع القانون الذي انتقد بشدة من جانب منظمات الحقوق المدنية في الولايات المتحدة واثارت نقاشا حادا داخل صفوف الحزب الديمقراطي.
الطلب من سكان مدينة تكساس التوقيع على الوثيقة بالتعهد عدم مقاطعة إسرائيل والمستوطنات، لم يكن الأول من نوعه، ففي السابق تسببت مثل هذا التشريع ضررا لصورة إسرائيل في الولايات المتحدة. ومنذ حوالي أسبوعين، كانت قضية أخرى في ولاية كانساس، حيث فصلت معلمة في المدرسة الثانوية من وظيفتها، بعد إعلانها أنها لا تعارض مقاطعة اسرائيل وفقا لقانون جديد تمت الموافقة عليه في البلاد.
وقال القنصل العام الإسرائيلي في هيوستن، جلعاد كاتس، الذي عين في العام الماضي لصحيفة "هآرتس" إن "إسرائيل تؤيد قانونا ضد المقاطعة والذي صودق عليه بالولاية، واعتقد أنه كان الطلب من سكان ديكنسون نتيجة تفسير خاطئ للقانون على المستوى المحلي. والقانون، كما وقع عليه حاكم ولاية تكساس، هو حق ومناسب ودولة إسرائيل سعيدة به. في هذه الحالة كان هناك افتقار إلى فهم حول تنفيذ القانون الذي يتحدث عن المال الضريبي -وليس على الأموال الخاصة".
وأضاف إن "حجة معارضي القانون، بأنه ينتهك حرية التعبير، غير صحيحة. إن دولة إسرائيل تعارض إسكات. نحن نقبل عندما تكون هناك انتقادات تجاهنا، ليس لدينا مشكلة بالتعامل مع من يوجه لنا النقد، لدينا مشكلة مع محاولات مقاطعة إسرائيل اقتصاديا ونحن نعمل على هذه المسألة مع أدوات ديمقراطية".
بالمقابل، دعمت رابطة مكافحة التشهير، إحدى المنظمات اليهودية الرائدة في الولايات المتحدة، القوانين الأخيرة مثل تلك التي تمت الموافقة عليها مؤخرا في ولاية تكساس وكنساس. غير أن متحدثا باسم المنظمة قال إن ما حدث في تكساس يجب أن يعيد النظر في القضية.
وقال المتحدث "نحن نشعر بقلق بالغ إزاء ما حدث في ديكنسون، إن مطالبة البلدية السكان عدم مقاطعة إسرائيل كشرط لتلقي المساعدات هذا مطلب خاطئ وإشكالي من وجهة نظر دستورية. فهذا الحدث قد تكون له تداعيات وعواقب غير متوقعة على النظام والتشريع وأيضا تداعيات وانعكاسات ضد إسرائيل".
ذات الموقف عبر عنه الحاخام ريك جاكوبس، رئيس حركة الإصلاح، وهي أكبر تيار يهودي في أمريكا الشمالية، قائلا إن حركته التي تعمل باستمرار ضد مؤسسات المقاطعة في الجامعات الأميركية، تعارض القوانين التي تفرض قيودا على حرية التعبير، وهي ظاهريا وحتى وإن كان ذلك لمساعدة إسرائيل.
ويعتقد أن هذه القوانين تخلق وضعا أصبح فيه دعم سياسات الحكومة الحالية في إسرائيل نوعا من امتحان الولاء، حتى في المناطق التي لا ينبغي أن تكون فيها إسرائيل جزءا من النقاش، مثل المساعدة بعد وقوع كارثة طبيعية ".
كما وأعربت منظمة اليسار اليهودي "جي سطريط" عن موقف مماثل. وقالت راشيل ليرنر، مسؤولة العلاقات العامة في المنظمة: "هذه الحوادث محرجة وتسبب ضررا لإسرائيل. والأمر الأكثر إثارة للقلق هو أنها تخلق صراعا بين إسرائيل وحرية التعبير. إنه شيء فظيع. يجب ألا نتوصل إلى موقف تعتبر فيه إسرائيل مخالفة لحرية التعبير للمواطنين الأميركيين".
عرب 48