رام الله الإخباري
أكد موسى أبو مرزوق، نائب رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس”، أن الشعب الفلسطيني مقبل على مرحلة شديدة الحساسية، حيث أننا نسير في طريق تاريخي لتصحيح المسار السياسي الفلسطيني في ظل التحولات الدولية والإقليمية والأزمات الداخلية الفلسطينية والوضع الرخو في المنطقة.
وأضاف أبو مرزوق، أن الإدارة الأمريكية الجديدة لا تمتلك أي رؤية سياسية لحل النزاع في المنطقة، كما أن أي اتفاق لا يضمن تحقيق الطموحات والحقوق الفلسطينية لا يمكن تمريره.
وأشار نائب رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، إلى أن قضية تسليم أسلحة حماس للسلطة الفلسطينية لم تطرح على مائدة المفاوضات مع حركة “فتح” خلال مفاوضات اتفاق المصالحة الأخير، مؤكدا أن “مقاومة المحتل حق أصيل للشعب الفلسطيني لا يمكن التخلي عنه”.
وقال موسى أبو مرزوق، في حواره مع قناة سي ان ان الامريكية إنه لا يوجد متهمون محسوبون على حركة حماس أمام المحاكم المصرية والاتهامات التي تم ذكرها في مجملها كلاما مرسلا ولو كان هناك اتهامات على هذا المستوى ما تعاملت قيادة المخابرات العامة المصرية مع حماس، ولابد من تجاوز ما فعله الإعلام في تسميم للأجواء وللعلاقة.
وفي يلي نص الحوار:
ما الأسباب التي دفعت حركة حماس للموافقة على المصالحة؟
حركة حماس تضع المصلحة الوطنية وهموم الشعب الفلسطيني وتوفير مقومات الصمود له على رأس أولوياتها، لهذا نسعى من خلال هذه المصالحة الوصول إلى مصالحة فلسطينية شاملة لتوحيد مؤسسات النظام السياسي الفلسطيني ومكونات الشعب الفلسطيني على أسس الشراكة ودون إقصاء لأي طرف أو مكون والاتفاق على مشروع وطني لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتحقيق آمال وطموحات الشعب الفلسطيني، وتوفير مقومات الصمود له وتوفير حياة كريمة على كافة المستويات وتصويب البوصلة نحو الاحتلال الإسرائيلي، هذا من جانب ومن جانب آخر نُريد تجميع الجهود العربية والإسلامية في خدمة القضية الفلسطينية وإعادة القضية الفلسطينية إلى الواجهة كقضية مركزية للأمة، وتجاوز مخططات تصفية القضية، والانقسام أكبر العوائق لتحقيق ذلك. موافقتنا على المصالحة وتوقيعنا على الورقة المصرية للمصالحة منذ 4 مايو/ أيار 2011، وليس الآن، ومنذ ذلك التاريخ ونحن نسعى بجد لإنجاز المصالحة وإنهاء الانقسام والآن بادرنا وبشكل منفرد بمغادرة هذا المربع ولم يعد هناك طرفي انقسام ولكن سلطة مطالبة بإنجاز وتحقيق مصالح شعبها في غزة.
ما هو الفارق ببن المصالحة الأخيرة وما سبقها من مصالحات؟
مدّت حركة حماس يدها للمصالحة الفلسطينية وهي تُغلّب المصلحة الوطنية على مصلحتها الحزبية، وذللنا جميع العقبات تجاه إتمام المصالحة ويشهد الجميع بمن فيهم حركة فتح بأن الممارسة الميدانية تتوافق مع موقف الحركة المعلن من إتمام المصالحة، ويشهد على ذلك القيادة المصرية التي بذلت جهدًا مشكورًا طيلة الفترة الماضية للوصول إلى الاتفاق الأخير، وشهدت حوارات القاهرة حديثًا عميقًا بيننا وبين حركة فتح حول عدة قضايا، ولعبت القيادة المصرية دورًا بارزًا في تقريب وجهات النظر ، وكل ذلك استنادًا إلى اتفاق القاهرة مايو/ أيار 2011، ما يعني أن الاتفاق الحالي ليس وليد اليوم بل نتيجة تراكمية لجهود سابقة، وما يحدد أفضلية الاتفاق الحالي عن غيره هي الخطوات الميدانية المتبعة وهو ما سيشعر به المواطن الفلسطيني، وهذا السؤال ستجد إجابته لدى الرأي العام الفلسطيني وخاصة في غزة الذي ما زال يترقب رفع العقوبات عنه وتفكيك أزمته الإنسانية بالغة التعقيد. والجديد حقًا هو الإيجابية الكبيرة التي تبذلها حماس في التعامل مع مخرجات الاتفاق ويشهد بذلك المصريون والفصائل الفلسطينية والرأي العام الفلسطيني، ولا ننسى أن الظروف الإقليمية تغيرت أيضا.
ماذا كان رد فعل اسرائيل على المصالحة؟
المصالحة الفلسطينية خيار استراتيجي لدى حركة حماس لطي صفحة الانقسام الفلسطيني وتوحيد الصف وإعادة تصويب البوصلة الفلسطينية والعربية نحو الاحتلال الاسرائيلي، والاحتلال بدوره يعمل دائمًا على تعميق الفرقة الفلسطينية واستغلالها بالتفرد وتثبيت وقائع على الأرض ومن ذلك تفشي الاستيطان وشرعنته في المناطق الفلسطينية، وتهويد مدينة القدس واستبدال هويتها بهوية يهودية دخيلة عليها، ونحن نرفض الإملاءات الاسرائيلية ولا نتوقف أمام الموقف الاسرائيلي ويمكننا تفويت الفرصة على الاحتلال وإحباط جهود إفشال المصالحة بالوحدة الفلسطينية والشراكة الوطنية. وكما لا يخفى على أحد أن لمصر دورًا في كبح “الموقف الاسرائيلي” وكذلك المجتمع الدولي.
هل المصالحة جزء من اتفاق أكبر للسلام في المنطقة؟
المصالحة الفلسطينية شأن داخلي فلسطيني بالدرجة الأولى وهي مصلحة راجحة بالنسبة لحركة حماس، وغير مرتبطة بتمرير اتفاق سلام مع الاحتلال الاسرائيلي، كما أن الإدارة الأمريكية الجديدة لا تمتلك أي رؤية سياسية لحل النزاع في المنطقة، كما أن أي اتفاق لا يضمن تحقيق الطموحات والحقوق الفلسطينية لا يمكن تمريره فنحن لسنا فواعل سلبية، بل لنا إرادة وشرعية ووجود ميداني وظهير شعبي ورسمي من الشعوب الحرة. وإذا كانت المصالحة مصلحة فلسطينية مطلقة فكذلك السلام القائم على الحق والعدل مصلحة فلسطينية مطلقة ولا يمكن أن يقوم السلام بالقوة أو بالأمر الواقع أو بالظلم والتآمر، وشعبنا الفلسطيني لن يمرر أي سلام قائم على اغتصاب أرض وتهجير السكان وتوزيعهم في دول العالم.
هل تتوقع أن تسير إسرائيل في طريق السلام الآن؟
جميع نماذج اتفاقيات السلام مع الاحتلال الإسرائيلي فشلت في التطبيق الواقعي سواء مع دول عربية أو منظمة التحرير الفلسطينية، إضافة إلى أن السلوك الإسرائيلي منذ احتلال فلسطين سلوك متطرف انتهازي لا يحترم الاتفاقيات ويُثبت وقائع على الأرض تنسف ما وقع عليه، فضلًا عن كونه لا يلتزم بقرارات المنظمات الدولية وهنالك أكثر من 25 قرارا صدر عن مجلس الأمن يُدين الاحتلال الاسرائيلي ولم يلتزم بأي قرار منها، هذا على صعيد مجلس الأمن صاحب النفوذ وهنالك عشرات القرارات الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة واليونسكو ومحكمة لاهاي وغيرها، وكان التعنت الإسرائيلي سيد الموقف، فالاحتلال يرى نفسه فوق القانون، ولا يمكن الحديث عن سلام مع الاحتلال الإسرائيلي طالما لم يأخذ الشعب الفلسطيني كامل حقوقه الشرعية التي يكفلها القانون الدولي، وإن حجم التناقض بين المطروح صهيونيًا والمأمول من الحقوق فلسطينيًا كبير ولا يجعل هناك فرصة لتعايش المتناقضات والقدس دليلًا فالمسجد الأقصى المبارك مكانًا لا يمكن لمسلم عوضًا عن فلسطيني التخلي عنه.
هل تطرق الاتفاق تتطرق لتسليم أسلحة حركة حماس للسلطة؟
لم يُطرح سلاح المقاومة الفلسطينية على طاولة النقاش وموقفنا الثابت برفض طرحه للنقاش أصلًا، فالمقاومة حق للشعب الفلسطيني وطالما هنالك احتلال فهنالك مقاومة.
ما حقيقة أن قطاع غزة يعاني أزمة اقتصادية دفعت حماس للموافقة على المصالحة؟
حركة حماس جزء من الشعب الفلسطيني وقريبة من نبضه وهمومه سواء على المستوى المعيشي أو الهموم الوطنية الكبرى، والقضية الفلسطينية تتعرض لمحاولات تصفية وتهميش في ظل تحولات إقليمية وتجاذبات قد لا تصب في صالح القضية، لهذا توجهنا إلى المصالحة في محاولة للابتعاد بالقضية من التجاذبات وإعادتها إلى الواجهة كقضية مركزية للأمة العربية والإسلامية، ويهم حركة حماس تفكيك الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، فالأزمة معقدة ومتداخلة في العديد من القضايا، ونريد أن يحيى المواطن الفلسطيني بكرامة وإنسانية وتوفير مقومات الصمود له، حيث تحرم الأزمة الإنسانية المواطنين من حرية الحركة من وإلى قطاع غزة ومن الحصول على الرعايا الطبية اللازمة في ظل عدم المقدرة على تصريف مياه الصرف الصحي وتلوث مياه الشرب، وتزايد المشاكل المجتمعية على إثر ارتفاع معدلات الفقر والبطالة خاصة في صفوف الشباب حيث بلغ معدل الفقر 65% وبلغت البطالة 41% في مقابل 18% في الضفة الغربية، وهذه أرقام قياسية ساهم بها تجاهل حكومة الوفاق الوطني لمسؤولياتها في قطاع غزة.
هل ستتخلى حماس عن دورها السياسي وتترك كل شيء للسلطة؟
قدّمنا كل التضحيات من أجل شعبنا الفلسطيني ونحن جزء من هذا الشعب، ولم ننفصل عنه في أية لحظة من اللحظات ولم نتخلَ عنه كذلك. والشعب الفلسطيني هو من قدّم حماس إلى هذا المقام، والشعب الفلسطيني من وضع الحركة في هذا الموقع، ولكن لظروف في الإقليم وظروف دولية وُضعت عقبات أمام الحركة، وهي لم تتخلَ عن مسؤولياتها، وبذلت كل ما في وسعها من أجل القيام بمسؤولياتها التي أناط الشعب الفلسطيني للحركة القيام بها ، حماس لم تكن في الموقع الذي جلب هذا للشعب الفلسطيني، بل كانت في الموقع الذي يدافع عن الشعب الفلسطيني وخياراته وبرنامجه، حماس لم تدفع هذا الثمن إلا من أجل برنامجها الذي اختاره الشعب الفلسطيني، ونحن اذ تخلينا عن الدور الإداري في قطاع غزة فنحن لن نترك الدور السياسي وسنبقى شركاء في تحمل المسئولية وسنقدم أنفسنا للشعب من خلال الانتخابات وسنحافظ في نفس الوقت على برنامجنا في المقاومة حتى تحقيق آمال وطموحات شعبنا الفلسطيني.
هل ما زالت هناك نقاط خلاف بين السلطة وحماس؟
موقفنا واضح بأننا مع الشراكة الفلسطينية وضد المحاصصة والتفرد والإقصاء وقدمنا ما بوسعنا وتخلينا عن مواقعنا التشريفية وعن إدارة قطاع غزة لأجل شعبنا وتمهيد الطريق لتمكين الحكومة من القيام بمهامها وكذلك كافة مسؤولياتها حتى لا تتكرر تجربة تطبيق اتفاق الشاطئ 2014، وكحماس قدمنا ما لدينا والكرة الآن في ملعب الرئيس محمود عباس ليخطو خطوات نحو الشراكة الفلسطينية، والشعب الفلسطيني بأكمله ينتظر ذلك، وهناك أجندة واسعة ونحن لم نتحاور حواراً ثنائياً مع فتح سوى على نقطة واحدة هي تمكين حكومة التوافق الوطني من استلام مسؤولياتها وقيامها بمسؤولياتها، وأما بقية النقاط المتعلقة بالنظام السياسي الفلسطيني، وبمنظمة التحرير، والمجلس الوطني والمجلس التشريعي والإطار القيادي الموحد وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية والانتخابات المقبلة، فكلها قضايا مرحّلة إلى تفاهمات عامة مع الفصائل الموقّعة على اتفاق القاهرة عام 2011 ولعل نقاط الالتقاء أكثر من نقاط الخلاف وإن وجدت نقاط اختلاف فهناك قواسم مشتركة تستطيع العمل من خلالها وإن بقي نقاط خلاف فلابد من التوافق على تنظيم الخلاف وكل ذلك من خلال برنامج وطني يجمع عليه الجميع.
ما هي أبرز التحديات التي تواجه الاتفاق؟
نحن مقبلون على مرحلة شديدة الحساسية، حيث أننا نسير في طريق تاريخي لتصحيح المسار السياسي الفلسطيني في ظل التحولات الدولية والإقليمية والأزمات الداخلية الفلسطينية والوضع الرخو في المنطقة وتبدل المواقف والتحالفات سريع الوتيرة، ونحن تجاوزنا مرحلة زعزعة الثقة بيننا وحركة فتح إلى حد كبير وقدمنا كل ما لدينا وسلّمناهم ما طلبوه وزيادة وأبدينا في هذا الجانب مرونة عالية، ونخشى أن تبقى زعزعة الثقة موجودة لدى الأشقاء في حركة فتح واستغلال ذلك من قبل قوى إقليمية أو دولية لا تريد الخير لشعبنا واللعب على هذا الوتر لإحباط هذا الإنجاز الفلسطيني، ونأمل من حركة فتح القيام بخطوات من شأنها مبادلة بوادر حسن النية بأخرى لتفويت الفرصة أمام المتربصين، أولها رفع العقوبات عن غزة والسير قدمًا بالمصالحة الفلسطينية على أساس الشراكة الوطنية وتغليب الشراكة الداخلية والوحدة الوطنية على ما سواها من اتفاقيات لأنها الأساس في تحقيق أهداف شعبنا وحقوقه وهناك الكثير من التحديات خاصة الاشتراطات الخارجية، والمشاكل المالية والسياسية والأمنية والتنظيمية ولابد من تجاوزها .
ما هو موقف مصر من القضايا الجنائية المتهم فيها عناصر محسوبة على حركة حماس؟
تجاوزنا منذ زمن توتر العلاقة مع الشقيقة مصر وزالت القضايا العالقة، ولم يثبت ضلوع الحركة أو أي من عناصرنا بالقيام بأي ضرر تجاه الأمن القومي المصري أو حتى قضايا جنائية، والعلاقات المصرية الحمساوية أفضل بكثير مما كانت عليه سابقًا ونسعى إلى تطوير علاقة استراتيجية تخدم المصالح الوطنية للشعبين الفلسطيني والمصري، وللعلم لا يوجد فلسطيني واحد محسوب على حماس أمام المحاكم المصرية والتهويشات والاتهامات التي تم ذكرها في مجملها كلام مرسل لا يقف أمام الحقائق ولا القضاء ولو كان هناك اتهامات على هذا المستوى من المستحيل أن تتعامل قيادة المخابرات العامة المصرية مع حماس، ولعل المهمة الصعبة كيف يمكن تجاوز ما فعله الإعلام في تسميم للأجواء وللعلاقة وهذا هو همنا وواجبنا.
سي ان ان عربية