سوريتان أصبحتا حديث الشارع الأمريكي بعد نجاحهما في تقديم المساعدات لنازحي اعصار "ايرما "

سورينان أصبحتا حديث الشارع الأمريكي بعد نجاحهما  في تقديم المساعدات لنزاحي اعصار

رام الله الإخباري

فرّت الشقيقتان عبير ونورا الشيخ بكري من موطنهما بمدينة دوما السورية عام 2012، بعد أن اجتاحتها الحرب. وأمضتا 4 سنواتٍ في مصر، قبل أن تستقرا في مدينة كلاركسون بولاية جورجيا الأميركية عام 2016، برفقة بعض أفراد عائلتهما.

يكفي أن نقول إنَّهما يعلمان ما الذي تعنيه مشاهدة المنازل تُهدم أمام ناظريهما. لذا، حين حطّ إعصار "إرما" بثقله على جنوب شرقي الولايات المتحدة، وأدى إلى إجلاء أكثر من نصف مليون شخص حتى صبيحة يوم الأحد 11 سبتمبر/أيلول، هرعت الشقيقتان للعمل.

قالت عبير (28 عاماً)  الثلاثاء 12 سبتمبر/أيلول: "اتصلتُ بشقيقتي نورا وبدأنا الطبخ". قادتا سيارتهما ساعة كاملة حتى وصلتا إلى مركز حمزة الإسلامي، الواقع في مدينة ألفاريتا بولاية جورجيا، صباح الأحد، حيث كان هناك نحو 39 نازحاً يهربون من العاصفة، طبقاً للشقيقتين.

وتقول عبير إنَّ صديقاً أخبرهما، ليلة السبت، عن عمليات الإجلاء التي تلت الأخبار عن قدوم العاصفة؛ لذا ذهبتا لشراء البقالة، وأعدتا أطباقاً تقليديةً من الشرق الأوسط كالتبولة والكباب.

عرف شعور ترك كل شيءٍ خلفنا

وأضافت عبير: "لقد اقتلعتنا الحرب من جذورنا؛ لذا نعرف شعور ترك كل شيءٍ خلفنا".وقالت نورا ابنة الـ30 عاماً: "كنتُ خائفةً جداً عندما سمعنا عن الإعصار، خاصةً أنَّنا -نحن السوريين- مصدومون بالفعل".وتضيف أنَّ المسجد حاول أن يدفع لهما لقاء ما أعدتاه من طعام، لكنَّهما رفضتا ذلك، وعوضاً عن ذلك شرُفتا بالتطوع نيابةً عن أعضاء مجتمعهما.

وأضافت: "أردتُ أن أتمكن من تقديم المساعدة لهؤلاء الناس؛ حتى يشعروا بالسعادة، ولا يشعروا بأنَّهم قد اقتُلِعوا من جذورهم كما شعرنا نحن".وتقول إنَّها تأمل أن تعبر اللفتة عن حقيقتهما الإنسانية: "نحن كالأميركيين تماماً. لا نتمنى البلاء لأي شخص. هذا جزءٌ من طبيعتنا كسوريين. وهذا ما أمرنا به ديننا؛ أن نمنح المحتاجين ونساعدهم".

ولم تضع مجهوداتهما هباءً؛ إذ قالت مواطنةٌ -تُدعَى ستيفاني إيستبي- على فيسبوك، حين رأت صور الوليمة التي أعدتها الشقيقتان: "يبدو الطعام رائعاً، يا لها من بادرةٍ جميلة! أطيب الأمنيات لكما في بدايتكما الجديدة من مدينة بورتلاند بولاية أوريغون، ومرحباً بكما في وطنكما الجديد".

وكتبت كلاوديا موس، من مينوموني فولز بولاية ويسكونسن: "يا لها من بادرةٍ كريمةٍ ولطيفة! كل شيءٍ يبدو لذيذاً للغاية. أهلاً بكما في بلدنا، وأتمنى لكما حظاً طيباً. أرجو أن تعامَلا بلطفٍ واحترامٍ هنا، وأن يزدهر عملكما أعواماً عديدة آتية".

اعتادت الشقيقتان الطبخ لأعدادٍ غفيرةٍ. وهما يعملان الآن على تأسيس شركةٍ لتوريد الطعام، اسمها سويت آند سافوري.وقالت عبير إنَّ زوجيهما، اللذَيْن يصدُف أنَّهما شقيقان أيضاً، حاولا فتح مقهى حين كانا في مصر، لكنَّ الأمر لم يفلح، إلا أنَّهما تشجَّعا على المحاولة مرةً أخرى حين استقرا في كلاركسون، لكن بحضورٍ على الإنترنت هذه المرة.

وتقول منى مجاهد، طبيبة الأطفال ونائبة رئيس فرع أتلانتا لشبكة المجتمع السوري، وهي منظمةٌ غير ربحيةٍ تهدف إلى مساعدة اللاجئين السوريين في ولاية جورجيا: "في كل مرةٍ أزورهما، كانتا تقدمان لي تلك المقبِّلات المدهشة، وقد أخبرناهما أنَّهما يتوجب عليهما بيع هذه الأشياء، فهي أجمل من ألَّا تُشارَك مع الآخرين".

وكان الحس نفسه موجوداً لدى نظير غزال، اللاجئ السوري من دمشق المقيم بجوارهما في مدينة تاكر بولاية جورجيا. جاء غزال إلى جورجيا من الأردن في نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي. وكطاهٍ وفنان في تزيين الطعام، قال إنَّه أوصل وجباتٍ مطهوة بالمنزل، من بينها الأرز والدجاج والسلطة، يوم الأحد، إلى مسجد عمر بن عبد العزيز، حيث كان يحتمي نحو 25 نازحاً.

وكالشقيقتين، يعرف غزال جيداً شعور ترك كل شيءٍ والبدء من جديد.ويقول عن ذلك: "أُجبِرنا على القدوم إلى الولايات المتحدة بسبب الحرب، لكنَّنا هنا الآن ونرى الخير في هذه البلاد. ومن واجبنا الآن أن نفعل الخير هنا".وأضاف أنَّ مناخ جورجيا جديدٌ عليه، وأنَّه يرى إعصاراً للمرة الأولى، وتابع: "نحن معتادون الحروب وليس الأعاصير! وبصراحةٍ لم نخفْ كثيراً؛ فقد اختبرنا الحرب".

هاف بوست عربي