قال سفير دولة فلسطين لدى جمهورية مصر العربية ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية جمال الشوبكي، إن جنون الاستيطان الاستعماري الإسرائيلي ارتفع بنسبة تصل إلى 85 % إذا ما قارناه بالفترة ذاتها من العام الماضي 2016، بعد القرار 2334 ضد الاستيطان، الذي تبناه مجلس الأمن الدولي في شهر كانون الأول/ديسمبر من العام الماضي.
جاء ذلك في كلمته باجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين في دورته العادية 148 خلال الجلسة المغلقة، الذي انطلقت أعماله، اليوم الأحد، في مقر الجامعة في القاهرة برئاسة جيبوتي.
وتابع الشوبكي: "كنا نتمنى أن تأتي هذه الدورة وقد انتهت الأزمات التي تعاني منها الدول العربية، كما كنا نتمنى أن تأتي وقد انتهى الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة منذ 50 عاما على الأقل، وكنا نتمنى أيضا أن تأتي هذه الدورة وقد قبلت دولة الاحتلال بمبادرة السلام العربية المطروحة على الطاولة منذ 15 عاماً أو أن الاستيطان الاستعماري الإسرائيلي قد انحسر، أو أن القدس وباقي المدن الفلسطينية قد صارت إلى حال أفضل من الحرية والاستقرار، لكننا مع الأسف نجتمع اليوم بظروف أسوأ من قبل وبأزمات عربية أكبر وأعقد".
وأوضح أن "رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو يحاول استمالة المزيد من أصدقائنا حول العالم من شرق آسيا إلى أميركا اللاتينية، مرورا بالقارة الأفريقية الشقيقة، التي طالما احتضنت القضية الفلسطينية كجزء من حركاتها التحررية".
وقال إنه "لا يهم كثيرا ما يقوله نتنياهو أمام ما يفعله على أرض فلسطين، من زيادة جنونية في الاستيطان وهدم البيوت والاستمرار في حصار قطاع غزة والاستيلاء على الأملاك وقتل واعتقال الفلسطينيين وابتلاع الأرض، ومحاولة السيطرة على مقدسات المسلمين وعلى رأسها المسجد الأقصى المبارك، حيث أنه في عهد حكومات نتنياهو، أقر الكنيست الإسرائيلي أكثر من 20 تشريعا عنصريا، في سياسة ممنهجة لطمس الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني، ومحاولات فرض السيادة الإسرائيلية على مدينة القدس الشرقية المحتلة، ومحاولات تشريع عقوبة الإعدام ضدّ الفلسطينيين، ومحاولات تشريع منع دخول النشطاء الدوليين في مجال مقاطعة إسرائيل إلى الأرض الفلسطينية المحتلة، وسلب وضم أراضٍ فلسطينية تحت مسمى ضم الكتل الاستيطانية غير القانونية، وكذلك تطبيق القانون الإسرائيلي على المستوطنات المقامة على أراضي الملكية الخاصة للمواطنين الفلسطينيين في دولة فلسطين المحتلة عام 1967".
وطالب الشوبكي بتشكيل لجنة وزارية مؤلفة من رئاسة مجلس الجامعة على مستوى القمة، ورئاسة مجلس الجامعة على المستوى الوزاري، والعضو العربي في مجلس الأمن، ودولة فلسطين، والأمين العام للجامعة، ومن يرغب من الدول الأعضاء، تقوم بكافة الاتصالات والتدابير اللازمة لحشد التأييد الدولي اللازم للحيلولة دون حصول إسرائيل على عضوية مجلس الأمن، بما في ذلك إجراء التواصل مع المجموعات الجغرافية والدولية، والدول الأعضاء بالأمم المتحدة، لهذا الغرض.
وبين أن حكومة الاحتلال الإسرائيلي قامت خلال الأشهر القليلة السابقة بتخصيص المزيد من الأموال والاستيلاء على الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية ومدينة القدس المحتلة، وهدم المنازل والإخلاء، وتدمير الممتلكات لصالح مشاريع الاستيطان في مختلف مناطق دولة فلسطين المحتلة، خاصة داخل مدينة القدس الشرقية ومحيطها، وقد شملت الممارسات الأخيرة إقرار ما يزيد عن 56 خطة لبناء خمسة آلاف وحدة استيطانية خلال الأشهر الثمانية الماضية، بين كانون الثاني/يناير، وآب/أغسطس 2017، وقد شكل هذا الجنون الاستيطاني الاستعماري، ارتفاعا حادا بنسبة تصل إلى 85 % إذا ما قارناه بالفترة ذاتها من العام الماضي، وكل ذلك يجري بعد قرار مجلس الأمن 2334 ضد الاستيطان، الذي تبناه المجلس في شهر كانون الأول/ديسمبر من العام الماضي.
وأضاف أنه بالأمس قررت حكومة الاحتلال إنشاء مجلس محلي للمستوطنين في البلدة القديمة من مدينة الخليل، ويعني ذلك أن الأمور ستزداد تعقيداً هناك على الناس وحركتهم وعبادتهم، وسيتطور الأمر إلى تأسيس بلدية إسرائيلية في الخليل وثم السعي إلى ضمّها.
وأشار إلى أنه في 14 تموز الماضي، أغلق المسجد الأقصى أمام صلاة الجمعة، لأول مرة منذ عام 1969، وحاولت سلطات الاحتلال فرض قيود جديدة على دخول المصلين إلى المسجد الأقصى، في واحدة من أوضح المحاولات الإسرائيلية لتغيير الوضع التاريخي والقانوني القائم في الحرم القدسي الشريف، ولكن هبة الشعب الفلسطيني في القدس، التي عكست مجرى الأحداث التي كان يخطط لها نتنياهو، والمواقف القوية للأشقاء والأصدقاء، أجبرت الحكومة الإسرائيلية عن التراجع عن إجراءاتها الظالمة حول الأقصى، من بوابات وكاميرات وإجراءات أخرى، وانتصرت هنا إرادة أهل القدس على غطرسة الاحتلال في ذروتها.
ولفت الشوبكي إلى أن جمهورية توغو، الدولة العضو في منظمة التعاون الإسلامي، هذه المنظمة التي أنشئت لحماية القدس ودعم القضية الفلسطينية، تنوي تنظيم ما يُسمى بقمة أفريقيا وإسرائيل الشهر المقبل، ومن المنتظر أن يحضر هذه القمة حوالي 25 دولة أفريقية.
وقال إنه في شهر حزيران المقبل، ستجري انتخابات الأعضاء غير الدائمين في مجلس الأمن لعام 2019-2020، ونخشى أن تتمكن إسرائيل من النجاح في مسعاها للحصول على هذه العضوية، مرشحة من مجموعة غرب أوروبا وأخرين، وفي هذا السياق علينا أن نتحرك بجدية ونشاط حتى نحبط حصول إسرائيل على هذا الموقع.
ونوه إلى أن هناك عدة تقارير دولية أشارت إلى تردي الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، وبينت أنه لن يكون صالحا للعيش بحلول عام 2020، بسبب الحصار الإسرائيلي وإغلاقه للمعابر مع قطاع غزة أمام حركة الناس والبضائع، ما أثر بدرجة كبيرة على مستوى الخدمات الصحية والطاقة والمياه، في مخالفة صريحة لكل القوانين الدولية، داعيا إلى التحرك العاجل وبذل كل الجهد الممكن لرفع الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة وإنهاء معاناة مليوني فلسطيني يعيشون في أكبر سجن في العالم .
وتابع أنه "رغم هذه العقد التي تصنعها حكومة الاحتلال المتطرفة، إلا أننا نشهد حراكا سياسيا لم نر ثماره بعد، تقوده إدارة الرئيس الأميركي ترمب.
وقال الشوبكي: "نضع هذه المعطيات أمام مجلسكم الموقر، وقد شملتها جميعا مشاريع القرارات التي قدمناها لدورتنا هذه لمجلس الجامعة، وأكرر أملي بأن تنجح دورتنا هذه برئاسة جمهورية جيبوتي الشقيقة، في معالجة قضايا الأمة العربية وأزماتها، وأن تساعد هذه الدورة في تعزيز العمل العربي المشترك لمواجهة التحديات الصعبة التي تمر بها أمتنا العربية".
وتوجه الشوبكي، في ختام كلمته، بالشكر والتقدير إلى مندوب الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية الشقيقة، السفير نذير العرباوي، ومن خلاله إلى بلاده، على الرئاسة الموفقة لأعمال الدورة 147 لمجلس الجامعة بنجاح واقتدار، وكذلك إلى الأمانة العامة للجامعة العربية، وعلى رأسها الأمين العام أحمد أبو الغيط، على التقارير والجهود التي قامت بها للإعداد والتحضير لهذه الدورة.