رام الله الإخباري
صُدم الشارع الغزّي بخبر مقتل الطفل الفلسطيني أحمد هشام السعيدني، والبالغ من العمر 14 عاماً، وذلك بعد قيامه بتفجير نفسه في منطقة الرقّة السورية، لصالح تنظيم داعش.
وفي البحث عن تفاصيل أكثر عن الطفل أحمد، توجه مراسل الحدث إلى منطقة البريج في وسط قطاع غزة، للتعرّف أكثر على عائلة الطفل السعيدني، وللإطلاع على ما أوصله إلى هذه النهاية.
يُذكر بأن الطفل أحمد السعيدني هو إبن للشهيد هشام السعيدني، والذي كان يشغل منصب قائد السلفية الجهادية في قطاع غزة، حيث إغتالته طائرات الإحتلال الإسرائيلي في شارع صلاح الدين عام 2012، بعد مسؤوليته بالإشراف على العديد من النشاطات الجهادية ضد دولة الإحتلال.
وبعد استشهاد الأب هشام السعيدني، قام قريب لعائلة الشهيد الأب بأخذ زوجة الشهيد وأبنائه وهاجروا إلى سوريا، وبعدها انضموا إلى تنظيم داعش، واندمجوا في الحرب الداخلية السورية بالقتال إلى جانب التنظيم، حيث يُذكر بأن حالة أحمد لم تكن الأولى بين إخوته، حيث فقدت الأسرة قبله إثنين من أبنائها مع داعش، وهم وليد هشام السعيدني، وعلي هشام السعيدني، والذين لما يتجاوزا العشرين من العمر، وأتت حالة أحمد كحالة رابعة بعد إخوته الإثنين ووالده.
هذا الأمر بدوره أٌعتبر سابقة وحدث كبير لدى العديد من الكتاب والمثقفين في غزة، حيث أن القطاع قد شهد العديد من حالات الهجرة إلى القتال مع تنظيم داعش، ولكنهم كانوا جميعهم شباب بالغين، ولكن حالة الطفل أحمد شكّلت خروجاً عن المألوف، وتطور غير معهود للحالة الغزية المشاركة مع تنظيم داعش، وهذا ما جاء على لسان المفكّر والكاتب الفلسطيني الأستاذ جميل عبد النبي، حيث أوضح عبد النبي للحدث بأن هذه الحالة كانت متوقعة، وهي نتاج تغذية خاطئة على مدار السنوات لعقلية هؤلاء الشباب والأطفال.
وفي الإجابة عن تساؤل ما قد يُوصل طفل مثل أحمد إلى أن يفجّر نفسه، قال عبد النبي: "من حيث المبدأ، معظم المجرمين هم ضحايا لمجتمعاتهم، وأعتقد أن بحالة طفل يقوم بتفجير نفسه، ليس من المعقول انه كان يعتقد بانه يرتكب جريمة حين يفجر نفسه، بل هو كان يعتقد أنه يقاتل في سبيل الله، وأنه بذلك يضحّي في سبيل الله، وهي بوجهة نظري درجة مرتفعة جداً من الإنتماء والتضحية"
وتابع عبد النبي: "هو بدون شك ضحية للثقافة، تلك الثقافة الموجودة في عمق التاريخ والتراث الإسلامي، وليس من الصحيح التنكّر لوجود هذه الثقافة، ولا يمكن الوصول لأي حلول إلا بالإعتراف بوجود هذا الخلل في فهم الثقافة والتراث الإسلامي.
ونوّه عبد النبي: "نحن للأسف غير متفقين على العلاج لهذه الحالات، حتى المشايخ والمؤسسات الدينية، التي بكل أسف تقف على شكلية السلفية الدينية والتراثية، حتى هذه المراكز الدينية ستنتج يوماً ما نفس حالات التطرف التي تعمل بها داعش، وهذا كله هو نتاج الفهم الخاطئ لطبيعة الدين وسبب نزوله"
ونوّه عبد النبي: " يجب إعادة تعريف وفهم الدين بالشكل الصحيح، وأنا اعتقد بأنه إذا أعيد موضعة الدين، يمكن الوصول لحل حقيقي وجذري لهذه المشكلة، ولكن طالما نحن ننكر وجود هذا التراث وآثارة على عقليات الشباب والأطفال فهذا تنكر كامل للحقيقة"
ولم يختلف كثيراً موقف الكاتب والفنان الفلسطيني اسماعيل البزم، حيث اعتبر ان حالة الطفل احمد هي نتاج التضليل الفكري الذي مورس بحق أحمد على مدار سنوات طفولته.
وأوضح البزم بأن الطفل أحمد هو مجرد ضحية لهذه الأدلجة، حيث استغلت الجماعات المتطرفة طفولة أحمد وعدم نضوجه الفكري والعقلي لبرمجته لصالحها، وهذا ما هو مرفوض ومذموم إنسانياً وأخلاقياً وعقائديا.
ونوّه البزم بأنه لا بد من إيجاد مراكز وأنشطة توعوية لشريحة الأطفال والفتية، الذين من السهل إيقاعهم في شرك التطرف، وهذا هو دور كافة المثقفين والوطنيين.
صحيفة الحدث