العيدية في فلسطين ..ترهق جيب الخاطب وتسعد العروس

عيدية الازواج في فلسطين

رام الله الإخباري

تستعد أفنان ياسين من بلدة عصيرة الشمالية شمال نابلس، لاستقبال زوراها في هذا العيد المختلف عن سابقيه، ففي بيتها عروس. وعيدية العروس في عصيرة لها طقوسها الخاصة، وهي الطقوس ذاتها حين زواج أفنان قبل أكثر من (35 عامًا)، ووالدتها قبل حوالي (60 عامًا).

ففي نهار اليوم الأول من العيد، تتوجه عائلة العريس كاملة، الأب والأم والأشقاء والشقيقات والأعمام والأخوال والعمات والخالات وزوجاتهم وأبناؤهم، إلى بيت عائلة العروس، لتستقبلهم عائلة العروس كاملةً، رجالاً ونساءً، فيقدم الجميع العيديات للعروس، بعد أن يُلبسها عريسها قطعة الذهب كعيدية منه، ليتبع ذلك تقديم عائلة العروس رجالاً ونساءً لابنتهم العيديات أيضًا. 

هذه العادة يتخللها تقديم عائلة العروس لمختلف أنواع الضيافة من الفواكه والعصائر والقهوة والمكسرات والحلويات، إلى جانب كعك العيد "المعمول"، في حين تقوم عائلة العريس بجلب الحلويات، وبالعادة تكون بقلاوة مشكلة "نواشف"، تقوم العروس بتوزيعها على الحضور في نهاية العيدية.

ولا تقتصر العيدية على الذهب والنقود التي تتراوح بالعادة ما بين (10- 50 دينارًا) حسب القرابة، الأقرب فالأقرب، فالعريس يكون قد اشترى لعروسه "لبسة العيد" التي ترتديها خلال استقبالها المعيدين.وتختلف طقوس العيدية من بلدة لأخرى، فما يجري بعصيرة الشمالية لا يجري في مناطق أخرى، كما تقول أفنان التي ستستقبل عائلة عريس ابنتها من البلدة الملاصقة طلوزة، وفقًا لعادات بلدتها.

أفنان قالت لموقع الترا صوت فلسطين ، إنها ستتوجه في ثاني أيام العيد إلى قرية كفر رمان القريبة من مدينة طولكرم، لتقديم العيدية لخطيبة ابنها، ولكن هذه المرة حسب عادة أهلها، إذ سيقتصر الحضور على العائلة الصغيرة، إلا أنها ستحرص على تقديم العيدية منها ومن زوجها وأبنائها جميعًا للعروس.

وتلتقي أغلب المناطق على هدية ثابتة من العريس لعروسه، خاصة في العيد الأول، وهي قطعة ذهب، وهذا ما يحدث في قرية تل غربي نابلس أيضًا، لكن عادة زيارة العروس هنا تختلف عن عصيرة الشمالية، إذ يقتصر الزوار على عائلة العريس القريبة "الأب والأم والأخوة والأخوات"، فيشتري العريس لبسة العيد وقطعة ذهب للعروس، فيما يقدم الأب والأخوة العيديات نقود.

وتتراوح أسعار قطع الذهب في العيدية ما بين 100-350 دينارًا، كل عريس حسب قدرته المادية، كما يقول يوسف الحواري صاحب محل ذهب في مدينة نابلس.

وقال الحواري  إنه وفي الأسبوع قبل العيد يكون معظم العمل في المحلات الذهب على العيديات، حيث يقوم بتجهيز تشكيلة خواتم وأساور خفيفة إلى جانب كتالوجات تصميم الأسماء، والتي تكون أغلب العيديات منها. وبحسب الحواري، فإن القطعة تختلف من ناحية السعر حسب إمكانيات العريس، ففي حين يطلب البعض خواتم بحدود الـ100- 150 دينارًا، يختار آخرون أساور ما بين 200- 300 دينارًا، في حين تكون أسعار الأسماء في الغالب ثابته ما بين 100-150 دينار.

وفي بلدة كفر راعي القريبة من جنين تبدو الأمور مشابهة مع بعض الإضافات، كما يقول أحمد الأسعد (32 عامًا). الأسعد أتم خطوبته قبل شهرين، وحسب العادات فقد جهز عقدًا من الذهب يحمل اسمه واسم خطيبته، إلى جانب عدد من الهدايا التي تدخل غالبًا في تجهيزات العرس، كالملابس والمفارش إلى جانب "لبسه العيد"، وفواكه وحلويات ومكسرات، والثابت هنا أيضًا "النواشف".

في الأعياد التي تلي العيد الأول، يُترك للعريس في كفر راعي اختيار قطعة الذهب التي يهديها، بدلاً من العقد الذي قدمه في العيد الأول. أما المرافقين له في زيارة العيد، فهم الإخوة والأخوات فقط، وهنا تقتصر العيدية على الذكور فقط وتتراوح ما بين 10-20 دينارًا. والأسعد سيقوم بزيارة خطيبه في اليوم الثاني من العيد، وذلك لأنها "غريبة" أي من بلد أخرى.

ولا تختلف العيديات في المدن كثيرًا عنها في القرى، بالرغم من تأثرها بتطور الحياة العامة والأوضاع الاقتصادية. تقول السيدة سيرين كنعان "أم نامق"، من مدينة نابلس: "حاليا العيديات تكون على الضيق فمن الصعب تجميع العائلة كما في السابق".

وتستذكر "أم نامق" خلال حديثها  عيديتها التي حصلت عليها خلال العيد الوحيد الذي مر عليها خلال خطبتها قبل (34 عامًا)، وكانت "سدر نواشف" مزين بالورد الجوري، وقطعة من القماش لتقوم بتفصيلها، وقطعة ذهب "إسوارة"، وعيديات نقدية من والد العريس وأشقائه وأعمامه واخواله.

تضيف، "حاليًا الأمور تغيرت، تقتصر العيدية على قطعة الذهب ولبسه العروس في العيد والبقلاوة، وتقوم عائلة العريس الصغيرة بزيارة العروس وتقديم العيدية".هذه الطقوس وإن اختلفت من منطقة لأخرى، إلا أنها بالتأكيد تشكل فرحة للعروس وخاصة في أول عيد يمر على خطبتها، وفي المقابل فإنها بالتأكيد تشكل عبئًا ماليًا كبيرًا على العريس، الذي يكون عليه أن يخصص مبلغا "محترما" من المال للعيدية.

 وتشكل العيدية أيضًا عبئًا ماديًا واجتماعيًا على العائلات، خاصة إذا تزامن وجود أكثر من عروس في نفس العائلة، حيث سيكون على رجال العائلة زيارتهن جميعًا وفي نفس اليوم. تقول أفنان (عصيرة الشمالية) إن العائلة في هذه الحالة تقوم بتقسيم الوقت بحيث يستطيع رجال العائلة زيارة جميع العرائس، وفي بعض الأحيان يتم تقسيم مواعيد الزيارات على يومين أيضًا. هذا العبء وخاصة المادي منه يجبر كثيرًا من العرسان على إتمام مراسم زفافهم قبل مرور أي أعياد، وتحديدًا عيد الأضحى، وبالتالي "توفير العيدية" عليه، خاصة إن كانت من بلد غير بلدته.

الترا صوت