رام الله الإخباري
منذ نحو 29 عاما لم تهنأ عائلة الأسير الفلسطيني محمود سالم سليمان أبو خربيش (52 عاما) القاطنة في مخيم عين السلطان للاجئين الفلسطينيين شمال غرب أريحا شرق الضفة الغربية، بفرحة العيد مع ابنها محمود، ليكمل 58 عيدا دون أسرته. غيّبه الاحتلال طيلة هذه المدة في سجونه التي تنقّل فيها كافة، وتجرع فيها البعد والحرمان والمعاناة.
اعتقل محمود الذي ينتمي لحركة "فتح"، حينما كان يبلغ من العمر (23 عاما) في شهر أكتوبر/ تشرين الأول من العام 1988، بتهمة إلقاء زجاجة حارقة باتجاه حافلة إسرائيلية في أريحا، ويقضي حكما بالسجن المؤبد مدى الحياة، كان حينها محمود متزوجا وزوجته حامل، وقد وضعت ابنته الوحيدة أسماء بعد أيام على أسره، وكانت تزوره في السجن وهي طفلة ومنعت من زيارة والدها كما بقية أفراد العائلة، يوضح عيسى أبو خربيش "أبو فادي"، شقيق الأسير محمود أبو خربيش لـ"العربي الجديد".
أسماء الآن متزوجة ولديها طفلتان. حرمت من مشاركة والدها في فرحة زفافها كما لحظاتها السعيدة الأخرى كتخرجها من الجامعة. وقد انتقلت لتعيش مع زوجها ووالدتها في الولايات المتحدة الأميركية.
أبو فادي وجميع أفراد عائلة أبو خربيش التي تسكن مخيم عين السلطان والمهجرة من منطقة عين جدي عند البحر الميت، تنتمي إلى عرب الرشايدة، لا يغيب عن مخيلتهم شقيقهم محمود أبدا، يتذكرون محمود في كل مناسباتهم وجلساتهم، في يوم العيد يذهب أبو فادي وإخوانه وأخواته عند والدتهم ويبدؤون عيدهم عندها مستذكرين محمود الشاب المحبوب والمثقف.
الأسير محمود أبو خربيش الذي حرم كذلك من إلقاء نظرة الوداع على والده في العام 1993، يعاني داخل سجون الاحتلال من ندرة زيارة عائلته له، بسبب حرمان الاحتلال للعائلة من الزيارة بحجة المنع الأمني، أما والدته المريضة التي تعيش بكلية واحدة، فقد زارته العام الماضي بعد انقطاع استمر نحو سبع سنوات بسبب مرضها، حيث نقلت إلى السجن بواسطة مركبة إسعاف.
رغم معاناته من مشاكل صحية كثيرة منها مشاكل في القلب وإجرائه عملية قسطرة مؤخرا، وعاناته من مرض جلدي منذ 8 أشهر، وضغط الدم والكولسترول ومشاكل في العمود الفقري، في ظل إهمال طبي من قبل سلطات الاحتلال. غير أن الأسير محمود أبو خربيش الأسير في سجن عسقلان حاليا، أصرّ على المشاركة بالإضراب الأخير عن الطعام الذي خاضه الأسرى (إضراب الحرية والكرامة)، والذي استمر لمدة 41 يوما، فقد محمود خلاله من وزنه 24 كيلوغراما.
ويشدد شقيق محمود، أبو فادي، على أن شقيقه إنسان مناضل همه كأي فلسطيني يريد تحرير بلده من الاحتلال، ورغم مضي هذه المدة الطويلة، إلا أن سلطات الاحتلال رفضت الإفراج عنه في الدفعة الرابعة والأخيرة من إطلاق سراح الأسرى قبل ثلاث سنوات والتي كانت تعرف بـ"صفقة المفاوضات".
محمود كما يصفه أبو فادي، "الإنسان الفطن والمثقف كان يوعي الأجيال التي تصغره سنا بقضية فلسطين وتاريخها، قبل أن يتم اعتقاله، لقد كان والدي يحبه كثيرا، وأصر على أن يلتحق محمود بمدرسة الراهبات الخاصة وهي مدرسة كان القليل من الطلاب يدخلها".
لدى محمود أبو خربيش طموح كبير؛ فبعد اعتقاله أصرّ على إكمال تعليمه الجامعي وهو ملتحق حاليا ببرنامج الماجستير في تخصص العلوم السياسية في جامعة القدس في بلدة أبو ديس شرقي القدس وسط الضفة الغربية، عن طريق المراسلة.
تعتبر عائلة أبو خربيش أن اعتقال محمود والحكم الصادر بحقه حكم جائر وهو حكم سياسي وليس قانونيا، يقول أبو فادي: "محمود لم يعش بين العائلة كثيرا، كان عيشه في السجن أكثر من عيشه معنا، أتمنى من القادة السياسيين عدم التقاعس والعمل على إطلاق سراح أسرانا خاصة المعتقلين قبل توقيع اتفاقية أوسلو، ومن المفترض أنه قد أفرج عنهم منذ العام 1994، لكن الصهاينة ينكثون العهد دوما".
محمود الذي يعد ترتيبه الرابع بين إخوته وأخواته في أسرة مكونة من 11 فردا إضافة إلى الوالدين، لا يغيب عن بال العائلة، هو الرمز والمحبوب والمقرب الذي لن تنساه، يعلق جميع أفرادها صورا لمحمود في منازلهم، ويأملون أن يتوقف نزيف معاناتها وأن يعود محمود إلى أحضان العائلة قريبا.
العربي الجديد