الشبان الفلسطينيون يشترطون ان تكون عروسهم بيضاء اللون

مطلوب عرائس في غزة

رام الله الإخباري

"جامعية بيضاء طويلة تسكن في غزة، عمرها ما بين 19-25 عاماً" هذا نص أحد طلبات الزواج الموضوعة على أحد ملتقيات صفحة (الفيسبوك) كتبه أحد الشبان حول مواصفات العروس التي يأمل بالارتباط بها. وفي إعلان آخر كتبته أخت عريس آخر تطلب زوجة لأخيها، أيضاً عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تقول: "يا جماعة أخي مهندس وسيم، يمتلك شركة خاصة يبحث عن عروس تكون بيضاء طويلة ذات عيون واسعة ولا يهم التعليم أو الشهادة".

وترد عليها إحدى المتفاعلات: "احكيني عالخاص أنا عندي بنت طويلة وبيضا، إحنا من رفح" بينما تتذمر أخرى بالقول: "هم البنات بضاعة! وبعدين لو سمرا شو بيصير؟

ومما سبق، يتضح أن العامل المشترك بين أغلب الطلبات للزواج هو اشتراط بياض البشرة للعروس وهنا يثور السؤال المنطقي: ما السر وراء هذا الشرط؟ وماذا عن الفتيات السمراوات؟ وإلى متى سنبقى ندور في فلك المظاهر الخارجية وننسى المضمون الداخلي، خاصة وأننا نتحدث عن علاقة مصيرية تسمى الزواج؟  

تقول إحدى الفتيات (24 عاماً حنطية اللون): "جاءت إحدى النساء إلى بيتنا لخطبتي وقالت لأمي بالحرف الواحد: هل ابنتك بيضاء؟ فقالت أمي: لا ابنتي قمحية اللون وليست بيضاء، وحين أصرت على رؤيتي خرجت لمقابلتها وبعد أن تفحصتني جيداً بنظرات تشبه التفتيش العسكري قالت لي: بس لو أنك بيضا، وهنا شعرت بالإهانة بصراحة وكنت في موقف محرج فما كان من أمي إلا أن قالت لها: عالعموم يا أختي البياض عالحيطان..".

أما عبير العشرينية والتي تم طلاقها بعد خمس سنوات من زواجها فتقول: "أمه خطبتني وتم الزواج بشكل تقليدي وسريع وبعد الزواج أصبح دائماً يعايرني بأني سمراء وأن أهلي قد خدعوه بأن أخفوا عليه كوني سمراء، وأنني وضعت الكثير من المساحيق لأبدو بيضاء في ذلك اليوم، وأنه يتمنى أن يتزوج فتاة بيضاء اللون حتى ولو كان آخر يوم في حياته". 

يقول الثلاثيني رامي شعبان (مقبل على الزواج): "خطيبتي بيضاء اللون وهذا كان شرطي وراء اختيارها فأنا لا أفضل الفتاة السمراء ولاسبب محدداً لهذا الأمر إلا أنني أرى جمال المرأة في بياض وجهها". 

هل من يطلب السمراء؟

غالبية الشباب والأهالي يفضلون بيضاء البشرة لكن أيضاً هناك نسبة مختلفة تماماً ولو أنها نسبة قليلة، إذ يفضلون الفتاة السمراء لأسباب خاصة بهم اعتماداً على أن المهم المضمون وليس المظهر الخارجي.

يقول أحد المتزوجين: "لقد أحببت زوجتي بينما كنا نعمل معاً وأخبرت أهلي بذلك وحين ذهبت أمي لرؤيتها وطلبها للزواج تفاجأت أمي بأنها سمراء البشرة فرفضت إكمال مشروع الزواج ولكنني صممت على الزواج منها وقلت لأمي إما أن أتزوجها أو لا أتزوج أبداً".

اجتماعياً ونفسياً

تعلق الأخصائية النفسية والاجتماعية في المركز الفلسطيني للديمقراطية وحل النزاعات سمر حمد بالقول: "هذه المشكلة لا تكمن في الشاب المقبل على الزواج أو أهله، بل تكمن في ثقافة المجتمع المتوارثة، وبالتالي فإن الأم تختار زوجة ابنها اعتماداً على كونها بيضاء البشرة، وذلك كنوع من التباهي بالجمال بغض النظر عن المضمون الداخلي للفتاة، كما أن بعض الأمهات يعللن ذلك الطلب في ظل نظرة اقتصادية بحتة بالقول إن بيضاء البشرة توفر على الزوج شراء مساحيق التجميل".

وفيما يتعلق بتأثير ذلك التوجه على نفسية المرأة تقول حمد: "هذا الأمر فرض على الفتيات الاستخدام المفرط لمساحيق التجميل خاصة مستحضرات تفتيح البشرة والتي أصبحت بدورها تلعب دوراً أساسياً في حياة المرأة ونظرتها إلى نفسها في ظل الطلب السائد لبياض البشرة كشرط من شروط اختيار شريكة المستقبل وهنا يداس على أبسط حقوق المرأة كأنثى ليست فقط شكلاً جميلاً ولكن أيضاً روحاً ومضموناً من الأخلاق والعلم وجمال الروح".

"ما يقارب من 65-70% من الشباب المقبلين على الزواج يفضلون بيضاء البشرة مكتفين بالجمال الخارجي طمعاً في التباهي بعيش حياة ممتعة مع امرأة جميلة ورغبة في إنجاب أطفال على قدر كبير من الجمال وهنا يكمن السبب في ارتفاع نسبة الطلاق في غزة، وذلك لأن اختيار شريكة المستقبل لا يتم على أسس من الأخلاق أو الدين أو العلم وإنما على أسس سطحية من الجمال الخارجي"، على حد قولها.

أما عن إمكانية التغيير، تختم حمد حديثها بالقول: "لتغيير هذه النظرة السطحية تجاه المرأة بالاعتماد على شكلها الخارجي بما في ذلك بياض البشرة نحتاج إلى ورش عمل توعوية ترعاها مراكز حقوق الإنسان ومراكز حل النزاعات ومشاريع تمكين المرأة وذلك من أجل زيادة الوعي وتغيير ثقافة المقبلين على الزواج بأن يتم اختيار الزوجة بناء على أسس قوية من الحكمة والعقل والأخلاق وليس الشكل أو اللون فقط".

الإقبال على مستحضرات تفتيح البشرة 

الصيدلي محمد ربيع (اسم مستعار) يقول حول الطلب المتزايد على مستحضرات تفتيح البشرة: "هناك إقبال ملحوظ في الفترة الأخيرة على كريمات تفتيح البشرة من قبل النساء عامة والمقبلات على الزواج بشكل خاص إذ تقدر نسبة الفتيات اللواتي يستخدمن كريمات تفتيح البشرة ما قبل الزواج 20% من إجمالي النساء اللواتي يستخدمن هذه المستحضرات".

"بالنسبة للفتيات المقبلات على الزواج فإنهن يستخدمن كريمات التفتيح في فترة ما قبل الزواج وأثناء فترة الخطوبة لإزالة البقع وتفتيح بشرة الوجه وهناك حالات تطلب هذه الكريمات خلال شهر لأنها ستزف إلى عريسها في هذه الفترة"، على حد قوله.

ويضيف: "الغريب في الأمر أن الإقبال على شراء هذه الكريمات في ظل الأوضاع المادية السيئة التي يمر بها المواطن لم يتأثر بل زادت المبيعات بشكل ملحوظ وتتراوح أسعار الكريمات ما بين 25 إلى 50 شيكلاً للعبوة الواحدة".

يذكر أنه ومن الناحية الطبية فلا يوجد لهذه الكريمات أي تأثيرات سلبية طالما أنها محفوظة بشكل صحي وطبي، بينما المشكلة الوحيدة التي قد تواجهها المرأة المستخدمة للكريمات هي رجوع السواد في البشرة حال التوقف عن استخدام هذه الكريمات.

خلطات يدوية للبيع والاستخدام  

السيدة عتاب فتحي (المعروفة بأم عدي) التي تعمل على بيع خلطات يدوية من مواد طبية ومستخلصات أعشاب تقول عن مهنتها في توفير هذه الخلطات إلى الفتيات بناء على الطلب: "الإقبال على كريمات تبييض البشرة جيد جداً ويزداد الطلب على هده الكريمات في فصل الصيف والنسبة الأكبر من زبائني هن من المقبلات على الزواج".

وتضيف: "أنواع الكريمات متعددة فمنها ما يستخدم لتبييض البشرة ومنها ما يستخدم لإزالة اللون الأسود من البشرة والجسم ومنها ما يستخدم لإزالة الكلف وبقع ما بعد الولادة ويعمل الكريم على إزالة السمرة الناجمة عن أشعة الشمس خاصة لدى طالبات الجامعات".

"أما بالنسبة للفتيات المقبلات على الزواج فهن الأكثر استخداماً للكريم مقارنة ببقية الزبائن، فالفتيات المخطوبات واللواتي اقترب موعد زفافهن يستخدمن الكريمات الخاصة بتفتيح البشرة أكثر من غيرهن، فإحدى السيدات جاءت إلى في يوم سيتقدم لابنتها فيه عريس لكي يراها وأرادت أن تفتح بشرة ابنتها ولكن الوقت لم يكن كافياً فلا يعقل أن تتفتح البشرة خلال ساعات فقامت بتأجيل الموعد يومين حتى يتسنى للكريم أن يبدأ مفعوله في تفتيح بشرة ابنتها وهذا ما تم فعلاً وخلال يومين كانت هناك نتيجة ملموسة"، على حد قولها.

أما بالنسبة للظروف الاقتصادية وتأثيرها على طلب الكريمات فالمبيعات، على حد قول أم عدي، لم تتأثر ولكن البيع النقدي أصبح أقل بمعنى أن تشترى المرأة علبتين من الكريم فتقوم بدفع ثمن واحدة وتؤجل دفع ثمن العلبة الأخرى.

فإلى متى سيبقى لون البشرة والشكل الخارجي هو معيار اختيار الزوجة؟ وإلى متى ستبقى المرأة رهينة بعض العادات البالية والثقافة السطحية، خاصة في التعامل معها على أنها شكل فقط وبالتالي تفرغ من مضمونها الإنساني والأنثوي؟

 

 



 

دنيا الوطن