رام الله الإخباري
وفق التسلسل القيادي العسكري،هل يملك الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، سلطة مطلقة لإعطاء الأمر باستخدام السلاح النووي؟
بروس بلير: البروتوكول الموضوع لهذا الغرض مبسط وصُمم بحيث يراعي مسألتي السرعة والفعالية، لا المشاورات والمداولات. يمنح البروتكول الرئيس تفويضا مطلقا باستخدام الأسلحة النووية.
يحاجج البعض بأن تلك السلطة المطلقة قد تشكل خرقاً للدستور في حال أمر الرئيس بأول استخدام للسلاح النووي. غير أن البعض الآخر يقول إن الدستور يمنح الرئيس تلك السلطة حسب المادة الثانية منه، والتي سمّت الرئيس بالقائد العام للقوات المسلحة. ومن هنا يبرز الجدل حول ما هو دستوري وما هو غير دستوري. ولكن وفي نهاية المطاف فإن البروتكول الخاص باستخدام السلاح النووي يسمح لشخص واحد وبأمر شفهي إطلاق الأسلحة النووية.
يمكن أن تصف لنا طبيعية هذا البروتوكول وكيف يمكن أنتسير الأمور عملياً؟
ربما يتشاور الرئيس مع كبار مستشاريه. غير أنه ليس ملزماً بالتشاور مع أي أحد، حتى وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان المشتركة ومستشاره للأمن القومي. لكن المرجح هو أن يستشيرهم وتقوم دائرة تلفزيونية مغلقة بجمعه مع كبار المستشارين، إذا لم يكونوا معه في نفس الغرفة، وأيضاً مع قائد الأسلحة الاستراتيجية المتمركز في ولاية نبراسكا. المتحدث الرئيسي في المؤتمر يكون هو ذلك القائد الرفيع المستوى المسؤول عن الأسلحة النووية. يتحدث مع الرئيس عن الإمكانات المتاحة وعن النتائج المحتملة. ويتوجه بالسؤال للرئيس عن الشروط التي يريد وضعها على استخدام السلاح النووي. على سبيل المثال هل يريد الرئيس استهداف الأماكن السكنية؟! هكذا تدور الأمور في تلك الجلسة. وربما يُطلب من باقي المستشارين الإدلاء بآرائهم وقد لا يُطلب ذلك.
بعد ذلك يتخذ الرئيس قراره وتنتقل المسألة إلى مرحلة أكثر خطورة. تنضم "غرفة العمليات الحربية" في البنتاغون إلى الدائرة التلفزيونية المغلقة، ويعطي الرئيس أمره للغرفة لتنفيذه. وفي هذه اللحظة تطلب الغرفة من الرئيس إثبات شخصيته عن طريق إعطاء شيفرة خاصة، تُسمى "الشيفرة الذهبية". وبعد أن يعطي الرئيس الشيفرة الخاصة الصحيحة يعطي البنتاغون أمر إطلاق السلاح النووي للقوات التي حددها الرئيس والموكلة بالتنفيذ.
بالكاد يكون ذلك الأمر بالإطلاق بطول تغريدة على تويتر (140 حرفاً) ولكنه يكون مصاغا لغوياً بحيث يحوي شيفرة خاصة تمكن الجهة الموكل إليها الأمر من فك رموز إطلاق الصواريخ الحاملة للأسلحة النووية، وتحوي الشيفرة أيضاً الزمن الدقيق للإطلاق. تستغرق العملية من لحظة اتخاذ الرئيس قراره ووصول الأمر لطواقم التنفيذ حوالي خمس دقائق. بعد ذلك تعمل الطواقم على وضع الأمر باستخدام السلاح النووي موضع التنفيذ.
كم تستغرق الطواقم من الوقت لتنفذ أمر الرئيس؟
في حال الصواريخ المتمركزة في وسط غرب الولايات المتحدة والبالغ عددها 400 صاورخ ويحمل كل واحد منها رأساً نووياً، يمكن أن تُنفذ طواقم الإطلاق الأمر بعد دقيقة من تلقيه. وبدورها تغادر الصواريخ منصاتها بعد دقيقة من تلقيها الأمر.أما بالنسبة لطواقم التنفيذ المتمركزة على الغواصات فقد تستغرق عشر دقائق للتنفيذ، وذلك لأنه يتعين عليها القيام بخطوات إضافية أخرى لتنفيذ الأمر.
هل يمكن أن تبرز معارضة من كبار المستشارين تكون من القوة بحيث تحاول التدخل لا بالمعارضة فقط، بل وبعصيان الأوامر وإعطاء أوامر معاكسة لغرفة العمليات الحربية في البنتاغون بعدم تنفيذ أمر الرئيس؟
وضعُ الجيش الأمريكي لخطط عمليات عسكرية بالأسلحة التقليدية والنووية ضد كوريا الشمالية، ومراجعة تلك الخطط وتقييمها بدقة ومن ثم إدخال التعديلات المناسبة عليها هو مؤشر على أن استخدام السلاح النووي ضد كوريا الشمالية أمر مقبول. فمجرد وضع الجيش لتلك الخطط يعطي مؤشراً على قبول الجيش وموافقته على التنفيذ.
عندما يتخذ الرئيس قراره ضمن التسلسل المذكور آنفاً، قد يخرج شخص مثل قائد الأسلحة الاستراتيجية ويقول: "سيادة الرئيس، قرارك غير حكيم، إذ أنه لدينا خيارات أخرى غير نووية للتعامل مع ذلك الخطر، وعلاوة على ذلك فإن خيارك النووي هو خرق لقانون الحرب في ظل الظرف الحالي".
ربما يحدث ذلك، بيد أن الرئيس بإمكانه تجاهل النصيحة ويصر على تنفيذ قراره. وأعتقد، بناء على نقاشات مع عسكريين لهم علاقة بالموضوع، أن العسكريين سيبذلون قصارى جهدهم في النصح. ولكن إذا لم يستجب الرئيس سينفذون أمره حتى وإن كانوا يرون فيه قراراً غير حكيم أو مُضَللاً أو خرقاً لقانون الحرب. أعتقد أن كل المنظومة أكثر ميلاً لتنفيذ رغبات الرئيس.
بروس بلير: باحث في قضايا الأمن النووي في جامعة برنستون وعضو مؤسس في "الصفر العالمي"، وهي مبادرة عالمية تكرس جهودها لإزالة الأسلحة النووية. كما يشغل بروس أيضاً عضوية "المجلس الاستشاري لشؤون الأمن الدولي" التابع لوزير الخارجية الأمريكي، ريكس تيلرسون.
دويتشيه فيليه