رام الله الإخباري
نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية تقريرا، قالت فيه إن ترامب قد يتم عزله بعد مضي أقل من سنة على توليه رئاسة الولايات المتحدة، وذلك على خلفية التحقيقات بشأن الدور الروسي في خضم حملته الانتخابية. وفي حال وقع ذلك، فمن المحتمل أن تشهد البلاد حالة من الفوضى، فيما سيشوب الغموض الحياة السياسية الأمريكية.
وقالت الصحيفة، في تقريرها إن العديد من التساؤلات التي يقع تداولها في الوقت الراهن تحوم بالأساس حول فترة رئاسة ترامب التي قد لا تستمر لأكثر من 12 شهرا. فقد وقع منذ أسابيع تشكيل لجنة تحقيق عليا، تتمتع بصلاحيات واسعة من بينها استدعاء الشهود والاطلاع على الوثائق السرية، وذلك في إطار التحقيق في مدى تدخل الكرملين في الحملة الانتخابية لدونالد ترامب.
وأضافت الصحيفة أنه من المعلوم أن نجل دونالد ترامب، قد تلقى رسالة إلكترونية من وسيط يعرض عليه الاجتماع به في إطار "دعم روسيا وحكومتها للسيد ترامب". وفور الكشف عن هذه الحقائق، بادر الرئيس الأمريكي شخصيا بتقديم رواية كاذبة حول هذه المسألة.
وأشارت الصحيفة إلى أن المحقق الخاص روبرت مولر، ليس فقط بصدد التحقيق في العلاقة المفترضة بين روسيا ومدير حملة ترامب الانتخابية السابق بول مانافور، فضلا عن مستشار الأمن القومي السابق مايكل فلين. ففي الأسابيع القليلة الماضية، تبين أن المحقق مولر يعمل أيضا على تقصي الحقيقة في ما يتعلق بالصلة التي تربط رجال أعمال روس بمشاريع ترامب.
ويأتي ذلك إثر وصف صحيفة استقصائية لترامب على اعتباره: "آلة الغسيل التي تعتمد عليها المافيا الروسية لتبييض أموالها".
ووفقا لما راج بقوة في أوساط الحزب الديمقراطي في الفترة الأخيرة، سيفشل ترامب في محاولاته المستميتة للتخلص من المحقق مولر. وفي أعقاب ذلك، سيتم عرض الحصانة على بعض المتورطين في هذه القضية مقابل الإفصاح عن بعض المعلومات، لتتهاوى فيما بعد أوراق القضية، وهو ما سيدفع ترامب للاستقالة أو سيتم عزله. وفي الأثناء، سيصبح مايك بنس رئيس الولايات المتحدة الجديد.
وذكرت الصحيفة أن تحقق هذا السيناريو على أرض الواقع من شأنه أن يفضح الرغبات الحقيقية التي يخفيها الأثرياء الذين ينتمون لليمين الأمريكي. فمنذ البداية، لم يكن ترامب اختيارهم الأول، وأكبر دليل على ذلك أنه خلال الأشهر الستة الأولى من حملته الانتخابية، كان أكبر المتبرعين لحملة ترامب، ترامب نفسه.
وعموما، لم يتغير هذا الوضع إلا عندما فشل المرشح المحافظ تيد كروز في الحصول على الدعم الكافي من قبل أقصى اليمين، حيث تحولت حينها التبرعات نحو حملة ترامب.
والجدير بالذكر أن الأخوين كوخ، اللذين قاما بتمويل جماعات ضغط يمينية بمبلغ تجاوز سقف الـ400 مليون دولار، لم يحاولا على الإطلاق التقرب من ترامب بل العكس تماما، وذلك إلى حين تعيينه لمايك بنس نائبا له. وفي حال أصبح بنس رئيسا في المستقبل، فسيرفع الستار عن النوايا الحقيقية للنخب اليمينية في واشنطن.
وذكرت الصحيفة أن هناك مشروعين مختلفين ولكن متداخلين في الآن ذاته يعمل عليهما الجناح اليميني في الولايات المتحدة. ويرتبط المشروع الأول بشكل واضح بالأخوين كوخ، علما بأنه يقوم على فكرة "الدفاع عن المداخيل". ويدافع أصحاب هذا المشروع عن حق الشركات الخاصة في جني المزيد من الأرباح عبر خفض الضرائب والحد من دور الدولة. فضلا عن ذلك، يرتكز هذا المشروع على ضرورة إلغاء كل القيود والضوابط المفروضة على الشركات الكبرى، بما فيها الأجر الأدنى المكفول للعمال البسطاء.
وأوردت الصحيفة أن المشروع الثاني الذي يتبناه البعض في اليمين المتطرف الأمريكي، متناقض تماما مع المشروع الأول، حيث يسعى من خلاله البعض إلى فرض مبادئ الدولة الاستبدادية، وفرض معايير اجتماعية محافظة، وتغيير الدستور إن لزم الأمر.
وأوضحت الصحيفة أن تصرفات ترامب خلال الأشهر الماضية، تشير إلى أنه يقف ضد فكرة الليبرالية. ويتجلى ذلك من خلال مهاجمة ترامب لإحدى المحاكم والتشكيك في دورها الدستوري، حين تصدى أحد القضاة لقرار منع المسلمين من القدوم للولايات المتحدة.
وتوقعت الصحيفة أن النخبة السياسية اليمينية في الولايات المتحدة سيتحتم عليها اتخاذ قرارات صعبة قبل حلول رأس السنة الميلادية، فإما البقاء مع ترامب الذي جمع حوله كتيبة من الجنرالات السابقين، والذي يلاحقه شبح العزل، أو الانتقال إلى المخطط الذي تم وضعه في بداية سنة 2016، والمتمثل في دعم إدارة أمريكية محافظة اجتماعيا، وليبرالية اقتصاديا، يقودها مايك بنس.
وتطرقت الصحيفة إلى التشابه الكبير بين التطورات السياسية التي شهدتها واشنطن ولندن. ففي كلا البلدين، نجحت نخبة سياسية في إحداث قطيعة مع نظام العولمة، وذلك تحت شعار "أمريكا أولا" وحملة البركسيت، في محاولة لإنقاذ شركات السوق المحلية حتى ولو تطلب الأمر التخلي عن الاتفاقيات والقوانين الدولية.
وفي الختام، شددت الصحيفة على أن ما خلفه تطور المشهد السياسي في سنة 2016، في كل من الولايات المتحدة وبريطانيا هو بمثابة ديمقراطية غير مستقرة. في الحقيقة، لا يرتبط ذلك بضعف المؤسسات، بل نتيجة انقسام النخب السياسية وافتقارها للرؤية. ويعد هذا الأمر مشكلة خطيرة لا يمكن حلها بمجرد عزل ترامب أو التراجع عن البركسيت.
عربي 21