طبيب يحذر الفلسطينيين من زواج الاقارب ..لماذا ؟

مخاطر زواج الاقارب في فلسطين

رام الله الإخباري

يعد زواج الأقارب مرغوبا في بعض الدول والمجتمعات الشرقية والعربية بصفة خاصة، ويعتقد البعض أنه مقتصر على الدول العربية فقط، لكنه منتشر في العالم أجمع، وفي فلسطين خاصة هناك خصوصية للظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية تجبرنا أحيانا للجوء الى هذا النوع من الزواج.

وحول مخاطر زواج الأقارب، خصوصا أن بعض الدراسات والأبحاث العلمية في علوم الوراثة أثبتت زيادة معدلات الإصابة ببعض الأمراض الوراثية في أطفال زواج الأقارب وحتى زيادة معدلات الوفيات بينهم  الدكتور علاء التلبيشي أخصائي طب وجراحة العيون، وأمراض الشبكية الوراثية، وعضو جمعية أطباء العيون في فلسطين كانه له التعقيب الآتي 

 كم تبلغ نسبة زواج الأقارب من إجمالي حالات الزواج في فلسطين؟

حسب الجهاز المركزي للإحصاء في فلسطين تتجاوز نسبة زواج الأقارب الـ 45% من حالات الزواج وهي نسبة مرتفعة جدا مقارنة بالنسب العالمية، إذ تقارب النسبة في بعض الدول الأوروبيه 1%، وما يزيد من مخاطر زواج الأقارب الزواج من القرابة درجة أولى (بنت العم وبنت العمة وبنت الخال وبنت الخالة)، وحسب الجهاز المركزي للإحصاء أيضا فإن نسبة هذا النوع من الزواج في فلسطين تصل إلى 30% .

* هل الفحوصات ضرورية قبل الزواج؟

هناك الكثير من الأمراض الوراثية بعضها شائع نسبيا وبعضها نادر الحدوث. في فلسطين يشترط لإتمام عقد الزواج إجراء فحص دم روتيني بسيط يتم من خلاله الاستدلال على مرض الثلاسيميا، وبالطبع فإن هذا الفحص ساهم ويساهم في تقليل حدوث هذا المرض.رغم معرفة المسبب الجيني للكثير من الأمراض الوراثية إلا ان إجراء فحوصات قبل الزواج للكشف عن امكانية كون أحد الزوجين حاملا للمرض يعد أمرا صعبا ويحتاج جهدا كبيرا، لذلك ما يتم في بعض دول العالم هو إجراء فحوصات لمجموعة من الأمراض الأكثر شيوعا في طائفة أو عِرق معين وليس لكل الأمراض.

 هل كل حالة زواج أقارب تعني أن هناك تأثيرا على الأبناء؟

تم توارث الصفات الجينية بأكثر من طريقة، إذ أن بعض الصفات سائدة، وبعضها متنحية والبعض الآخر مرتبط بكروموسوم الجنس، في حالات زواج الأقارب تزداد وبشكل كبير إمكانية التقاء الصفات المتنحية، حيث إن ظهور صفة متنحية يتطلب التقاء طفرة جينية من الأب وأخرى من الأم حتى يظهر المرض، وهذا ما تزداد نسبته بشكل كبير في حالات زواج الأقارب حتى ان بعض الصفات المفترض أنها متنحية تبدو كأنها سائدة بسبب تكرار زواج الأقارب في أجيال متعاقبة وعادة ما تكون الأمراض المتوارثة كصفة متنحية، أمراض ذات تأثير سلبي كبير على الصحة وقد تكون على شكل متلازمات تؤثر على الكثير من أعضاء الجسم بما في ذلك مستوى الذكاء والعقل.

 كيف يؤثر زواج الأقارب على النظر بالنسبة للأبناء؟

الكثير من أمراض العيون سواء كانت تؤثر على القرنية كمرض القرنية المخروطية، أو على العدسة كمرض عتامة العدسة الخلقية (الماء الابيض)، أو ارتفاع ضغط العين الوراثي أو أمراض الشبكية تكون موروثة من الآباء وتزداد احتمالية الإصابة بهذه الأمراض في حال زواج الأقارب، فعلى سبيل المثال فإن نسبة مرضى التهاب الشبكية الصباغي (العشى الليلي) Retinitis Pigmentosa في فلسطين تصل 1 لكل 1500، في حين أن النسبة العالمية تقارب 1 لكل 5000 وهذه النسبة المضاعفة في فلسطين تعزى للارتفاع الكبير في نسبة زواج الأقارب.

 كيف يمكن معرفة إن كان هناك تأثير سلبي أم لا قبل الزواج؟

في حال وجود أمراض شائعة في عائلة معينة أو منطقة معينة، وكانت هذه الأمراض معروفة السبب من ناحية جينية بإمكان الزوجين إجراء فحص لهذا المرض وهذه الطفرات قبل الزواج ومعروفة إن كان أحدهما أو كلاهما يحمل هذه الطفرة الجينية أم لا، وبناء عليه يتحدد إن كان هناك إمكانية لإنجاب أطفال مصابين بذات المرض أم لا.

 هل هناك مناطق يكون فيها الأثر السلبي لزواج الأقارب أكثر من غيرها في فلسطين؟

تتفاوت نسب زواج الأقارب في فلسطين بين منطقة وأخرى وبيئة وأخرى وبناء عليه يتفاوت ظهور الأمراض الوراثية وفقا لذلك، فعلى سبيل المثال في إحدى البلدات المجاورة لمدينة بيت لحم يكثر بشكل كبير أحد أنواع العشى الليلي "Congenital stationary night blindness" بسبب شيوع طفرة في جين يسمى "TRPM1" بسبب ارتفاع نسبة زواج الأقارب في هذه المنطقة، ولذات السبب يشيع مرض يسمى إعتلال مستقبلات شبكية العين العصوية والمخروطية "Cone Rod dystrophy " في إحدى عائلات بلدة دورا التي يكثر فيها زواج الأقارب.

 هل زواج الأقارب له علاقة بالأمراض الوراثية، وما هي أسبابه ومخاطره؟ وان كان هناك دراسات اثبتت ذلك؟

أظهرت الكثير من الدراسات مخاطر زواج الأقارب، ففي دراسة نشرت في مجلة الشرق الأوسط للجينات عام 2012 أجريت في جمهورية مصر العربية أظهرت ارتفاع نسبة زواج الأقارب ومصاحبة هذا الارتفاع في نسبة ظهور الأمراض الموروثة كصفات متنحية Autosomal Recessive traits وكذلك نسبة ظهور الأمراض متعددة المسببات Multifactorial diseases ، كما أظهرت دراسة نشرت في Journal of Community Genetics عام 2012 أيضا ارتفاع نسبة وفيات المواليد ووجود عيوب خلقية لدى المولود بنسبة 2 - 3% في حال زواج الأقارب مقارنة بالزواج من الأغراب.

 ما هي نصائحك بالنسبة للأشخاص الذين يفكرون بزواج الأقارب؟

بالاعتماد على ما تم ذكره آنفا فإنه يظهر جليا وفي العديد من الدراسات أن زواج الأقارب يصاحبه مخاطر أمراض وراثية كثيرة، لذا وجب التفكير مليا قبل الإقدام على خطوة من هذا القبيل لما لها من تبعات تنعكس سلبا في حال لا سمح الله قدوم مولود مصاب بمرض وراثي إذ أن أغلب هذه الأمراض ليس لها علاج متوفر وبذا يصبح هذا الطفل أو الشاب عبئا على أهله ومجتمعه ونظام الدولة برمته.

وحتى يكون الطرح علميا، فإن هناك أيضا الكثير من الأمراض الوراثية والتشوهات الخلقية التي قد تظهر دون وجود أي قرابة بين الأزواج ولكن الحديث هنا يدور عن ارتفاع نسبة الأمراض الوراثية بشكل عام في حالات زواج الأقارب.

وعطفا على كل ما ذكر يستحضرنا هنا ما ورد من أحاديث تحث على تغريب النكاح وإن كان بعضها ضعيفا ولكنها كانت تشجيعا من النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه على التعارف بين القبائل وهو ما ثبت اليوم أنه أكثر أمانا وصحة.

صحيفة الحياة الجديدة