رام الله الإخباري
هذا المقال بقلم الامريكية کاملیا انتخابی فرد، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتبة، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر رام الله الاخباري
عندما تسافر إلى الشاطئ الغربي للولايات المتحدة، تشعر بأن الحياة ناعمة وهادئة وآمنة لدرجة قد تنسيك كل الفظائع التي تحصل في أماكن أخرى من العالم، مثل سوريا والعراق. الناس هناك يرتدون ملابس الرياضة أو يركبون دراجاتهم أو يتنزهون مع كلابهم. في ذلك الطقس الرائع على ذلك الشريط الساحلي البديع، يعيش الناس حياتهم الطبيعية، وكل ما يتمنونه هو أن يسود الأمان تلك المدينة الأوروبية التي يرغبون بالذهاب إليها لقضاء عطلتهم الصيفية.
سألت صديقة في لوس انجلوس إذا كانت تعرف شيئاً عن الخلافات بين بعض الدول العربية مؤخراَ، بما في ذلك السعودية وقطر، فأجابت بالنفي. وسألتها إذا كانت سمعت عن الهجوم الإرهابي الذي ضرب طهران مؤخراً، فكان جوابها أنها لا تعرف شيئاً عنه أيضاً. في النهاية قالت لي أنها ليست من النوع الذي يهتم بالأخبار.
هل هي فعلاً لا تهتم بالأخبار أم أن الشرق الأوسط لم يعد مهماً لكثير من الناس في كثير من الدول المختلفة؟كثير من الغربيين، وخاصة الأمريكيين، لا يستطيعون التفريق بين الإيرانيين والعرب. بالنسبة إليهم مشاكلنا هي نفسها في الشرق الأوسط. كل الأنباء الصادرة من هناك حالياً هي أخبار سيئة، وجميعها تشير إلى أننا متعصبون ضد بعضنا البعض، ولذلك لم يعد المواطن الغربي يهتم بمشاكلنا وهمومنا.
رغم أن معظم الدول في منطقتنا تملك ثروات كبيرة، خاصة ثروات النفط والغاز، إلا أن معظم الدول الإقليمية فشلت في تعليم شعوبها والاستثمار في ديمقراطية مناسبة، وفشلت في نشر تعاليم الإسلام المعتدلة الصحيحة لجميع أبنائها وللعالم بما يتناسب والحياة في القرن الحادي والعشرين. والأهم من هذا كله، لم تستطع هذه الدول أن تؤمن لشعوبها حياة آمنة كما هي حال الشعوب الغربية.
الأزمة في سوريا وأجزاء من العراق وصلت إلى درجة كبيرة من الدمار وخرجت عن السيطرة تقريباً، لذلك ربما من الصعب التصديق أن الوضع سيتحسن هناك في فترة قصيرة، حتى بعد سقوط داعش، لأن الوضع الحالي معقد وبحاجة إلى فترة طويلة لكي يتم إيجاد الحل المناسب له. فقد زرعت بذور الكراهية والتطرف بعمق، ولذلك يحتاج الأمر إلى سنوات لإصلاح هذا الوضع الفوضوي.كان لدينا في البداية تنظيم القاعدة، ثم جاءت حركة طالبان، والآن داعش، وربما تنشأ في المستقبل جماعات أخرى لا نعرف عنها شيئاً بعد سقوط داعش.
هذه المنطقة التي كانت تنعم بالأمن السلام منذ فترة ليست بعيدة، وكانت مشهورة بالموسيقى الشرقية والسجاد العجمي والضيافة الشرق أوسطية، اختفى منها كل ذلك الآن وراء دخان الحرب والتطرف الإسلامي.أعرف أن هذا المقال يبدو فلسفيا في بحثه عن المدينة الفاضلة التي نتمنى أن نعيش فيها في هذا الجزء من العالم، لكن الحياة قصيرة وعلينا أن نبذل كل جهد ممكن للوصول إلى مجتمع سلمي مسالم. هذه الأحداث الشنيعة التي تجري في الشرق الأوسط غيرت عقولنا وقلوبنا. فنحن لم نعد نقول شيئاً عندما نشاهد داعش تمارس أبشع أنواع القتل والتعذيب ضد الناس. ولم يعد يهزنا مشهد مجموعة من الناس موضوعين في أقفاص مثل حيوانات السيرك وحولهم إرهابيون متوحشون يتلذذون بإشعال النار فيهم حتى الموت.
إذا كان الإرهاب قد غير قلوبنا فإن منطقتنا لن تعود طبيعية مرة أخرى إلا إذا استعدنا تعاطفنا مع الآخرين. ولعل من سخرية القدر أن البعض تساءل بعد الهجوم الإرهابي على طهران مؤخراً، والذي أدى إلى مقتل 17 شخص، عن سبب كون عدد الضحايا قليلاً! لسوء الحظ، اصبحت الأرقام الكبيرة لعدد الضحايا شيئاً طبيعياً، وعلينا أن نغير هذا "الطبيعي" ليصبح مرة أخرى جرائم ضد الأبرياء، بغض النظر عن جنسيتهم أو طائفتهم.علينا أن نغير هذه العقلية. صحيح أنها مهمة صعبة، لكن علينا أن نلجأ للحوار ونتبنى التسامح بين بعضنا البعض، فالسلام جيد لنا وللجميع.
سي ان ان