رام الله الإخباري
ما يفصل بين تحريره من السجن وتاريخ استشهاده عامين ونصف فقط، بالأمس خط باب منزله في زقاق الفاخورة بمدينة سلفيت "اطلعنا وقهرنا السجان"، واليوم كتب على الحائط ذاته باللون الأحمر "سنبقى على العهد".في العبور الأول لأزقة البلدة القديمة والتي تبدأ من ساحة التوتة، تشهد الجدران بأن سبأ مر يوماً من هنا، فيما يلبس الصغير والكبير في اعناقهم عقود طبع عليها صور سبأ، وتطل عليك النساء من شبابيك بيوتهن مرحبة بضيوف أم الشهيد.
في جمعة الغضب بتاريخ 12 أيار الجاري، استشهد سبأ نضال أبو عبيد( 23عاماً)، متأثرا بإصابته بعيار ناري في الصدر،اذ اخترقت الرصاصة قلبه على أراضي قرية النبي صالح شمال رام الله، خلال مسيرة مساندة ومناصرةً للأسرى الذين يخوضون اضراباً مفتوح عن الطعام، والتي خرج بها الشبان من كافة محافظات الوطن الى مناطق الاحتكاك مع جيش الاحتلال. اطلق الأصدقاء على سبأ عبر صفحات الفيس بوك القاب كان ابرزها، شهيد الكرامة، والسبع، وأسد سلفيت، وشهيد سلفيت، وكتب له صديقه المقرب مصعب بلاسمة، "لم يعد هناك طعم لأي شيء، فرحتنا منقوصة وأحزاننا تزداد وننتظر يوم لقاءك سامحنا يا أخي فلقد قصرنا سامحنا يا عنفواننا اذا نسينا ولكن كيف ننسى وأنت معنا حاضر بكل لقائتنا"، ويقول أحد اصدقائه لوالدته، كرمال سبأ لنعيش جدعان يا خالتي، اليوم فادي سمى ابنه سبأ وبكرا بس يجي ابني ع الدنيا رح اسميه ع اسم البطل.
وفي مقابلة مع الوكالة الرسمية قالت والدة الشهيد ، سبأ منذ طفولته كان يتميز بشقاوته وجرأته، لا يعرف الخوف، بقي من اوائل صفه في المدرسة حتى الصف السادس وصار يتراجع وتخف رغبته بالدراسة يوماً بعد يوم، ووصل للصف التاسع وخرج من المدرسة، اتجه نحو التحزب والوطنية وحبه للاستشهاد كبر معه وخوفي عليه يزيد ويكبر، كان يلاحق الجيش كلما دخلوا البلد، دائماً في المقدمة في الأول عمره ما فر من جندي.وتضيف، تصاوب في ركبته ثم في رجله الثانية بعد فترة قصيرة، يؤشر لي على رأسه ويحكي: بدي اياها في راسي يما.
علق سبأ في اليوم الأول من اضراب الاسرى صورا للقائد مروان البرغوثي في غرف المنزل، وعلق في الزوايا علم فلسطين، كان من اوائل المبادرين في دعم خيمة التضامن التي اقيمت في سلفيت، ويدعو دائما الى ضرورة الوقوف وقفة جدية مع قضية الاسرى، وفي تعقيبه على منشور أحد اصدقائه، "بعد الانتخابات مين رح يدعم الأسرى"، كان رده " انا وكل انسان في ذرة شرف".
"أعظم درجات التضحية أن تتحمل الأم فراق ابنها"، تقول جدة الشهيد.
وتكمل، ليلتها سهر مع امه أخذ الأكل وقعد على عتبة الغرفة حكالها: "اذا رحت يا امي على مكان هاي ينال كبر وصار برتكن عليه بالشغل، وطلب مني اني ازغردله اذا استشهد احكيله هو يا ستي كل من طلب الشهادة بده ينولها لسه بدي اجوزك وافرح فيك، يحكيلي: يا مربية الأجيال انا عندي 70 حورية بالجنة بدي ابدلهم في بنات الدنيا"!
تقف دانيا بجانب جدتها وتقول: "اخوي استشهد وانا كنت حبيبته لحالي، قبل ما يستشهد اعطاني مصاري مشان حفلة التخرج من الروضة وحكالي اشتري اواعي حلوات".
و تروي الأم لجاراتها، "كان دائما يحضرني مقاطع من الفيديو لامهات الشهداء وقت استشهاد ابنائهم، ويضل حاضني وما يفارقني حتى يرى ردة فعلي ويسألني اذا استشهد بيوم من الأيام شو بعمل، احكيله اذا انت طلبتها ونلتها الله يصبرني ع فراقك، يحب الشهداء يحلف بدمهم وارواحهم ، كنت احسه شهيد حي بينا بس لوقت ربنا رح يختاره".
وتتابع: "قبل استشهاده بأيام قليلة اشترى لبسة جديدة وتصور فيها بالاستديو، وأوصى أن تكون هذه الصور معلقة على بوسترات يوم استشهاده، جهز العلم الذي أحب أنه يلتف به عندما يستشهد وخبأه عند صديقه وخلال المواجهات اتصل عليه ليحضره ويكون مستعداً، وقبل خروجه ودع حارته وسلم على كل من يلاقيه بطريقه يبوس جبين الختياريه و يرن ع اصحابه يودعهم بالواحد".
وتذكر، استقبلته وتزينت مثل ام العريس ولم البس اللون الأسود، وانما بوسته رضيت عليه وسامحته ابتسملي وحبات عينيه رأيتهن ينظرن باتجاهي، ولو كل اولادي يستشهدوا رح اضلني صابره.يجلس والد سبأ باستمرار في خيمة الاعتصام، على الرغم من تردي وضعه الصحي فهو يعاني من اوجاع في شبكية العين، ولم يشف من عملية القلب المفتوح بعد، الا أن الخيمة كانت المكان المحبب لسبأ، ويشتد المرض والحزن على أخيه رغد الذي كان أشد المتعلقين به.
ولد سبأ في 28/6/1994، اختارت والدته اسمه من القرآن الكريم، له ستة اخوة واختين، سجنه الاحتلال سنة ونصف، عمل سبأ في مغسلة سيارات ثلاث سنوات، ثم افتتح مغسلته الخاصة.ذهب سبأ وبقيت غرفته التي تحتوي على تخته وخزانته وعدد من المقاعد التي كان يستقبل بها اصدقائه، بينما وزعت امه ملابسه على اصدقائه المقربين لتكون ذكراه في كل مكان.
وكالة وفا