رام الله الإخباري
ما إن فتحت الطفلة دانا أبو حسنين باب منزلها بعدما أنهت زيارة إلى الطبيب برفقة والدها حتى أخذت تنادي "ماما.. ماما"، لكنها أصيبت بصدمة فاقت قدرتها على التحمل حينما شاهدت والدتها غارقة في دمائها بلا حراك.
واهتزت قلوب الألاف في قطاع غزة بجريمة قتل المغدورة نسرين أبو حسنين (42 عامًا)، في مخيم النصيرات وسط القطاع، والتي تكشفت خيوطها بالقبض على قاتلها ويُدعى "م. هـ" (26 عامًا).
ولم تتوقف جريمة قتل المغدورة عند هذا الحد، فالمجرم الذي طعنها بالسكين عدة طعنات، أعدم جنينها الذي كانت تنتظر قدومه داخل أحشائها، وألغى بغدره موعد فرحة كان ينتظرها أطفالها بفارغ الصبر وهو يوم تخرج والدتهم من الجامعة.
"نسرين" التي تحمل في بطنها طفلها الخامس، وتأمل من الله أن يرزقها ولدًا لتحقق حلم ابنها "عبود" بأن يكون له أخ، ماتت دون أن تحقق أمنيتها في أن ترتدي برفقة أبنائها ثوب التخرج، بعد تحقيق حلمها في استكمال دراستها الجامعية.
وألقت شرطة مباحث محافظة الوسطي القبض على قاتل المغدورة نسرين حسنين بعد اكتشاف الجريمة في أقل من 24 ساعة.
تفاصيل الجريمة
ويسرد زوج المغدورة إبراهيم أبو حسنين تفاصيل الجريمة، قائلًا: "اتصلت المدرسة وأبلغتني بأن ابنتي تعاني من انتفاخ في يدها فذهبت واصطحبتها إلى العيادة لعلاجها، ثم رجعت بها إلى المنزل وبقيت أسفل البرج الذي أسكن فيه، وقلت لدانا (10 أعوام) أن تبلّغ أمها بتجهيز الغداء".
ويضيف ببكاء شديد: "فتحت دانا الباب ونادت على أمها ولم ترد، فتفاجأتُ بها تصرخ من الشباك وتناديني، فصعدت وإذا بزوجتي غارقة بدمائها وفي جسدها أكثر من 10 طعنات وفوقها أنبوبة غاز".
وفي الفترة القصيرة التي ذهب فيها الزوج إلى العيادة كان المجرم قد ارتكب جريمته بدافع السرقة، فقتل الأم وطعنها وقطع جزءًا من أذنها ليسرق قطعة ذهبية كانت تلبسها، وسرق 3 قطع أخرى صغيرة من غرفتها".
صدمة الأطفال
وأصيبت دانا الشاهدة الأولى على جريمة قتل أمها بصدمة منذ تلك اللحظة، فمشاهد الدم فاقت قدرتها على التحمل، وتعيش منذ لحظتها على "المهدئات".
ويقول والدها: "أصيبت دانا بصدمة شديدة لم تتحملها، وهي الأن لا تهدأ إلا بالمسكنات".
وما إن ذهبت الأم إلى قدرها حتى بدأت تتحول كل الأشياء الجميلة التي كانت تحيا بين هذه الأسرة إلى ذكريات مؤلمة، خاصة تلك التي كان الأطفال والأم والزوج ينتظرونها.
ويبكي زوج المغدورة قائلًا: "أنهت زوجتي دراستها الجامعية في تخصص التعليم الأساسي، وكانت متدربة في مدرسة ابنتي ديما في الصف الأول، وكانت ديما متعلقة بها إلى أبعد الحدود".
ويتابع "تعلّمت زوجتي لتعلم أبنائي، وطلبوا من والدتهم أن تفصّل لهم أثواب تخرج ليحضروا حفل تخرجها المقرر بعد شهر في جامعة القدس المفتوحة".
ولكن المجرم حال دون تحقيق هذا الحلم، أما ديما التي كانت تحلم أن تتصور مع أمها بثوب التخرج، ثم تكون أمها معلمتها الخاصة بالمدرسة، فلا تزال تسأل والدها "هل ستحضر ماما الحفل"، حتى بعد موتها.
وبألم يردد الأب: "ما ذنب أطفالي حتى يقتل هذا المجرم أمهم، لماذا لم يكتف بالسرقة ويترك الأم تعيش لأولادها".
واعترف المجرم أثناء التحقيق معه، بأنه قتل المغدورة بضربها بعصا وسكين وانتهاء بإلقاء أنبوبة غاز على رأسها، ليتأكد من الإجهاز عليها، ومن ثم سرقة مالها ومقتنياتها.
رحلت مع شقيقهم
ويزداد وجع هذه الأسرة إيلامًا أن المغدورة كانت تحمل في بطنها أخوهم الخامس، وقد كانوا ينتظرونه بفارغ الصبر، لكنها رحلت به على يد القاتل.
وبعد الجريمة غادر الزوج شقته التي شهدت الجريمة، وأقسم ألا يخطو أطفاله فيها قدمًا بعد ذلك، وهو يقول: "أولادي انهاروا ولا أريد أن يصيبهم وجع أكثر من هذا الوجع".
وحرم حصار غزة المغدورة حتى من أن يشهد والديْها جنازتها أو يلقوا عليها نظرة الوداع، فإغلاق معبر رفح البري حال دون مجيئهم من حيث يقيمون في القاهرة.
ويقول زوجها: "ليتني أستطيع فعل شيء لزوجتي، فهي كانت مشتاقة لوالديها، ولكن إغلاق المعبر قيدني ولا حيلة لدي لأحضرهم إلى غزة".
ووريت الزوجة الثرى وانتهى فصل الجريمة بسجن القاتل، لكن الأطفال الأربعة حلّ الحزن ضيفًا جديدًا في فصول حياتهم الأربعة دون استئذان.
أما الزوج فلا يملك وهو ينظر إلى أطفاله الأيتام إلا الدموع والمطالبة بـ"القصاص العاجل من القاتل".
وكالة صفا