رام الله الإخباري
اعتبر خبيران عسكريان مصريان، الهجوم الأميركي على قاعدة عسكرية تابعة لنظام بشار الأسد بأنه "تحول في قواعد اللعبة" بسوريا، فيما رآه خبير ثالث "انتهازاً" أميركياً لفرصة الرد على جريمة قديمة لنظام بشار الأسد.
وأكد الخبيران أن الضربة رسالة أميركية للعالم لتأكيد استخدام نظام الأسد للغازات الكيماوية وأن أميركا لن تنتظر لجان تحقيق، فـ"الاتهام تأكد والعقاب تم".
فيما أوضح الخبير الثالث أن أميركا تتحين الفرصة منذ هجوم الغوطة الشرقية في أغسطس/آب 2013 قبل أن تتدخل روسيا بمبادرة وضع الأسلحة الكيميائية تحت الرقابة الدولية، وأن الضربة من شأنها إطالة أمد الصراع.
ونفذت الولايات المتحدة، صباح الجمعة 7 أبريل/نيسان 2017، هجوماً بصواريخ عابرة من طراز توماهوك، استهدف قاعدة "الشعيرات" التابعة لنظام الأسد بريف حمص (وسط)، رداً على قصف الأخير بلدة "خان شيخون" في إدلب (شمال) بالكيماوي.
رسالة قوية لروسيا
اللواء المتقاعد، عادل سليمان، رئيس منتدى الحوار الإستراتيجي لدراسات الدفاع والعلاقات المدنية العسكرية، قال إن "الهجوم الصاروخي الأميركي على قاعدة الشعيرات الجوية، تحول خطير وتغير في قواعد اللعبة في سوريا بعدما كانت روسيا وإيران تهيمنان على الأوضاع".
وأضاف سليمان، أن الهدف الرئيسي هو توجيه ضربة للبنية الرئيسية لنظام الأسد وإعلان أن النظام وتنظيم "داعش" "وجهان لعملة واحدة"؛ لأن الشعيرات هي القاعدة الرئيسية التي يستخدمها الأسد للانطلاق لضرب معارضيه.
واعتبر أن الضربة العسكرية "بداية لخروج نظام الأسد من المعادلة السورية"، كما أنها تحمل رسالة قوية لروسيا لتحجيم دورها وإظهار عجزها، وأن أميركا لا تزال هي القوة الأولى في العالم وأن اهتماماتها بمنطقة الشرق الأوسط لم تتغير.
وتابع: "ورسالة أخرى لحزب الله وإيران بأنهما ليسا بعيدين عن العقاب، فضلاً عن تقوية التحالف مع تركيا والخليج في المنطقة".
وفي رأي العميد المتقاعد، صفوت الزيات، والخبير العسكري والإستراتيجي، أن الرسالة الأهم هي وضع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، على نحو خاص في وضع "العاجز" عن حماية النظام؛ لأن صلب المهمة الروسية هي الحفاظ على بقاء النظام وتأمينه عسكرياً وسياسياً ودبلوماسياً.
وأضاف الزيات: "أميركا تقول للعالم لن ننتظر تأكيداً على أن النظام متهم باستخدام الغازات الكيمياوية، ولا توجد جدوى للجان تحقيق، فالاتهام تأكد والعقاب تم".
محاولة تحجيم أميركا
وأخفق مجلس الأمن الدولي في التصويت على أي من مشاريع القرارات الثلاثة التي طرحت على طاولته فجر الجمعة بشأن الهجمات الكيميائية التي وقعت قبل ثلاثة أيام في بلدة خان شيخون السورية وأسفرت عن مقتل أكثر من 100 وإصابة نحو 500 آخرين.
وأظهرت جلسة المشاورات المغلقة التي تم إعلان فضها فجر الجمعة وقبل 15 دقيقة فقط من شن واشنطن ضربات عسكرية على سوريا، انقساماً واضحاً بين موقفي روسيا من ناحية ومواقف كل من الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا.
وأوضح الزيات أن "الرسالة واضحة أننا أمام رئيس روسي نشر حجماً كبيراً من القوة العسكرية في سوريا على الأرض وهي قوة تتجاوز بكثير مهمة مكافحة الإرهاب".
ووفق الزيات، فإن روسيا كانت تحاول تحجيم حركة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وسوريا وهو ما لن يحدث مع شخصية الرئيس الأميركي.
وتابع: "عندما يُبلّغ الأمريكان الروس عن الضربة، وعندما تحجم روسيا عن التعامل معها فهي رسالة عجز، فضّل الأميركيون أن يوجهوها إلى موسكو ومفادها: عليك بفتح الباب فأنا قادم".
ومضى قائلاً: "أعتقد أنها أصعب الأيام على بوتين فهو شخصية داعية إلى فكرة الدور العالمي والدور الإمبراطوري ولديه نوع من الحنين إلى الزعامة السوفيتية، وعدم وجود رد فعل قوي بعمل حقيقي على الأرض هو نوع من العجز".
الزيات أشار أيضاً إلى أن تلك الضربة رسالة إلى نظام الأسد مفادها أنه لا يمكن الاستمرار في هذا التشدق بتحقيق انتصارات في الحرب السورية، كما تحمل رسالة أخرى للميليشيات الإيرانية بأنها قد تكون هدفاً حال المساهمة في أي عمليات على الأرض السورية.
"ضربة غير مشروعة"
على الجانب الآخر اعتبر اللواء المتقاعد، علاء عز الدين، المدير السابق لمركز الدراسات الإستراتيجية بأكاديمية ناصر العسكرية (حكومية)، أن أميركا تتحين الفرصة منذ فترة والمرة الأولى كانت في الغوطة لضرب النظام قبل أن تنجده روسيا عبر مبادرة التنازل عن الأسلحة الكيميائية ووضعها تحت الرقابة الدولية.
ووصف الضربة الأميركية بأنها "انتهاك" للقانون الدولي، "فليس من حق أميركا أن تتدخل في شؤون أي دولة بهذه الطريقة". حسب قوله.
واعتبر أن الضربة العسكرية ليست حلاً وإنما تطيل أمد الصراع في البلد الذي يعاني من ويلات الحرب منذ أكثر من ست سنوات.
الاناضول