هكذا تكون رحلة العلاج من غزة الى القدس

 رحلة العلاج من غزة الى القدس

رام الله الإخباري

"في هذه الأثناء هناك من باتوا ليلتَهم يتألَّمون، إن استطاعوا النومَ أصلا، من أطفالِنا ونسائِنا وشيوخِنا ممن تلقوا جرعةَ الكيماوي أو جلسةَ العلاجِ الإشعاعي يستعدون هم ومرافقيهم الآن، للتوجهِ إلى المستشفى ليومٍ آخر من رحلةِ علاجِهم، العلاجُ أنهك أجسادَهم، هم ومرافقيهم لا يستطيعون السيرَ لمشفاهم، ومعظمهم لا يقدرون تحملَ تكلفةِ المواصلات لتنقلَهم إليها بفعلِ ظروفِهم الاقتصاديةِ والاجتماعيةِ الصعبة، آلا يستحقون يداً تمتدُ إليهم بشراءِ ميني باص لنقلِهم على مدارِ الساعةِ والعودة بهم إلى أماكنِ إقامتِهم معززين مكرمين؟ هو أقلُّ ما يمكنُ أن يقدمَ لهم لتخفيفِ جزءٍ من معاناتِهم، أدعوكم للمساهمةِ في هذا المشروعِ "حملة لمرضى غزة الكرام" نعم يمكنُنا فعلُها...بهمتِكم يمكنُ شراءُ الميني باص، هل نفعلُها معا؟".

هذا ما نشره عصام يونس مديرُ مركزِ الميزان لحقوقِ الإنسانِ في غزة على جدارِ حسابِه على موقعِ "فيس بوك"، مبادرة أطلقها يونس بصحبةِ عددٍ من النشطاءِ الفلسطينيين في غزةَ والضفة الغربية والقدس من أجل جمعِ ثمن "ميني باص" يكونُ خاصا بمرضى قطاعِ غزة، يسهلُ عليهم عمليةَ التنقلِ من وإلى مستشفيات القدس المحتلة، ويكونُ تنقلُ المرضى مجانياً وبطريقةٍ سهلة.

التقيتُ مؤخراً بصاحبِ فكرةِ المبادرة، وللعلمِ هو أحدُ الذين تلقوا العلاجَ في مستشفيات القدس المحتلةِ سابقا، الذي عاش تلك الظروفَ أثناءَ تلقيه رحلةَ العلاجِ وشاهد بأمِّ عينيه حجمَ المعاناةِ التي يعانيها مرضى قطاع غزة عند تنقلِهم لتلقي العلاج في مستشفيات الداخلِ المحتل، يقولُ لقد لمستُ حاجةَ هؤلاءِ المرضى لوسيلةِ نقلٍ تكونُ خاصةً بهم خاصةً في ظلِّ الإجراءاتِ الإسرائيلية المعقدة والتي تحرمُ العديدَ من مرافقي المرضى من السفرِ معهم تحت ذرائعَ أمنيةٍ إسرائيلية.
الفكرةُ باختصارٍ شديدٍ هي عبارةٌ عن حملةٍ "لمرضى غزة الكرام" تسعى لشراءِ حافلةِ نقلِ (ميني باص) لنقلِ المرضى من الأطفالِ والنساءِ والرجالِ وكبارِ السن القادمين من قطاعِ غزة والذين يعالجون في مستشفياتِ القدس وذلك لصعوبةِ وغلاءِ تكاليفِ التنقل في منطقةِ القدس ومن المستشفى وإليها.  ما لفت نظري في تلك المبادرةِ الاسمَ الذي أطلق عليها "حمله لمرضى غزة الكرام" وعند كلمةِ الكرامِ سأقف!

للأسف الشديد في بلادِنا لا توجدُ كرامةً للمريضِ تُصان سواء من خلال تلقي العلاجِ المناسبِ في الوقتِ المناسبِ والمكانِ المناسب، أو من خلال المعاملةِ التي يتلقاها المرضى داخلَ بعضِ المستشفيات في ظلِّ توافرِ الأخبارِ عن وجودِ إهمالٍ طبي أو ما يسمى ما بين الحينِ والآخر " خطأٌ طبي"، ولكنْ في غزةَ وحدها أكثرُ من عشرةِ آلافِ مريضٍ بالسرطان، ولم يسبقْ أن أصدرت وزارةُ الصحةِ الفلسطينيةِ في غزةَ أرقاماً دقيقةً حول عددِ المصابين بالمرض.  إن الكرامةَ التي يبحثُ عنها عصام يونس من خلالِ مبادرتِه هي مشروعةٌ بقدرٍ كبيرٍ لأنه عاش التجرِبةَ بكاملِ تفاصيلِها أثناءَ تنقلِه بين مستشفياتِ القدس عندما كان يعاني من مرضِ السرطان، حملة يتطلع القائمون عليها أن تؤتي ثمارها بشراء "ميني باص" يحمل اسم باص الكرامة لمرضى غزة.
ليس بالأموالِ نحيا وليس من أجلِها نعيشُ ما لم تكنْ تلك الأموالُ طريقةً لجلبِ السعادةِ وتخفيفِ الألمِ عن كاهلِ مرضى ومحتاجين، فلا تدري لعلك يوما ما تكونُ أحدَ المستفيدين أو أحدَ أقاربِك من هذا الباص وان لم يكنْ فهي صدقةٌ جاريةٌ لك تكونُ ربما هي التي تجنبُك وأولادَك من ركوبِ ذلك الباص.
 

أشرف أبوخصيوان