رام الله الإخباري
نشر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني تقريرا، تحدث فيه عن أهم الأسباب التي تؤكد أن أردوغان يملك حظوظا وافرة في الفوز بالاستفتاء التركي، على الرغم من التوتر الذي شهدته العلاقات الأوروبية التركية.
وقال الموقع، في تقريره، إن السياسة الداخلية التركية أصبحت حديث الساعة على نطاق عالمي؛ نظرا لمحاولة أوروبا التأثير على الاستفتاء المقبل بصفة غير مباشرة، وذلك من خلال منع التجمعات المؤيدة لأردوغان. وفق ترجمة عربي21
وذكر الموقع أن القادة الأوروبيين وضعوا قوى المعارضة التركية في موقف لا تحسد عليه، حيث اضطرت إلى إدانة قرار منع التجمعات وحظر الوزراء والدبلوماسيين الأتراك من عقد اجتماعات مع المواطنين الأتراك داخل البلدان الأوروبية. والجدير بالذكر أنّ خصوم أردوغان لا يدركون أن حظوظ نجاحه في الاستفتاء قد تتضاعف؛ بفضل عدم قدرة معارضيه في خارج البلاد على حشد تجمعات مضادّة له في تلك البلدان.
وأكد الموقع أنه، وبغض النظر عن ردّ الفعل الأوروبي، فإن القوى العلمانية التركية، التي تستلهم قيمها السياسية العليا من النموذج الديمقراطي الأوروبي، لا ترى سببا لدعم العداء الغربي تجاه السياسة التركية. وفي الوقت ذاته، يجمع الأتراك على أن جل شركاء تركيا الغربيين وحلفائها المحليين غير جديرين بالثقة، كما يرجّحون أن الغلبة ستكون لأردوغان في الاستفتاء القادم.
وفي هذا الإطار، قدم الموقع خمسة أسباب تقف وراء الدعم المتوقّع للمحافظين، والوطنيين، والناخبين المتردّدين تجاه سياسة أردوغان.
وبين الموقع، أوّلا، أن معارضي أردوغان لا يستطيعون تأكيد أو نفي انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، حيث أثنت جميع التقارير، التي أصدرها الاتحاد بين سنتي 2004 و2014 بشأن ضمّ تركيا له، على الدور الذي لعبه أردوغان وحكومته في إضفاء طابع ديمقراطي على المؤسسات التركية. وفي سنة 2007، أشاد "تقرير التقدم" الصادر عن الأمم المتحدة بتغلّب الديمقراطية التركية على محاولات الجيش للتدخل في العملية السياسية، وأقرّ بالتقدم الذي أحرزته المؤسسات العامة ومنظمات المجتمع المدني بشأن حماية حقوق المرأة.
وفي السياق ذاته، وفي سنة 2015، رحب برلمان الاتحاد الأوروبي بخطة العمل التي اعتمدتها حكومة أردوغان لمنع أي انتهاك قد يطال الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، واعتبر ذلك خطوة هامة نحو ملاءمة الإطار القانوني التركي لمقتضيات الاتفاقية. في المقابل، وفي ظل تواتر التقارير الداعمة لإنجازات أردوغان وحكومته في السنوات الماضية، ستحتاج الدول الأوروبية للعمل جاهدة لإقناع الناخبين الأتراك بأن الحكومة ذاتها لم تحقق شيئا يذكر، وحثهم على نبذ الاستفتاء.
وذكر الموقع، ثانيا، أن المعارضة لا تملك أي خطة للنهوض بالاقتصاد التركي في خضم الأزمة العاصفة التيّ يمرّ بها، حيث تراجعت قيمة الليرة إلى مستوى تاريخي في مواجهة الدولار الأمريكي. خلافا لذلك، تمكن أردوغان من الحفاظ على شعبيته في الانتخابات الأخيرة، عبر موازنة مؤشّر النمو الاقتصادي للبلاد، وحمايته من الانحدار في خضم الأزمة الاقتصادية العالمية في سنة 2008.
وأشار الموقع إلى أن الشعب التركي لم يفقد ثقته في قدرة الرئيس على تسيير الاقتصاد الوطني، خصوصا في ظل خلو الساحة السياسية من منافسين بإمكانهم تقديم بدائل وحلول أفضل. من جانب آخر، ومع استمرار السّياسة الخارجية التركية في تطبيع العلاقات مع كل من روسيا وإسرائيل، فمن المتوقّع أن تزدهر السياحة هذه الصائفة. وفي الوقت نفسه، عبّر أصحاب المشاريع الصغرى والكبرى عن مخاوفهم من الأضرار التي يمكن أن يتكبدوها في حال تنحّي أردوغان.
وأكد الموقع أن علاقات تركيا الخارجية خوّلت لها توسيع نطاق مداولاتها بعيدا عن أوروبا والصين؛ فقد حققت تركيا، بفضل علاقاتها التجارية مع دول الخليج، فائضا قدره 85 مليار دولار بين سنتي 2012 و2015. بالإضافة إلى ذلك، سعت أنقرة إلى زيادة حجم مبادلاتها التجارية مع بلدان آسيا الوسطى أثناء مشاركتها في قمة منظمة التعاون الاقتصادي، التي عقدت مؤخرا في إسلام أباد.
وأفاد الموقع، ثالثا، بأن الشعب التركي يثق في قدرة أردوغان على التعامل مع الوضع الأمني المتدهور في تركيا. في الوقت الراهن، يواجه الأتراك العديد من الرهانات، لعل أبرزها الحالة الأمنية المتدهورة جرّاء الهجمات الإرهابية المتكررة التي طالت العديد من المناطق خلال السنوات الأخيرة.
وفي هذا الإطار، يعتقد معظم الناخبين أن مسؤولية الهجمات الإرهابية التي شهدتها البلاد منذ سنة تقع على عاتق الجماعات الكردية المسلحة في سوريا وتركيا، بالإضافة إلى تنظيم الدولة وتنظيم القاعدة وشبكة فتح الله غولن.
وفي شأن ذي صلة، ينظر الأتراك بارتياب إلى الدعم الأمريكي الأوروبي للمسلحين الأكراد في سوريا. وفي الأثناء، نجحت الحكومة التركية في بعث رسالة قوية للأتراك، مفادها أنها قادرة على المضي قدما في حربها ضد تنظيم الدولة وهزيمته، دون الاعتماد على الدعم الأمريكي، وذلك بعد أن تمكنت بمفردها من الدفاع عن مدينتي "جرابلس" "والباب".
فضلا عن ذلك، يؤمن الشعب التركي بأن الحلفاء الغربيين متواطئون مع قوات خارجية لها يد في الهجمات الإرهابية ضد تركيا، خاصة شبكة غولن والمسلحين الأكراد في أوروبا.
وأورد الموقع، رابعا، بأن تركيا كانت ستمنى بهزيمة نكراء في سوريا لولا سلسلة الإجراءات السياسية والتعديلات التّي اتخذها أردوغان، بما في ذلك تطبيع العلاقات مع روسيا، وتعيين رئيس وزراء جديد يُعتقد أنه أكثر مرونة وعملية من سلفه أحمد داوود أوغلو، خاصة فيما يتعلق بالسياسة الخارجية. من جهة أخرى، أصبحت القضية السورية بمثابة مسألة داخلية بالنسبة لتركيا، التي توفر الملاذ لثلاثة ملايين لاجئ سوري حاليّا.
وتجدر الإشارة إلى أن كمال قليتش دار أوغلو، زعيم حزب الشعب الجمهوري، حاول الاعتماد على قضية اللاجئين؛ لتأليب الرأي العام، ودفعهم إلى عدم التصويت على الاستفتاء. وفي هذا الإطار، أقر قليتش دار أوغلو بأنه "في حال أدليتم بأصواتكم في صالح هذا الاستفتاء، فسيسارع هؤلاء إلى منح الجنسية التركية للسوريين، إذا كنتم توافقون أن يصبح أطفالكم عاطلين عن العمل، ويصبح التجار البسطاء فقراء، فصوتوا بنعم". في المقابل، يؤمن الأتراك بأن مسألة اللاجئين السوريين هي بمثابة قضية إنسانية، ولها دوافع دينية في الأساس. كما أن سياسة أردوغان تجاه هذه القضية تعدّ، من وجهة نظرهم، ناجحة للغاية.
وأفاد الموقع، خامسا، بأن من بين التعديلات التي يتضمنها الاستفتاء تحول النظام البرلماني التركي إلى رئاسة تنفيذية، ما جعل النقاش يتمحور بالأساس حول أردوغان نفسه وطموحاته. وفي هذا السياق، يرى الأتراك القوميون أن الحملات المناهضة لأردوغان في أوروبا تدار من قبل جماعات مؤيدة لاستقلال الأكراد عن تركيا. في المقابل، وظّف كل من حزب الحركة القومية وحزب العدالة والتنمية الهستيريا الغربيّة ضد تركيا والإسلام ضمن حملتهما لدعم الاستفتاء.
وفي الختام، أوضح الموقع أن الشائعات المغرضة حول الاستفتاء من شأنها أن تثير المشاعر القومية لدى الناخبين الشباب، الذّين سيفضّلون حتما إنجاح الاستفتاء؛ وذلك بهدف تعزيز قوة تركيا ودعم تحركاتها لمقاومة الغرب.
عربي 21