حين يسمع الناس بالسعادة، فإن أمورا كثيرة تتبادر إلى أذهانهم، إذ إن لكل منهم تصورا حولها، فمنهم من يربطها بالمال، وثمة من يعزوها إلى جوانب أخرى، لكن التقارير العالمية، لا تأبه كثيرا بنظرات الأفراد، فالسعادة بالنسبة إليها تتحقق عبر مجموعة من الشروط الموضوعية؛ مثل الدخل والحقوق والرعاية الصحية.
ويقول جيفري ساكس، وهو أحد معدي تقرير الأمم المتحدة حول السعادة الذي يشمل 156 بلدا حول العالم، إن ثمة تقاربا في تعريف السعادة، رغم الاختلاف الحاصل في رؤى البشر، فجميع الناس، بحسب قوله، يريدون أن يعيشوا في ظروف جيدة في نهاية المطاف، وفق ما نقل موقع "سي بي إس".
ويضيف ساكس أن ما يهم الناس هو أن يعيشوا في ظروف مادية مريحة، فيكون لهم رصيد في البنك، ويثقوا في الحكومة التي تدير أمورهم، فضلا عن التمتع بصحة جيدة، إذ يعتمد المؤشر الدولي بصورة كبيرة على وضع الصحة لدى الحكم على سعادة شعب من الشعوب.
وتؤثر الخدمات الحكومية بشكل بارز في تصنيف البلدان، فالبلدان الإسكندنافية، مثلا، تحل في مراتب متقدمة، بفضل ارتفاع الدخل وشروط العيش، بالرغم من المناخ البارد، فيما تقبع دول أخرى تتمتع بطقس معتدل، في ذيل الترتيب بسبب مستواها المتدني في الخدمات.
وأضحت العطل السنوية وفتراتها، عاملا في الحكم على سعادة شعب من الشعوب، ذلك أن فترة الراحة تسمح للناس بأن يكتسبوا تجارب جديدة ويروحوا عن أنفسهم، لكن السفر يرتبط بالمال أيضا، لاسيما حين يتعلق الأمر بالسياحة في الخارج.
وفي المقابل، يرى منتقدون لمؤشر السعادة، أن مؤشرات السعادة لا تكشف بدقة عما يدور في نفوس الناس، إذ قد يكونون في ظروف مادية مريحة، لكنهم ليسوا سعداء بالضرورة، بالنظر إلى وجود بون بين جانبي الجسد والروح، ومن المؤشرات على ذلك ارتفاع معدلات الانتحار والاكتئاب في عدد من الدول المتقدمة.
وحظيت السعادة بنقاش فلسفي طويل، منذ نشوء الفكر الإغريقي، فأرسطو مثلا، قارب مسألة السعادة واعتبرها مرتبطة بفعل الخير، قبل أن تتوالى نظرات أخرى، كتلك التي نجدها عند الفارابي ويرى فيها أن السعادة الحقيقية تحصل بالتأمل والقدرة على التمييز، على اعتبار أن الناس لا يولدون سعداء وإنما يصيرون كذلك، بحسب قوله.
وخصصت الأمم المتحدة 20 مارس من كل عام كيوم للسعادة، وكانت المنظمة الدولية أعلنت رسميا في تقرير السعادة العالمية 2016 عن أسعد شعوب الأرض عالميا وعربيا، بالإضافة إلى أتعس تلك الشعوب.