رام الله الإخباري
دخل "السلام" ؟ يسأل أحد الشبان ويدعى "وسام الباشا" بتوتر وعفوية كل شخصٍ يصادفه وهو يدخل نادي الجواد للفروسية غرب مدينة غزة، يجيبه مُسن يقف في صف الجمهور " راح عليك جمال السلام، كان مثل الغزالة" يدير الشاب وجهه ممتعضاً من حظه.
الخيل العربي الأصيل الملقب "بالسلام" يحظى بشهرة واسعة في قطاع غزة وله معجبين بالمئات بدا الأمر واضحاً من حجم الحضور، كما أن العيون التي كانت تترقبه بشغف كانت كمن يراقب معشوقاً وقت تألقه ..
"السلام" كان حتى وقت قريب أغلى الخيول الموجودة في غزة ثمناً، جاوز سعره حدود الـ_ 12 ألف دولار_ سر جماله لونه الأبيض الشبيه بالسُحب المتحركة في السماء الصافية، كان هذا الفتّان أول المشاركين في مهرجان عرض جمال الخيول العربية الأصيلة الأول من نوعه في قطاع غزة، وعقد يوم أمس الجمعة بحضور أعضاء من الاتحاد الفلسطيني للخيول، علما أن رياضة الفروسية في غزة مهمشة من قبل المسؤولين والجهات المعنية، وفق ما ألمح إليه مدرب الخيول المخضرم أحمد عبد العال .
كأن غيمة بؤسٍ أٌزيحت عن وجه وسام، حين نادى مقدم المهرجان " يا الأسمر البشير" ، بسرعة جنونية دخل "الخيل" ثمنه _ 9 ألاف دولار_ حين سمع إسمه بصحبة عارضه عبد الرحمن أبو كرش، طاف الأسمر المضمار مرحبا بالجمهور، ثم وقف أمام منصة الشخصيات الاعتبارية وبدأ بحركات الجمال.
مد "الأسمر البشير" عنقه بانسيابية منصاعاً لمطلب عارضه، حينها أجبر الأسمر الحضور الذي جاوز عددهم الـ 800 متفرج على التصفيق والترحيب، أما "الأسمر" فبقى واقفا شامخا صدره وماداً عنقه الأصيل اتجاههم.
يقول عارضه أبو كرش "28 عاما" : " الأسمر دوما غاضب، لكنه يتقن حركات الجمال كامل الإتقان" ويتدرب عبد الرحمن مع الخيل الأصيل الذي جاء عن طريق الأنفاق بعد ما شراه أحد رجال الأعمال من مدينة الزهراء المصرية المخصصة لتربية ورعاية واستثمار الخيول المهجنة والأصيلة والأنواع الاخرى.
ويكمل عنه رأفت دربيه مدير نادي الجواد للفروسية (غير حكومي) :" رسالتنا اليوم هي الحفاظ على الخيول العربية الأصيلة وتربيتها بالطرق الصحيحة السليمة، فجمالها خلاب".
وتمكن بعض رجال الأعمال والمستثمرين من إدخال بعض الخيول الأصيلة العربية، ويترواح عددها قرابة 15 رأساً، أغلاها السلام وأرخصها أن لكل الخيول الموجودة بغزة شهادة ميلاد معتمدة وموثقة بموقع "لاهوي" المخصص للخيول العالمية .
يزيد عبد العال الذي ولد بين أقدام إحدى الخيول كما قال: " حرصنا على رعاية الخيول الأصيلة في قطاع غزة، يأتي لأبعاد رئيسية، أولها انه يأتي كعنصر نضالي نحارب به الاحتلال بالمحافظة على الأصول ومورثنا الفلسطيني،أما الثاني إدخال الفرحة والسرور إلى القلوب المكتئبة في غزة، فالطبيعة والخيول علاج ضيق النفس".
ودرب "عبد العال" الفارس محمد السعدي من قطاع غزة الذي تأهل إلى مونديال كأس العالم المقرر عقده في الشهرين المقبلين بعد ما تأهل في البطولة العربية التي أقيمت في العاصمة الأردنية في شتاء 2014.
يقول المدرب -قمحي البشرة- وهو يعطي التعليمات للمتدربين : " همنا الوحيد هوتعزيز الاصالة الفلسطينية في رعاية الخيول وإعداد أجيال من الفرسان".
انتهت فقرة عرض الجمال لتلك الخيول التي رسمت السعادة المطلقة على الحاضرين، كما أوضحت السيدة مرام عبد الله التي جاءت بعائلتها كاملة تصفق ثم تقول:" أول مرة أحضر مثل هذه العروض لم أعلم يوما أن غزة بهذا الجمال، شكرا للجميع".
لم يتوقف ذلك المهرجان فقط على عرض الجمال الأول، ليطل الفارس عبد الله الغفري" 26" وقد بدا الآخر أنه تربي بين الخيول، بعرض هو الوحيد القادر على ممارسته في غزة، ويحلم بالمشاركة العربية والدولية.
ويعتمد العرض الذي قدمه الفارس "الغفري" على ترويض مجموعة من الخيول إلى شيء ما يشبه السيرك، يمتطي إحداها وتركض باقي المجموعة حوله بطريقة جميلة وحركة دائرية.
أدخل الفارس الذي ينفرد في هذه الرياضة لوحده كومة كبيرة من السعادة في قلوب الجماهير ، يقول الممرض سعيد: " كنت حاسس حالي في فلم مكسيكي، هناك وجوه كثيرة لغزة خلابة غير وجه الموت والحصار".
رجوعا إلى الفارس عبد الله بعد ما انتهى من عرضه الجديد:" أتدرب مع الخيول يوميا قرابة 8 ساعات، سأصل بهذه الخيول إلى المنصات الدولية، فأنا واثق بها ".
وقبل انتهاء العرض الذي دام لساعتين تقريبا.. طلب الجهور مرة آخرى من القائمين رؤية السلام والأسمر البشير سويةً في المضمار. استجاب المنظمون، فعادت الابتسامة تدريجياً إلى وجه الشاب وسام الباشا وهو يتابع السلام عن كثب.
نبأ برس