حذر مجلس الوزراء خلال جلسته الأسبوعية التي عقدها في مدينة رام الله اليوم الثلاثاء برئاسة رامي الحمد الله، عشية اللقاء المقرر بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، من محاولات الأخير إقناع الرئيس الأميركي برغبته بالسلام، وباستعداده لبدء مفاوضات مباشرة دون شروط مسبقة، وادعائه بأن السلطة الوطنية تمارس التحريض وتشجع على العنف والإرهاب، وغيرها من الادعاءات والتزوير وقلب الحقائق.
وأكد المجلس أن كل ما تقوم به إسرائيل على الأرض من هجمة استيطانية مسعورة بالإعلان عن إقامة آلاف الوحدات الاستيطانية في مختلف مستوطنات الضفة الغربية بما فيها القدس، وإقرار الكنيست الإسرائيلية لقانون التسوية الذي يشرع نهب الأراضي الفلسطينية ذات الملكية الخاصة، يدحض ادعاءات إسرائيل بالسلام وبإيمانها بحل الدولتين.
وأكد المجلس أنه في الوقت الذي يرحب فيه بمواقف وردود الفعل الأوروبية على قانون التسوية، فإنه يعرب عن شكره وتقديره لجميع الدول التي استنكرت وأدانت وأعربت عن قلقها من إقرار قانون نهب الأرض الفلسطينية، ودفعت الرئيس الأميركي إلى التصريح "بأن أخذ أراض لبناء المستوطنات يقلص مساحة الأراضي الفلسطينية المتبقية والمحدودة أصلا، وأن دفع الاستيطان قدما ليس لصالح السلام"، وهي المخاطر التي حذر منها الفلسطينيون طيلة سنوات، وطالبوا خلالها المجتمع الدولي باتخاذ قرار حازم بشأن الاستيطان، والتي توجت بإصدار قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2334، إلّا أن الحكومة الإسرائيلية بدل التزامها بهذا القرار قامت بتحدي المجتمع الدولي بتصعيد حملتها الاستيطانية الاستعمارية، وتشريع قوانينها العنصرية، والتلويح بالمزيد من الخطوات التي ترمي إلى ترسيخ احتلالها، واستباق أي جهد يدفعها إلى الالتزام بقرارات الشرعية الدولية بإنهاء احتلالها الاستعماري لأرضنا، وإقرارها بحق شعبنا في إقامة دولته الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة على حدود عام 1967 وعاصمتها الأبدية القدس الشرقية، الأمر الذي يتطلب من العالم أجمع عدم الاكتفاء ببيانات التنديد والرفض، وإنما بمحاسبة إسرائيل على انتهاكاتها لمبادئ الشرعية الدولية وقراراتها وإلزامها بوقف سرقة الأرض الفلسطينية ومقدرات الشعب الفلسطيني وموارده الطبيعية.
ورحب المجلس بالبيان الختامي الصادر عن مؤتمر رؤساء البرلمانات العربية، الذي عقد في القاهرة، والذي سيرفع إلى القمة العربية المقرر عقدها في العاصمة الأردنية عمان في شهر آذار المقبل، والذي دعوا فيه إلى وضع خطة عربية موحدة لدعم صمود الشعب الفلسطيني، واستمرار الجهود لتوسيع الاعتراف الدولي بدولة فلسطين، وتوفير حماية دولية للشعب الفلسطيني، ورفض وإدانة جميع السياسات والمخططات والممارسات التي يقوم بها الاحتلال الإسرائيلي التي تستهدف تهويد وضم مدينة القدس، وإقرار خطة عربية عاجلة لإنقاذ المدينة المقدسة والدفاع عنها بتقديم كافة أشكال الدعم والمساندة، وذلك بتفعيل الصناديق المالية العربية التي أنشئت من أجلها، وإدانتهم ورفضهم للاستيطان الإسرائيلي وللقانون الذي أقرته الكنيست الإسرائيلية مؤخرا لسرقة الأراضي الفلسطينية وشرعنة المستوطنات الاستعمارية، ومطالبة الأمم المتحدة ومجلس الأمن بالقيام بمسؤولياتهما لوقف النشاط الاستيطاني الاستعماري الإسرائيلي في أراضي الدولة الفلسطينية المحتلة، وتنفيذ كافة القرارات الدولية ذات الصلة التي تؤكد عدم شرعية الاستيطان، وضرورة تفكيك المستوطنات القائمة، وعدم الاعتراف بضم الأراضي الفلسطينية المحتلة، وعدم الاعتراف بأي تغييرات على حدود الرابع من حزيران 1967، ودعوة المجتمع الدولي والهيئات الحقوقية الدولية إلى إلزام سلطة الاحتلال الإسرائيلي بالإفراج الفوري عن كافة الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين من سجونها، ومطالبة المجتمع الدولي خاصة منظمة الأمم المتحدة لاتخاذ الإجراءات الضرورية لإلزام إسرائيل بوقف نهب وسرقة المياه العربية والفلسطينية واستمرارها في استغلال الموارد المائية في الأراضي العربية المحتلة.
وأكد المجلس أن الحكومة قد أولت اهتماما بالغا بموضوع الأراضي وتثبيت ملكية المواطنين لأراضيهم في جميع الأراضي الفلسطينية بما في ذلك أراضي المنطقة (ج)، والمتمثل بدعم مباشر من رئيس الوزراء، حيث تم إنشاء هيئة تسوية الأراضي والمياه استنادا لمرسوم سيادة الرئيس لعام 2016، وذلك تجسيدا للحق القانوني والتاريخي الفلسطيني في أرضنا، وتحقيقاً للهدف المتمثل بتثبيت حقوق ملكية الأراضي للمواطنين، وإصدار سندات تسجيل لها كي تكون اثباتاً قانونياً يستخدم لدحض الافتراءات الإسرائيلية بعدم وجود أصحاب لهذه الأراضي. وأشار المجلس إلى أنه لإنجاز العمل المعقد والشائك في أسرع وقت ممكن، فقد افتتحت الهيئة 28 مكتباً في مختلف محافظات الوطن، وعقدت 54 اتفاقية شراكة مع المجتمع المحلي والقطاع الخاص، وبالتعاون مع نقابة المحامين والمهندسين، مشيداً بتعاون المواطنين وتقديم كافة أشكال الدعم لإنجاز هذا المشروع الوطني الهام.
كما أكد المجلس التزامه باستمرار عملية إعادة إعمار قطاع غزة في كافة المجالات، وبذل أقصى الجهود لحشد التمويل اللازم لإعادة إعمار المنازل التي هدمت كلياً والبالغ عددها 4800 منزل، والتي لم يتم تأمين التمويل لإعادة إعمارها، بالرغم من كافة العقبات والقيود.
وعلى صعيدٍ آخر، صادق المجلس على مذكرة التفاهم التي تم التوصل إليها بين وزارة التربية والتعليم العالي ومؤسسة التنال العربي المتعلقة بمشروع التنال العربي (اختبار الكفاءة الدولي في اللغة العربية) لتعزيز اللغة العربية لدى الطلبة وفق طريقة منظمة تحدد مستوى تحصيل المواد التي تم تدريسها سابقاً، وتؤدي إلى تأثير مباشر على المناهج التربوية بهدف مراجعتها وتطويرها، ولتصويب المسار التربوي بدءاً بتطوير المناهج التربوية وانتهاءً بتمكين الكادر التربوي من خلال التدريب ودعم الإبداع والتميز.
كما صادق المجلس على ورقة السياسات العامة بشأن التعليم التكاملي في مؤسسات التعليم العالي انسجاماً مع الأولويات التي حددتها الحكومة عبر مواءمة التعليم التقني والمهني والتعليم العالي مع احتياجات التنمية وسوق العمل، وتعزيز التوجه للتخصصات التقنية عبر دمج التعليم التقني والمهني بالتعليم العام من الصف السابع الأساسي، وتطوير آليات عمل فعالة لربط مخرجات التعليم الجامعي في القطاعات المختلفة مع احتياجات سوق العمل، وبما يمكن من تنشئة جيل يتمتع بالكفاءات التي تعزز من قدرته التنافسية في أسواق العمل المحلية والإقليمية والدولية وتنمية روح المبادرة لاستحداث فرص عمل جديدة من خلال تأسيس أعمال ريادية خاصة في ظل تصاعد نسبة البطالة بين الخريجين.
وقرر المجلس تشكيل لجنة خاصة لوضع الآليات اللازمة لتنفيذ مجموعة من الإجراءات الوقائية لتنظيم قطاع الإسمنت في فلسطين بهدف حماية شركات الإسمنت والنقل الفلسطينية التي تعمل في هذا المجال، وتنظيم عملية الاستيراد لضمان ضبط الإيرادات إثر الإجراءات الإسرائيلية الهادفة إلى تعويم السوق الفلسطينية بالإسمنت لضرب الشركات الفلسطينية، وإبقاء تبعيتنا للاقتصاد الإسرائيلي والحيلولة دون استقلالنا الاقتصادي واعتمادنا على مواردنا ومقدراتنا الوطنية.