ترامب يمكنه تدمير العالم بضغطة زر وهذا هو الشخص الوحيد القادر على إيقافه

ترامب والاسلحة النووية

رام الله الإخباري

إنه أمر مرعب للكثيرين إن يصبح شخصا يعتبره البعض محتالا أو متهورا في أفضل الأحوال لديه القدرة على تدمير العالم من خلال الترسانة النووية الأميركية.

فهل سلطة الرئيس الأميركي المثير للجدل دونالد ترامب مطلقة في استخدام هذا السلاح المدمر؟

تقرير لموقع هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي شرح إجراءات استخدام الأسلحة النووية  الأميركية والسلطات المتاحة لأي رئيس أميركي في هذا الشأن والتي تبدو أكبر مما يتوقع من دولة ديمقراطية كالولايات المتحدة وخاصة عندما يتعلق الأمر بمصير البشرية.

يقول التقرير إنه في 20 من يناير/كانون الثاني 2017، يوم تنصيب الرئيس الأميركي الجديد، سيرافق الرئيس الحالي باراك أوباما مساعد عسكري، غير معروفٍ ولم يُعلن عن اسمه، لحضورِ مراسم تسليم السلطة في مبنى الكابيتول الأميركي بواشنطن.

سيحمل المساعد العسكري حقيبةً على كتفهِ تحتوي على محفظةِ أوراقٍ تُعرف اسم "كرة القدم النووية"، وبداخلها رقاقة إلكترونية مقاسها 3 بوصة (7.3 سم) عرضاً و5 بوصات (12.7 سم) طولاً، وتُعرف باسم "البسكويت".

تحتوي هذه الرقاقة على رموزِ إطلاقِ الضربات النووية الاستراتيجية. وقبل ذلك، سيُعقد اجتماعٌ مع الرئيس القادم بعيداً عن أنظار العامة لإعطائِه معلوماتٍ حول كيفية تفعيل هذه الشفرات. لكن في اللحظة التي سيؤدي فيها الرئيس المنتخب دونالد ترامب القسم الرئاسي، سينتقل المساعد العسكري وحقيبة الشفرات النووية معه بهدوءٍ إلى جانبه، وفقاً لما جاء بتقرير بي بي سي.

وسيكون لدى ترامب حينها سلطةٌ منفردةٌ لإِصدارِ أمرٍ تنفيذيٍ قد يودي بحياة ملايين الأشخاص خلال ساعة. ونظراً لطبعه الهجومي ومزاجه المتهور، يتردد في أذهان الكثيرين حالياً السؤال حول الضمانات المتوفرة، إن وجِدَت، لمنع أي قرارٍ متهورٍ من الرئيس المنتخب قد تصاحبه تداعياتٌ كارثية، حسب التقرير.

ينبغي على ترامب، في المقامِ الأول، أن يتراجع عن بعض تعليقاته المُحرِّضة السابقة بشأن استخدام الأسلحة النووية. لقد صرَّح مؤخراً بأنه سيكون "آخر شخصٍ يستخدم الأسلحة النووية"، إلا أنه لم ينفِ تصريحاته السابقة.

في يد ترامب

وتشمل سلسلة القيادة المرتبطة بالأسلحة النووية عدداً من المسؤولين رفيعي المستوى، مثل وزير الدفاع القادم والجنرال المتقاعد في البحرية الأميركية جيمس ماتيس. لكن الخبير في ملف الحد من انتشار الأسلحة النووية، مارك فيتزباتريك، بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية بواشنطن، قال إن سلطة شنّ ضربة نووية تقع في النهاية حصرياً في يدِ الرئيس.

وأضاف ماتيس: "ما مِن ضوابطٍ أو توازنات لمراجعةِ سلطة الرئيس بشأن إطلاق ضربةٍ نوويةٍ. لكن هناك أشخاصٌ آخرون يشتركون في عملية صنع القرار خلال الفترة التي تفصل بين وقت إعطاء الرئيس تصريحٍ للشخص المسؤول عن شن الهجمة النووية ووقت تنفيذها".

إن فكرة تولي رئيسٍ محتال مسؤولية إصدار قرارٍ بهذا القدر من الأهمية بشكلٍ منفردٍ غير واقعية، فالرئيس يُصْدر الأمر ووزير الدفاع مُلزمٌ دستورياً بتنفيذه.

يستطيع وزير الدفاع، نظرياً، رفض تنفيذ الأمر إذا كانت لديه أسباباً للتشكيك في السلامة العقلية للرئيس، لكن هذا يُعد تمرداً، ويمكن للرئيس حينها أن يقيل وزير الدفاع من منصبه ويوكل المهام إلى نائبه.

وبموجب التعديل رقم 25 بالدستور الأميركي، يمكن لنائب الرئيس، نظرياً، إعلان أن السلامة العقلية للرئيس لا تخوله لاتخاذ قراراتٍ صائبة، لكنه يحتاج إلى دعمِ غالبية أعضاء الحكومة للقيام بهذا الأمر.

إذا كيف تجري الأمور على أرض الواقع؟

يوجد بداخل الحقيبة - "كرة القدم النووية" التي ترافق الرئيس دائماً - "كتابٌ أسودٌ" يحتوي على خيارات الضربات النووية يمكن للرئيس الانتقاء من بينها، باستخدام بطاقةٍ بلاستيكيةٍ، حال تأكيد هويته كقائدٍ أعلى للقوات المسلحة.

ويُشاع في واشنطن أن رئيساً سابقاً فَقَدَ بطاقة التعريف النووية الخاصة به، إذ تركها في سترةٍ أُرسلت إلى محلٍ للتنظيف الجاف.وبمجرد اختيار الرئيس هدفاً لضرباته من القائمة الطويلة المُعدَّة مُسبَّقاً، يُمرَّر القرار عبر رئيس هيئة الأركان المشتركة إلى غرفة عمليات الحربِ بالبنتاغون، ثم باستخدام شفراتٍ لتأكيد الهوية، يُمرر القرار بعد ذلك إلى القيادةِ الاستراتيجية الأميركية بقاعدة أوفوت الجوية بولاية نبراسكا الأميركية.يصل أمرُ شنِّ الضربةِ النووية إلى فريقِ الإطلاق الفعلي باستخدامِ رموزٍ مشفرةٍ يجب أن تتطابق مع الرموز الموجودة بخزائِنهم.

قوة تدميرية هائلة

وتمتلك الولايات المتحدة وروسيا ما يكفي من الصواريخ النووية لتدمير مدنِ بعضهم البعض عدة مرات. ويُقدَّر عدد الرؤوس النووية الأميركية التي تستهدف موسكو وحدها حوالي 100 رأس نووي. وتُشكِّل الترسانة النووية للبلدين أكثر من 90% من إجمالي عددِ الرؤوسِ النووية الموجودة على مستوى العالم.

وبحلول سبتمبر/أيلول 2016، باتت روسيا تمتلك أكبر ترسانةٍ نوويةٍ في العالم، إذ صار لديها ما يُقدَّر بـ 1796 رأساً نووياً استراتيجياً، مُوزَّعةً على منصاتِ الصواريخ الباليستية العابرة للقارات، والصواريخ الباليستية التي تُطلَق من الغواصات وقاذفات القنابل الاستراتيجية.

ووفقاً لبرنامجٍ أصْدره الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فقد أنفقت موسكو مؤخراً مليارات الروبلات لتحديث قواتها الصاروخية النووية الاستراتيجية، لتحتفظ بترسانةٍ من الصواريخ الباليستية المُتنَقِلة عبر أنفاقٍ عميقةٍ تحت غابات سيبيريا.

وبحلول سبتمبر/أيلول عام 2016، باتت الولايات المتحدة تملك 1367 رأساً نووياً استراتيجياً، مُوزَّعةً أيضاً في صوامعٍ صاروخية تحت الأرض. وبسبب طبيعتها الثابتة، فإن هذه الترسانة مُعرَّضة للتدمير من أولِ ضربةٍ من الغواصات التي يصعب رصدها في أعماق البحر، أو من القواعد الجوية التي يمكن تحميلها بقاذفات القنابل.

وتمتلك المملكة المتحدة حوالي 120 رأساً نوويةً، ثلثها فقط مُوزَّعٌ في البحر. وتحاول البحرية الملكية باستمرار الاحتفاظ بجزءٍ من قوتها النووية في مكانٍ ما في المحيطات، للحفاظ على ما يُعرَف بالردعِ المستمر عبر البحر.

وتنطلق الصواريخ الباليستية العابرة للقارات بسرعة 17 ألف ميل في الساعة، فوق الغلاف الجوي للأرض قبل الهبوط صوب أهدافها المُعدَّة مُسبَّقاً بسرعة أربعة أميال في الثانية.

ويبلغ الوقت الذي تحتاجه الصواريخ الباليستية المُنطلقة من منصاتٍ أرضية، لتجتاز المسافة بين روسيا والولايات المتحدة، حوالي 25 إلى 30 دقيقة. في حين تستغرق الصواريخ، التي تطلقها الغواصات من أقربِ مكانٍ للساحل يمكن أن تصل إليه وهي متخفية، زمناً أقصر بكثير، لا يتجاوز الـ 12 دقيقة.

ولا يترك ذلك للرئيس وقتاً كافياً للتأكد مما إذا كانت الضربات مجرد إنذارٍ كاذبٍ أم أنها نهاية العالم وشيكة الحدوث. وبمجرد إطلاق الصواريخ الباليستية العابرة للقارات، لا يمكن إيقافها. لكن إذا ظلَّت أيضاً الرؤوس النووية في صوامعها تحت الأرض، فإنها مُعرَّضة في الأغلب للتدمير بواسطة الهجمات الواردة.

وقال مسؤولٌ سابق رفيع المستوى بالبيت الأبيض إن قرار شنِّ ضربةٍ نوويةٍ يعتمد بشكل كبير على السياق الذي يُتخذ فيه.

فإذا كان القرار اتُخِذَ على المدى الطويل ودُرِسَ ونُفِذَ كإجراءٍ وقائيٍ ضد دولة مُحدَّدة، فإن الكثير من الأشخاص يشتركون في عملية صنع القرار، مثل نائب الرئيس ومستشار الأمن القومي والعديد من أعضاء الحكومة.

لكن إذا كان هناك خطرٌ إستراتيجيٌ وشيك يُهدِّد الولايات المتحدة، مثل رصد صواريخٍ باليستية عابرة للقارات قادمة من دولةٍ معادية وستصل الولايات المتحدة خلال دقائق، يكون للرئيس حرية استثنائية في اتخاذِ قرارٍ منفردٍ بإطلاق الصواريخ النووية.

هافينغتون بوست عربي