أكد مجلس الوزراء خلال جلسته الأسبوعية التي عقدها في مدينة رام الله اليوم الثلاثاء برئاسة الدكتور رامي الحمد الله رئيس الوزراء، أن تبادل الأدوار بين المسؤولين الإسرائيليين وتسابقهم في عرض خططهم بإقامة حكم ذاتي في الضفة الغربية ودولة في قطاع غزة،أو اقتراحاتهم بضم الضفة الغربية أو بعض المستوطنات ومناطق "ج" وغيرها من الاقتراحات، ما هي إلا تهديدات يائسة في محاولة للتهرب من الالتزام بقرارات الشرعية الدولية، ومن الإجماع الدولي المنادي بإنهاء الاحتلال، ووقف المشروع الاستيطاني التوسعي على الأرض الفلسطينية كما جاء في قرار مجلس الأمن رقم 2334. وشدد المجلس على أنه بعد قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة منح فلسطين صفة دولة في الأمم المتحدة، وقرار منظمة اليونيسكو بشأن المسجد الأقصى المبارك وحائط البراق، وقرار مجلس الأمن الدولي الأخير الذي أكد على عدم شرعية المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 بما فيها القدس الشرقية، فإن الخطة الوحيدة التي على الحكومة الإسرائيلية وضعها هي وضع جدول زمني محدد لإنهاء احتلالها لجميع الأراضي الفلسطينية التي احتلت عام 1967، وتفكيك المستوطنات الاستعمارية التي أقيمت عليها بالقوة العسكرية، وتمكين شعبنا من إقامة دولته الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة على حدود عام 1967 في الضفة الغربية وقطاع غزة وعاصمتها القدس، وحل قضية اللاجئين وفق قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194، وإطلاق سراح جميع أسرانا الأبطال من سجون الاحتلال ومعتقلاته، وتسليم جثامين كافة الشهداء والكشف عن مصير المفقودين.
وفي المقابل، أكد المجلس على أن الصعوبات والتحديات التي تواجهنا والمخططات الإسرائيلية التي تهدد مشروعنا الوطني، تستوجب منا جميعاً الارتقاء إلى أعلى درجة من التلاحم والتكاتف، وتضافر الجهود لإنهاء الانقسام البغيض وتحقيق الوحدة والمصالحة الوطنية الصادقة كشرط لا يسبقه شرط آخر، واستنهاض طاقاتنا للعمل المشترك، واعتماد لغة الحوار كمنهج لمواصلة بناء الوطن ومؤسساته ورعاية مصالح شعبنا وضمان الحياة الكريمة للجميع، كما تستدعي من كافة القوى والفصائل ومكونات وأطياف المجتمع الفلسطيني وأطره ومؤسساته إلى بلورة رؤية ورسم خارطة طريق فلسطينية وطنية واحدة نعيد بها وضع قضيتنا الفلسطينية على رأس سلم اهتمامات المجتمع الدولي، والعمل على ترجمة الإنجازات التي تحققت في مجلس الامن وعلى الصعيد السياسي والدبلوماسي عبر الدفع باتجاه وضع القرار الأخير ضد الاستيطان موضع التنفيذ وملاحقة الاحتلال، والاستفادة العملية من التأييد الدولي لصالح دفع المشروع الوطني قدماً بإلزام أطراف المجتمع الدولي خلال المؤتمر الدولي للسلام المقرر عقده في باريس في الخامس عشر من الشهر الحالي بالعمل ضمن أهداف واضحة، وخطوات عملية وتبني آلية لإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية وبما يمكننا من استعادة حقوقنا في أرضنا ومياهنا ومواردنا الطبيعية، وفق سقف زمني ملزم، ونظام متابعة ورقابة وتحكيم استناداً إلى قرارات مجلس الأمن الدولي، والجمعية العامة للأمم المتحدة ذات الصلة لا سيما القرارات (242، و338، و1397، و1515، و194 و2334) وكذلك مبادرة السلام العربية، وخطة خارطة الطريق والاتفاقات الموقعة.
وفي سياق متصل، استهجن المجلس إخطار قوات الاحتلال لمدرسة خربة طانا شرق نابلس بالهدم، وإقدامها على هدم أكثر من 30 منشأة في منطقة بير مسكوب وتجمع وادي سنيسل بالقرب من العيزيرية شرق القدس، وخربة طانا، وتهجير عشرات العائلات. واعتبر المجلس أن إسرائيل تمعن في انتهاك القانون الدولي الإنساني، وسياسة التهجير القسري والاقتلاع، مطالبا مؤسسات المجتمع الدولي بالتدخل الجدي والفاعل لإلزام إسرائيل بوقف سياسة هدم المنازل والمنشآت والتهجير القسري، خاصة بحق المواطنين وممتلكاتهم في المناطق المسماه "ج"، والتي هدمت إسرائيل خلال العام المنصرم 1090 منشأة في تلك المناطق، أكثر من 300 منها ممولة من الدولة المانحة، ونتج عن ذلك تشريد أكثر من 7000 مواطن فلسطيني.
وفي سياقٍ آخر، واصل المجلس مناقشة مشروع الموازنة العامة لدولة فلسطين للسنة المالية 2017، التي تشير إلى التوقعات إلى أن إجمالي الإيرادات ستبلغ 13.72 مليار شيكل (25.6% من إجمالي الناتج المحلي) أي بزيادة مقدارها 6% عن العام 2016 البالغ 12.95 مليار شيكل. في حين أن صافي الإيرادات ستبلغ 13.37 مليار شيكل (25% من إجمالي الناتج المحلي)، أي بزيادة مقدارها 6% عن العام 2016 البالغة 12.6 مليار شيكل. أما التوقعات لإجمالي الإيرادات المحلية فهو أن تصل إلى 4.94 مليار شيكل، أي بزيادة مقدارها 23% عن العام 2016 الذي سجل 4 مليار، ومن المتوقع أن تصل إيرادات المقاصة إلى 8.77 مليار شيكل بانخفاض بنسبة 2% مقارنة بأداء العام 2016 الذي بلغ حوالي 8.9 مليار شيكل، وعند استبعاد الدفعة لمرة واحدة من الجانب الإسرائيلي البالغة 500 مليون شيكل، فإن الزيادة تصبح 4.1%. وتعتبر الزيادة المتوقعة في إجمالي الإيرادات في العام 2017 البالغة 6% مقارنة بالزيادة المتحققة في العام 2016 والبالغة 15% وذلك بسبب التسويات في الملفات العالقة في العام 2016 مع الجانب الإسرائيلي، وفي المقابل هناك زيادة في الإيرادات غير الضريبية نتيجة تجديد رخصة تشغيل شركة الاتصالات وشركة جوال. أما بالنسبة للرديات الضريبية، فمن المتوقع أن ترتفع بمبلغ بسيط عن مستويات العام 2016، حيث من المتوقع أن تصل إلى 365 مليون شيكل أي بزيادة مقدارها 4%، وذلك من خلال تحديد الدعم الشهري للبترول بمبلغ 20 مليون شيكل.
ومن المتوقع أن يصل إجمالي النفقات وصافي الإقراض إلى 16.1 مليار شيكل في عام 2017 بزيادة بنسبة 1% فقط مقارنة بالعام 2016، في حين من المتوقع أن تصل الرواتب والأجور إلى 8.1 مليار في عام 2017 (15.1% من إجمالي الناتج المحلي)، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 3.1% عن العام 2015 وذلك بسبب العلاوة السنوية البالغة 1.25% وعلاوة غلاء المعيشة البالغة 1.5% بالإضافة إلى العلاوات الاجتماعية الاعتيادية. أما بالنسبة للنفقات لغير الأجور فمن المتوقع أن تحافظ على مستوى العام 2016 نفسه بمبلغ حوالي 7 مليار شيكل، ومن المتوقع أن يصل صافي الإقراض إلى 950 مليون شيكل في العام 2017، وهو ما يمثل انخفاضا ً بنسبة 8% عن عام 2016، استناداً لسياسة الحكومة في العمل على تخفيض صافي الإقراض الذي يمثل اقتطاعات الكهرباء والمياه والصرف الصحي من إيرادات المقاصة الشهرية بهدف الوصول إلى أدنى حد ممكن للحكومة أن تتحمله عن طريق تطوير آلية التقاص مع الجانب الإسرائيلي، بما يشمل تقديم حوافز للبلديات لتشجيعها على دفع رسوم الكهرباء في الوقت المناسب، وتركيب عدادات مسبقة الدفع، وزيادة الوعي حول استهلاك الكهرباء وأهمية تسديد الفواتير.
وطبقاً لهذه المعطيات، فمن المتوقع أن يصل العجز الجاري إلى 2.76 مليار شيكل إنخفاض بنسبة 18% عن العام 2016، ومع إضافة المشاريع التطويرية المتوقعة والبالغة 1.36 مليار شيكل فإن العجز الإجمالي متوقع أن يصل إلى 4.12 مليار شيكل بانخفاض بنسبة 9% عن العام 2016. أما التمويل الخارجي لدعم الموازنة فمن المتوقع أن لا يتجاوز حدود 500 مليون دولار و92 مليون دولار لتمويل المشاريع التطويرية عبر الخزينة. أما في ما يخص سداد المتأخرات فإنه سيتم تخصيص مبلغ 300 مليون دولار لسداد متأخرات القطاع الخاص، وبالتالي ونتيجة للانخفاض الكبير في التمويل الخارجي للموازنة فإن الفجوة التمويلية ستبلغ 765 مليون دولار، الأمر الذي يلزمنا بتبني سياسة تقشفية على جميع المحاور، والمحافظة على نفس مستوى التعيينات الوظيفية، وفي الوقت نفسه الاستمرار في صرف الدفعة الشهرية لهيئة التقاعد للحفاظ على ديمومة صرف المخصصات التقاعدية، والاستمرار في دعم الوقود والبترول والديزل بحد لا يتجاوز 0.5% من الناتج المحلي الإجمالي أو 5% من العجز التشغيلي أيهما أقل، وتخفيض متأخرات القطاع الخاص واعتماد مبدأ عدم تراكم أي متأخرات جديدة له، وترشيد آليات صرف الإعانات الاجتماعية والمراجعة الدورية لها، وترشيد تكلفة عقود التشغيل، واستكمال ترشيد وتصويب صافي الإقراض (المبالغ المقتطعة من الجانب الإسرائيلي) خاصة في قطاع الكهرباء، وترشيد التحويلات الطبية الداخلية كما تم إنجازه في التحويلات إلى إسرائيل والخارج، وتحسين الجباية والتحصيل وزيادة الوعي الضريبي وتوسيع القاعدة الضريبية، وتكثيف الاتصال مع الدول المانحة لزيادة الدعم، والإصرار على وضع آلية موازنة طوارئ أو الحصول على قروض لمواجهة الطوارئ، وبذل كل ما يمكن من جهود لتأمين استقرار ودقة تسديد الرواتب، والإسراع في تنفيذ الإصلاحات الداخلية، ومعالجة كافة الملفات التجارية العالقة مع الجانب الإسرائيلي.
ورحب المجلس باعتماد قرار في اللجنة الثانية التابعة للأمم المتحدة والمعنية بالمسائل الاقتصادية والمالية لأول مرة بالنسبة لفلسطين بعنوان "الإستعراض الشامل الذي يجري كل أربع سنوات لسياسة الأنشطة التنفيذية التي تضطلع بها منظومة الأمم المتحدة من أجل التنمية" وقد تم تصنيف البلدان والشعوب تحت الاحتلال ضمن قائمة البلدان الأكثر هشاشة وضعفاً، ومن المعروف أن منظومة الأمم المتحدة لا تعترف بأي احتلال سوى الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية، بما فيها القدس الشرقية، وبالتالي فإنه وبشكل مباشر جرى إدراج فلسطين ضمن قائمة التصنيفات للدول الضعيفة. وتنبع أهمية القرار، أنه موجه لمنظومة الأمم المتحدة الإنمائية "برامج وهيئات ومنظمات وما إلى ذلك من كيانات عاملة بالشأن التنموي، والمناط بها تنفيذ خطة التنمية 2030"، وتحدد من خلاله الجمعية العامة السياسات الإستراتيجية للتعاون الإنمائي الذي توفره هذه المنظومة وطرق تنفيذ هذا التعاون، كما يعطي القرار إستقلالية ومساحة كبيرة للحكومات لتخطيط وتنفيذ عملية التنمية لديها، ويطلب إلى مؤسسات وبرامج الأمم المتحدة أن تكون قادرة على تلبية الإحتياجات الإنمائية للبلدان المستفيدة من البرامج بصورة مرنة، وأن توائم برامجها وفقاً لسياسات الحكومات وأولوياتها الإنمائية، الأمر الذي يعطي الدول المساحة الكافية لموائمة المشاريع مسبقة الإعداد من قبل منظومة الأمم المتحدة مع احتياجاتها ورؤيتها وخططها التنموية.
كما رحب المجلس بانضمام ديوان الرقابة المالية والإدارية كعضو كامل العضوية إلى المنظمة الدولية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة "الانتوساي"، انسجاماً مع توجهات القيادة الفلسطينية في تعزيز السيادة وتحقيق المزيد من الاعتراف الدولي بدولة فلسطين وحقوق الشعب الفلسطيني بالانضمام إلى المنظمات الدولية ورفع مكانة دولة فلسطين دولياً، وتواجدها في كافة المحافل والهيئات والمنظمات الدولية. ويأتي هذا الانضمام بعدد استيفاء ديوان الرقابة لكافة الشروط والمتطلبات التي أهلته للانضمام الى المنظمة الدولية، الأمر الذي يعزز من ثقة التقارير الصادرة دولياً ويفتح المجال لديوان الرقابة للمشاركة في صنع سياسات المنظمة الدولية، كما يسعى إلى تحقيق أهداف تتمثل في بناء وتعزيز قدرات موظفي الديوان وتطوير الخبرات الفنية والعلمية من خلال المشاركة والاستفادة من جميع برامج وانشطة التدريب التي تنفذها المنظمة، والاستخدام الأمثل لأدلة الإجراءات الرقابية ومعايير التدقيق الدولية الصادرة عن المنظمة، وتبادل الخبرات والمعارف مع الأجهزة الدولية النظيرة والاطلاع على تجاربها، وفتح المجال أمام إقامة الشراكات مع الأجهزة الأعضاء في المنظمة في مجال التدقيق والأبحاث العلمية والدراسات التخصصية، وخلق فرص وإتاحة المجال أمام توقيع اتفاقيات للتدقيق المشترك على المنح المقدمة لدولة فلسطين، وفتح المجال أمام الديوان للانضمام إلى المنظمة الأسيوية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة (الآسوساي) التي تعتبر الانضمام لمنظمة "الانتوساي" شرطاً أساسياً لقبول العضوية فيها، وتبادل التجارب والنتائج والآراء بين أعضاء "الانتوساي" في هذه المجالات والتي تمثل ضمانات لمواصلة التطوير المستمر للرقابة المالية العامة.
وفي سياق منفصل، أدان المجلس الحادث الإرهابي الذي وقع في مدينة اسطنبول التركية والذي أدى إلى سقوط عدد كبير من الضحايا والمصابين. وأعرب المجلس عن بالغ حزنه وألمه لاستشهاد الفتاة الفلسطينية ليان ناصر من بلدة الطيرة في المثلث في هذا الحادث المأساوي، وتقدم المجلس بعزائه الحار إلى عائلات الضحايا جميعاً وإلى عائلة الفتاة الفلسطينية وأهالي الطيرة الكرام، داعياً المولى عز وجل أن يتغمدهم جميعاً بواسع رحمته ويسكنهم فسيح جناته، وأن يديم على تركيا وشعبها الشقيق نعم الأمن والرخاء والازدهار.
ونعى المجلس إلى جماهير شعبنا وأمتنا العربية وكافة أحرار العالم المناضل الوطني الكبير المطران هيلاريون كابوتشي، الذي أمضى حياته في خدمة شعبنا ومدافعاً شجاعاً عن حقوق شعبنا وقضيتنا العادلة، كما نعى المجلس إلى أبناء شعبنا وأسرتنا التعليمية المفكر التربوي خليل محشي الذي كان أحد مؤسسي وزارة التربية والتعليم العالي وأسهم في النهوض بمؤسساتنا ومسيرتنا التعليمية.
إلى ذلك، صادق المجلس على اتفاقية تجديد كل من رخصة شركة الاتصالات الفلسطينية (بالتل) م.ع.م ورخصة شركة الاتصالات الخلوية الفلسطينية (جوال) م.خ.م وملاحقها والموقعة بتاريخ 28/12/2016.
كما صادق المجلس على مشروع قرار بقانون لإنشاء محكمة قضايا الانتخابات التي تختص بالنظر بكافة الطعون وكافة الجرائم والمسائل القانونية التي تتعلق بانتخابات الهيئات المحلية وإحالته إلى سيادة الرئيس لإصداره حسب الأصول.
وأحال المجلس مشروع قرار بقانون نقل وزراعة الأعضاء البشرية إلى أعضاء مجلس الوزراء لدراسته تمهيداً لاتخاذ المقتضى القانوني بشأنه في الجلسات المقبلة.