كد المراقب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة، السفير رياض منصور، ضرورة بذل جهود جادة وفورية كي يكون للقرار (2334) تأثيرا ملموسا، داعيا مجلس الامن وجميع الدول إلى العمل بجدية لإعلاء شأن القانون وتنفيذ هذا القرار احتراما لميثاق الأمم المتحدة وللقرارات ذات الصلة ومن أجل تحقيق السلام في المنطقة.
جاء ذلك في ثلاث رسائل متطابقة وجهها السفير منصور الى كل من الأمين العام للأمم المتحدة، ورئيس مجلس الأمن (أسبانيا) ورئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة. ذكر فيها أن اعتماد مجلس الأمن للقرار (2334) في 23 ديسمبر(كانون اول الجاري)، هو عمل هام للغاية رحب به الشعب الفلسطيني وقيادته وهم ما زالوا صامدين في التزامهم بمسار السلام وتحقيق الحرية والحقوق والعدالة على هذا الطريق، وأن هذا العمل الذي طال انتظاره من قبل المجلس جاء في الوقت المناسب وكان ضروريا وهاما وهو ما أعربت عنه الأغلبية الساحقة من المجتمع الدولي.
واضاف منصور أن القرار (2334) يؤكد، في جملة أمور، قرارات مجلس الأمن ذات الصلة وموقفه لعقود طويلة على أن المستوطنات الإسرائيلية في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، ليس لها أي شرعية قانونية وتشكل انتهاكا صارخا بموجب القانون الدولي، لا سيما اتفاقية جنيف الرابعة. كما أنها تشكل عقبة رئيسية في طريق السلام، وتقوض بشدة جدوى حل الدولتين على أساس حدود عام 1967 وإمكانية تحقيقه وتحقيق سلام عادل ودائم وشامل.
وعلاوة على ذلك، يدعو مجلس الأمن مرة أخرى، في جملة أمور، إلى وقف فوري وكامل لجميع الأنشطة الاستيطانية التي تقوم بها إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، والى الاحترام الكامل لالتزاماتها القانونية في هذا الصدد، مؤكدا أن هذا الأمر ضروري لإنقاذ حل الدولتين. كما يؤكد المجلس أنه لن يعترف بأي تغييرات في خطوط الرابع من يونيو 1967، بما في ذلك ما يتعلق بالقدس سوى تلك التي يتفق عليها الطرفان من خلال المفاوضات. ويهيب بجميع الدول أن تميز في تعاملاتها ذات الصلة بين اقليم دولة إسرائيل والأراضي المحتلة منذ عام 1967.
كما أن القرار(2334) يدعو إلى اتخاذ خطوات إيجابية لعكس مسار الاتجاهات السلبية على أرض الواقع، بما في ذلك فيما يتعلق بالأنشطة الاستيطانية ومنع جميع أعمال العنف ضد المدنيين، بما في ذلك أعمال الإرهاب، وكذلك جميع أعمال الاستفزاز والتحريض والتدمير، من اجل تهدئة الوضع وتهيئة الظروف اللازمة لتعزيز السلام.
وفي هذا الصدد، يهيب المجلس بالطرفين أن يتصرفا وفقا للقانون الدولي، ويشدد على الحاجة الملحة لتكثيف الجهود والدعم الدولي والإقليمي بهدف التوصل إلى سلام شامل وعادل ودائم، استنادا إلى قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة ومرجعيات مؤتمر مدريد، بما في ذلك مبدأ الأرض مقابل السلام، ومبادرة السلام العربية وخارطة الطريق للجنة الرباعية، ووضع حد للاحتلال الإسرائيلي الذي بدأ في عام 1967. وكذلك شدد القرار على أهمية الجهود الجارية للدفع قدما بمبادرة السلام العربية وجهود فرنسا من أجل عقد مؤتمر دولي للسلام وجهود اللجنة الرباعية وكذلك الجهود التي تبذلها مصر والاتحاد الروسي في هذا الصدد.
وأردف منصور قائلا أنه للأسف، وعلى النقيض من الترحيب العالمي والأهمية التي اعطيت للقرار (2334) فإننا نشهد رد فعل عدائي وسلبي للغاية لعمل مجلس الأمن من قبل حكومة إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال. وعلى الرغم من أن القرار اعتمد في توافق واتساق تام مع ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي والقرارات ذات الصلة، فقد رفضت الحكومة الإسرائيلية بشدة هذا القرار، واستخدمت لغة عدائية وحتى التهديد والاساءة الى الدول التي أيدت القرار. كما أعلنت أنها ستمضي قدما في بناء آلاف الوحدات الاستيطانية الجديدة، وخاصة في القدس الشرقية المحتلة،الى جانب المخططات في الكنيست لترسيخ ما يسمى "البؤر الاستيطانية".
وأضاف "ان كل المؤشرات تدل -كما يتجلى في كلام رئيس الوزراء الإسرائيلي وأعضاء حكومته والإجراءات الهدامة التي لا تزال ترتكب على أرض الواقع من قبل قوات الاحتلال– على أن إسرائيل تعتزم المضي قدما في سياساتها وخططها وتدابيرها غير القانونية في فلسطين المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، في ازدراء صارخ للقرار 2334، وفي انتهاك خطير لالتزاماتها القانونية، وفي تناقض تام مع حل الدولتين، وأنها ستواصل اعمال القهر ضد الشعب الفلسطيني وحرمانه من حقوقه والعمل على ترسيخ احتلالها غير المشروع لما يقرب من نصف قرن مما يقوض الحل القائم على دولتين ويرسخ واقع الدولة الواحدة، وما لذلك من عواقب بعيدة المدى".
وذكر منصور أنه بناء على كل الحقائق المذكورة أعلاه، فإنه يتعين بذل جهود جادة وفورية كي يكون للقرار (2334) تأثيرا ملموسا ويجب على المجتمع الدولي إدانة هذا السلوك من جانب إسرائيل ولا ينبغي أن تكافأ بأي شكل من الأشكال على تعنتها وانتهاكاتها المستمرة وعرقلتها للسلام والأمن الذي يسعى مجلس الأمن والمجتمع الدولي لتحقيقه، بما في ذلك الدول العربية، التي تبقى مبادرتها التاريخية حجر الزاوية لإحلال السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين و بين العرب واسرائيل.
واختتم منصور رسائله بالقول "إننا كما فعلنا في 23 ديسمبر، فإننا نناشد مجلس الأمن مرة أخرى، الوقوف بحزم في قراره ووفقا للقانون ولا ينبغي أن يخيفه أو يرهبه رد الفعل العدائي من قبل السلطة القائمة بالاحتلال أو تهديداتها. عليه أن يطالب إسرائيل بحزم بالامتثال للقانون من أجل الإسهام بشكل ملموس في وقف تصعيد التوتر ولعكس مسار الاتجاهات السلبية على الأرض وإنقاذ حل الدولتين وامكانية تحقيق السلام، حيث تعيش دولة فلسطين المستقلة وذات السيادة والمتواصلة جغرافيا وعاصمتها القدس الشرقية جنبا إلى جنب مع دولة إسرائيل في سلام ضمن حدود آمنة ومعترف بها، وحل جميع قضايا الوضع النهائي بشكل عادل ومرضي، بما في ذلك حل عادل لمحنة اللاجئين الفلسطينيين.
وتابع: "إننا على ثقة بأن هذا الهدف السامي المتمثل في تحقيق السلام هو في الواقع هدف الدول الأعضاء في مجلس الأمن التي تبنت القرار والدول التي أيدته. وبالتالي، ففي هذا المنعطف الحرج، ندعو المجلس وجميع الدول إلى العمل بجدية لإعلاء شأن القانون وتنفيذ هذا القرار احتراما لميثاق الأمم المتحدة وللقرارات ذات الصلة ومن أجل تحقيق السلام للشعبين وللمنطقة.