أكد مجلس الوزراء خلال جلسته الأسبوعية، التي عقدها برئاسة رامي الحمد الله في رام الله اليوم الثلاثاء، أن إصرار القيادة الفلسطينية بتوجيهات من الرئيس محمود عباس وبدعم من كافة الأحرار في هذا العالم على التوجه إلى مجلس الأمن الدولي، وتبنيه بأغلبية ساحقة للقرار بشأن الاستيطان، يشكل انتصاراً جديداً لشعبنا، وإنصافاً وتأييداً للحق الفلسطيني غير القابل للتصرف، وهو تعبير عن إدانة المجتمع الدولي ورفضه لكافة سياسات وإجراءات الاحتلال الإسرائيلي، وخطوة هامة على طريق دفع المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته من أجل إجبار إسرائيل على إنهاء احتلالها لأرضنا ووقف استيطانها الاستعماري وممارساتها العدوانية وجرائمها بحق شعبنا، موجهاً التحية والتقدير للدبلوماسية الفلسطينية وعلى رأسها وزارة الخارجية بجميع كوادرها بما يشمل أيضاً بعثة فلسطين في الأمم المتحدة وكل من ساهم في إصدار هذا القرار.
ووجه المجلس تحية إكبار واعتزاز إلى كل من السنغال وماليزيا ونيوزيلاندا وفنزويلا، لما تحلت به من جرأة وشجاعة ومسؤولية أخلاقية وإنسانية وسياسية بطرح مشروع القرار، وإلى جميع حلفاء وأصدقاء الشعب الفلسطيني على جهودهم الداعمة لنضاله وحقوقه في أرضه وممتلكاته، ورفضهم لسياسة الاحتلال الإسرائيلي الاستيطانية العدوانية. كما أعرب عن شكره وتقديره إلى جميع الدول التي صوتت لصالح القرار في مجلس الأمن، وعلى رأسها دولة مصر الشقيقة لجهودها المشتركة في إدارة المفاوضات الأولية للوصول بمشروع القرار لصيغته النهائية.
وأكد المجلس أن على المجتمع الدولي أن لا يكتفي بإصدار القرار، وإنما العمل الحثيث والدؤوب للتأكد من تنفيذه الفعلي على الأرض، في ظل التهديدات الإسرائيلية الرسمية بتصعيد الاستيطان، من خلال ما يسمى اللجنة المحلية للتخطيط والبناء التي من المقرر مصادقتها على بناء آلاف الوحدات السكنية في المستوطنات القائمة في القدس الشرقية يوم غد، ومن خلال تبني تشريعات عنصرية في الكنيست الإسرائيلي تسمح بسرقة الأرض الفلسطينية لإقامة المستوطنات الاستعمارية عليها. وشدد المجلس بأن أي قرار استيطاني جديد تتخذه الحكومة الإسرائيلية أو أي من مؤسساتها، بما فيها بلدية الاحتلال، سيكون ليس عدواناً على فلسطين فقط وإنما على العالم أجمع، مع التأكيد على أن الاستيطان الإسرائيلي ومن أول حجر وضع في أرض دولتنا منذ العام 1967 هو لاغٍ وباطل وغير شرعي ولا نقر به.
وأكد أن وقوف المجتمع الدولي أخيراً إلى جانبنا وانحيازه للقانون الدولي والإنساني ولقرارات الشرعية الدولية بعد سنوات من الصمت على الجرائم الإسرائيلية تجاه شعبنا، ومن الانتقاد الخجول لسياسات إسرائيل ومحاباتها والامتناع عن محاسبتها يلزمنا بتعميق مسؤولياتنا الذاتية، ويستوجب منا إنهاء الانقسام واستعادة وحدتنا الوطنية دون تردد أو تهاون أو مماطلة، كسلاح أساسي ورئيس لمواجهة التحديات الصعبة والشاقة التي تواجهنا، وفي المقدمة منها التحدي الأكبر الذي يواجهنا كل ساعة وكل يوم، والذي يتمثل في قدرتنا على ترجمة هذا القرار بالتعاون مع أطراف المجتمع الدولي للخلاص من الاحتلال وتمكين شعبنا من نيل حريته وحقوقه، وتجسيد سيادته واستقلاله وإقامة دولته على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وتنفيذ قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 لحل قضية اللاجئين الفلسطينيين الذين أخرجوا من أرضهم وديارهم بالقوة والإرهاب، وإطلاق سراح أسرانا البواسل الذين يتعرضون لأبشع أشكال الظلم والقهر والتعذيب والتنكيل في المعتقلات الإسرائيلية.
وأعرب المجلس عن استنكاره واستهجانه لإصرار إسرائيل على المناورة والتضليل بمطالبة المجتمع الدولي بتشريع جرائمها وتبرئة احتلالها للأرض الفلسطينية، والتنكر لقرارات الشرعية الدولية بإعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي عدم التزام إسرائيل بهذا القرار وهجومه الفاضح على الأمم المتحدة وعلى كل من ساند هذا القرار، محذّراً من ردود الفعل الإسرائيلية على هذا القرار وذلك بالإمعان في انتهاكاتها وجرائمها وتصعيد مخططاتها الاستيطانية وترسيخ احتلالها، الأمر الذي يتطلب من كافة أطراف المجتمع الدولي إعلاء صوتها في وجه السلوك الإسرائيلي العدواني، والإدانة الصريحة للجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال بتعليمات رسمية من حكومتها، وإدانة الإجراءات والقوانين العنصرية التي تفرضها بقوة الاحتلال، والتوقف عن لغة المحاباة لإرهاب الدولة المنظم الذي تمارسه إسرائيل، ورفع الحصانة السياسية والدبلوماسية والاقتصادية عنها ووقف التعامل معها كدولة فوق القانون وفوق الشرعية الدولية ومحاسبتها على جرائمها وانتهاكاتها لقرارات الشرعية الدولية أسوةً بتعامل المجتمع الدولي مع الدول الأخرى في هذا العالم.
ووجه المجلس التحية إلى فرنسا لإصرارها على المضي قدماً في عقد المؤتمر الدولي للسلام في الخامس عشر من الشهر المقبل، رغم العراقيل والضغوط الإسرائيلية، معرباً عن الأمل بأن يفضي المؤتمر إلى تبني آلية عملية تؤدي إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرض فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية على حدود 1967 ضمن سقف زمني محدد.
وتوجه المجلس بالتهاني لأبناء شعبنا في الوطن والشتات، لمناسبة الذكرى الثانية والخمسين لانطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة، مؤكداً أن شعبنا الذي سطّر على أرض فلسطين وفي مخيمات اللجوء والشتات رواية الكفاح المتواصل وأعظم حكايات الصمود والتضحية، يحيي هذه الذكرى الخالدة، ليؤكد على استمرار مسيرة النضال الفلسطيني والكفاح الوطني لإنجاز حقوق شعبنا المشروعة، وفي مقدمتها حقه في العودة، وحقه في تقرير مصيره وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة على حدود الرابع من حزيران لعام 1967م وعاصمتها القدس الشرقية.
وفي سياق آخر، بدأ المجلس بمناقشة مشروع الموازنة العامة لدولة فلسطين للسنة المالية 2017، حيث استمع المجلس إلى عرض من وزير المالية والتخطيط حول تقييم لأداء عام 2016، والإطار العام للموازنة 2017، مشيراً إلى أن عام 2016 قد شهد تعقيدات كبيرة نظراً للتراجع الكبير في الدعم الخارجي للموازنة الذي وصل إلى 614 مليون دولار في عام 2016، مقارنة مع المعدلات السابقة التي كانت بحدود 1.1 مليار دولار، وأنها المرة الأولى التي يقدم فيها مشروع الموازنة العامة بشكل يوضح بالتفصيل سياسات الوزارات وبرامجها وغاياتها وأهدافها ومخرجاتها ومشاريعها التطويرية، مؤكداً أن الحكومة قد استمرت في تكثيف جهودها للارتقاء بأدائها المالي عبر أربعة محاور متزامنة:
أولاً: سياسات الإيرادات، وذلك من خلال:
- توسيع القاعدة الضريبية من خلال الحملات الميدانية وبرنامج مكثف لمتابعة المكلفين غير المسجلين.
- تحسين أداء الإدارة الضريبية على أساس منهجية الالتزام.
- تنظيم قطاع التبغ من خلال إعادة هيكلية الأسعار للمنتج المحلي.
- إنشاء مراكز للتدقيق الضريبي والجمركي وتوحيد إجراءات جباية الضرائب وتبني سياسة تدقيق الملف الواحد.
- تطوير وتحديث البرامج المحوسبة المعمول بها في دوائر الإيرادات.
- تعزيز الشراكة وبناء جسور الثقة مع المؤسسات ذات العلاقة.
- كما سيتم البدء بتعديل الرسوم التي لا تمس المواطن بشكل مباشر وهي رسوم الهيئة العامة للبترول، رسوم وزارة الأشغال العامة والإسكان، رسوم وزارة الاقتصاد الوطني، رسوم وزارة الإعلام.
ثانياً: سياسات الإنفاق، وذلك من خلال:
- الاستمرار في المحافظة على مستوى التوظيف نفسه في القطاع العام.
- التركيز على المشاريع التطويرية الممولة من الخزينة بتخصيص حوالي 250 مليون دولار بزيادة قيمتها 150 مليون دولار عن العام السابق.
- الاستمرار في إصدار أذونات الدفع الحكومية للقطاع الخاص بهدف ضخ السيولة والإسراع في سداد مستحقات القطاع الخاص والتخلص من تراكم المتأخرات، بواقع 70 مليون شيكل شهرياً.
- العمل على إصلاح القطاع الصحي وتصويب نظام التحويلات الطبية.
- خلق فرص عمل جديدة من خلال تخصيص مبلغ 30 مليون شيكل كدعم للمشاريع الصغرى بالشراكة مع وزارة العمل والمؤسسات المصرفية.
- دعم صمود المواطنين في القدس من خلال رزمة مشاريع جديدة لقطاع التربية والتعليم العالي بقيمة 222 مليون شيكل.
ثالثاً: تعزيز الشراكة مع الجهات المانحة وذلك من خلال:
- توحيد قنوات الاتصال وتوحيد المعلومات والتمويل من خلال القنوات الحكومية الرسمية وهي وزارة المالية والتخطيط سواء أكان الدعم مقدماً للمجتمع المدني والخاص أم دعماً للمؤسسات الحكومية.
- توجيه الدعم الدولي تجاه دعم الأجندة الحكومية بالأخص دعم الموازنة والمشاريع التطويرية لتنسجم مع الخطة الاستراتيجية للحكومة.
- حث المانحين على تعزيز التنسيق فيما بينهم لضمان عدم التقاطع والتضارب بين برامجهم المختلفة وبهدف الاستفادة القصوى من التمويل.
رابعاً: الإسراع في عملية إصلاح موازنة البرامج والأداء وذلك من خلال التركيز، بكثافة، على عدد معين ومختار من الوزارات.
وأشار وزير المالية والتخطيط إلى أن إنجازات كبيرة قد تحققت على صعيد زيادة الإيرادات وترشيد الإنفاق، حيث بلغ إجمالي الإيرادات 12.95 مليار شيقل، وهي أعلى من استهداف الموازنة بنسبة 11%، كما بلغت إيرادات المقاصة حوالي 9 مليار شيقل وهي أعلى من استهداف الموازنة بنسبة 8%، أما بخصوص النفقات، فقد كانت بالمستوى الإجمالي أعلى من استهداف الموازنة بنسبة 5%، حيث بلغت فاتورة الرواتب والأجور 7.8 مليار شيقل، وهي أعلى من استهداف الموازنة بنسبة 2.4%، أما نفقات غير الأجور، فقد سجلت مبلغ حوالي 7 مليار شيقل، وهي أعلى من استهداف الموازنة بنسبة 5.7%، بالإضافة إلى انخفاض المديونية للقطاع الخاص، حيث تم تسديد أكثر من 370 مليون دولار من متأخرات القطاع الخاص.
وبحسب مقترح مشروع قانون الموازنة لسنة 2017، فقد بلغت قيمة الموازنة المقترحة مبلغ 4.48 مليار دولار، منها 4.1 مليار دولار للنفقات الجارية، و350 مليون دولار للنفقات التطويرية، وتبلغ الفجوة التمويلية 465 مليون دولار بمعدل حوالي شهري 39 مليون دولار، وذلك بدون المتأخرات المتوقعة والبالغة 300 مليون دولار، مما سيضطر الحكومة إلى اتخاذ إجراءات تقشفية لتغطية الفجوة التمويلية من خلال خفض النفقات الشهرية بمبالغ تتناسب والفجوة التمويلية، وستكون نسبة الزيادة في إجمالي النفقات وصافي الإقراض محدودة، حيث من المتوقع أن تبلغ 1% مقارنة بعام 2016، ومن المتوقع أن تبلغ الزيادة في الرواتب والأجور نسبة 3% مقارنة بعام 2016، ومن ناحية الإيرادات، يبلغ إجمالي الإيرادات المتوقع تحقيقه حوالي 13.7 مليار شيقل، أي زيادة بنسبة 6% مقارنة بأداء العام 2016، ومن المتوقع أن يصل صافي الإيرادات مبلغ 13.3 مليار شيقل، بزيادة نسبتها 6%. وأشاد المجلس بالجهود التي بذلتها طواقم وزارة المالية والتخطيط لإعداد الموازنة والإنجازات التي حققتها مقارنة بالسنوات السابقة رغم المعيقات والتحديات والمتغيرات. وقرر المجلس إحالة مشروع قانون الموازنة إلى السادة الوزراء للدراسة وإبداء الملاحظات تمهيداً لإقرارها في جلسة مقبلة.
وصادق المجلس على أجندة السياسات الوطنية للأعوام 2017– 2022 "المواطن أولاً"، لتشكل برنامج عمل وطني متفق عليه مع كافة الشركاء والجهات المعنية، والتي جاءت حصيلة عملية تشاورية واسعة قامت بها الحكومة على مدار عام ونصف من خلال الشراكة الكاملة والجهد الجماعي للمؤسسات الحكومية مع هيئات الحكم المحلي ومنظمات المجتمع المدني، والقطاع الخاص والمؤسسات الأكاديمية، ومع الشركاء الدوليين في مجال التنمية، والتي تم التركيز فيها على مجموعة من الأولويات والسياسات الوطنية التي تهدف إلى تعزيز العدالة الاجتماعية وتحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطن، وتعزيز صمود الإنسان الفلسطيني في كافة أماكن تواجده لا سيما في المناطق المهمشة والقدس الشرقية، وفي الوقت ذاته، إنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية واستكمال الجهود لإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، كما تركز الأجندة أيضاً على مواصلة جهود الإصلاح لتعزيز استجابة الحكومة للمواطنين وصولاً للحكومة الفعالة والمنفتحة القائمة على المساءلة والشفافية، وبناء اقتصاد مستقل وقوي من خلال تعزيز مقومات الاقتصاد الفلسطيني واستقلاليته وتوفير بيئة استثمارية ملائمة تساعد على تطوير الصناعة الفلسطينية والقطاعات الإنتاجية الواعدة التي توفر فرص عمل لائقة للجميع.
وقرر المجلس إحالة مشروع قرار بقانون معدل لقانون انتخابات مجالس الهيئات المحلية رقم (10) لسنة 2005 وتعديلاته، إلى أعضاء مجلس الوزراء لدراسته وإبداء الملاحظات بشأنه، تمهيداً لاتخاذ المقتضى القانوني المناسب في جلسة مقبلة.