رام الله الإخباري
بعد أن نجح الهجوم الأخير في انتزاع معظم مناطق حلب الشرقية التي باتت شبه مدمرة وهجرها من تبقى حيا من أبنائها، شهدت العاصمة الإيرانية طهران، الأربعاء، مظاهر احتفالية تزامنت مع تصريحات لمسؤولين إيرانيين مرحبة بـ"تحرير" هذه المدينة السورية العربية.
وفي 15 نوفمبر الماضي، شنت القوات الحكومية بدعم من ميليشيات إيران الطائفية هجوما بريا شرسا ترافق مع قصف مدفعي وضربات جوية مكثفة على الأحياء الشرقية من مدينة حلب، التي كانت تخضع لسيطرة المعارضة منذ 2012.
والهجوم أدى إلى هزيمة المعارضة التي خسرت أكثر من 95 بالمئة من الأراضي، وأسفر عن حمام دم جديد أغرق القطاع الشرقي من حلب، حيث قتل في أقل من شهر"465 مواطناً بينهم 62 طفلاً، و37 مواطنة على الأقل"، حسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
والضحايا الجدد التحقوا بمئات القتلى من أبناء المدينة الذين سقطوا على مدار السنوات الأربع الماضية من جراء الغارات الجوية وعمليات القصف شبه اليومية على القطاع الشرقي من حلب، بالإضافة إلى العشرات الذين قضوا بسبب الأشهر الطويلة من الحصار الخانق.
واليوم، باتت حلب بعد "الانتصار" الأخير "مدينة أشباح" حسب الناشطين والصور التي أظهرت حجم الدمار الهائل الذي لحق بالمدينة التي كانت يوما العاصمة الاقتصادية لسوريا، ومناطقها القديمة مدرجة على لائحة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة.
والكارثة التي لحقت بحلب وتوجت بحمام دم وأعمال الانتقامية في اليومين الماضيين، لم تمنع إيران في إظهار فرحتها، واحتفلت بالانتصار الذي تحقق على يد القوات السورية والميليشيات الطائفية الإرهابية المرتبطة بها، على غرار الحرس الثوري وحزب الله اللبناني وحركة النجباء العراقية ولواء "فاطموين" الأفغاني.
وحلب التي أفرغت من أبنائها الذين تمتد جذروهم عميقا في تاريخ المدينة العريقة، باتت بالنسبة لوزير الدفاع الإيراني، العميد حسين دهقان، "محررة"، في حين اعتبر المستشار العسكري للمرشد، علي خامنئي، أن الانتصار يؤكد أن "إيران باتت القوى الأولى في المنطقة".
فدهقان أجرى اتصالا هاتفيا بنظيره السوري، العماد فهد جاسم الفريج، الأربعاء، و"هنأه بالانتصارات الأخيرة للجيش السوري والمقاومة الشعبية السورية في تحرير مدينة حلب وتطهيرها من لوث الإرهابيين التكفيريين"، حسب ما نقلت عنه وكالة "إسنا" الإيرانية.
أما رئيس مجلس الشورى الإيراني، علي لارجاني، فقد أعرب عن فرحته بإفراغ المدينة واعتبر أن الانتصار شكل ضربة للمسؤولين الأميركيين والبريطانيين، وقال إن "نجاحات أبناء المنطقة الأبطال أرغمت مرتزقتهم الإرهابيين على الانسحاب"، وفق وكالة مهر للأنباء.
وتصريحات اللواء يحيى صفوي، المستشار العسكري لخامنئي، القائد السابق للحرس الثوري، عبرت أكثر عن دور إفراغ حلب في نجاح مشروع بلاده التوسعي في المنطقة والأهداف الحقيقية لذلك، فقال صراحة إن الانتصار الأخير يؤكد أن "إيران هي القوة الأولى في المنطقة".
وقال صفوي أيضا "سمح التحالف بين إيران وروسيا وسوريا وحزب الله بتحرير حلب وسيحرر الموصل (في العراق) قريبا"، مضيفا أن "هذا التحالف يحقق انتصارات، ما سيعزز الثقل السياسي لإيران في المنطقة".
ويبدو أن قوة إيران ترتبط فقط بخراب المدن العربية في سوريا والعراق واليمن ولبنان، التي باتت صندوق بريد تنقل طهران عبره رسائلها المخطوطة بدم أبناء هذه الدول العربية إلى الغرب، الذي تجاهر بعدائه ولاتجد حرجا في عقد الاتفاقات معه متى كان ذلك يناسب مصالحها.
وعلى وقع تصريحات المسؤولين الإيرانيين المتزامنة مع استمرار توالي الصور المؤلمة من حلب، انتشرت في شوارع العاصمة طهران لافتات تحمل توقيع الحرس الثوري الايراني وبلدية المدينة، وكتب عليها "النضال ضد الولايات المتحدة جاء بنتيجة.. تم تحرير حلب".
وتوحي هذه اللافتات أن إيران، التي تقاتل ميليشياتها في العراق تحت الغطاء الجوي للولايات المتحدة، انتصرت في حلب على واشنطن، وليس على أبناء هذه المدينة التي تعرضت لحصار وضربات جوية وباتت الآن محتلة من قبل ميليشيات أجنبية.
سكاي نيوز