رام الله الإخباري
تفرد صحيفة 'الدّيار' اللبنانيّة، المقرّبة من النظام السوري، منذ ليل الثلاثاء-الأربعاء، تغطية خاصّة للغارة الإسرائيلية على مواقع جيش النظام السوري، أقرب إلى أن تكون بوليسيّة خياليّة أو كوميديّة لا تمت للواقع بصلة، خصوصًا أن كاتب أخبار التغطيّة لا يظهر المصادر التي نقل عنها أخباره.
وأبرز تلك الأخبار، التي لا تندرج إلا في إطار الخيال الضحل مضافًا إلى اللغة الركيكة، هو قيام الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بـ'إيقاظ رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، من نومه، وقال له إن قصف دمشق خطّ أحمر' ولكي يكتمل المشهد الدرامي الركيك، أضافت الصحيفة 'أن نتنياهو قال إن الغارات التي علم بها ستكون محدودة، ونام على هذا الأساس'، عندها 'أمهله بوتين 10 دقائق لإخراج الطائرات الإسرائيلية من الأجواء السوريّة'.
ولم يقتصر دور بوتين على هذا الحدّ، إنما سعى لمنع تفجّر حرب إقليمية كبرى، إذ 'كان الرئيس الأسد ينوي استعمال صواريخ سكود ضد إسرائيل التي تصيب قلب تل أبيب، فضغط بوتين بكل ثقله كي لا يفعل الأسد ذلك، لأن الغارات ستتوقف بعد دقائق'، وبالطبع انصاع الأسد لأوامر بوتين أو طلباته.
ولكي يكتمل المشهد الدرامي، وتصوير بأن جيوش إيران وروسيا وحزب الله اللبناني والميليشيات المتحالفة مع الأسد تخضع لأوامره، وتنتظر منه الإشارة كي تحرّر فلسطين، أضافت الصحيفة أن الجيش السوري جهّز 'غرفة عمليات حوت جنرالات من روسيا وسورية وقادة من حزب الله ومستشارين إيرانيين، لكن الإمرة كانت للرئيس الأسد، الذي اتصل بغرفة العمليات وطلب منها تجهيز صواريخ السكود'.
نجاة الأسد ومقتل 20 من حراسته
وفي خبر متّصل، جزمت الصحيفة بأن الرئيس السوري نجا من محاولة غارة إسرائيلية استهدفت موكبه، وقد أفرد الموقع، كذلك، رواية توثيقيّة (أقرب للكوميديا المبتذلة) حول نجاته، إذ كتبت الصحيفة، وفقًا لـ 'تحليل من واشنطن'، أن 'الموكب تفرّق واستطاع الرئيس الأسد الوصول إلى قصر الرئاسة دون أن يستطيع العدو الإسرائيلي تحديد سيارته، وكان موكب من ثلاثين سيارة قطع طريق المصنع، كذلك تمت رؤية موكب من 30 سيارة أخرى على باب دمشق في الوقت الذي كان إسرائيل تقصف فيه الموكب، ويقال إن هناك أكثر من 20 قتيلًا من موكب الأسد'.
كما لفتت الصحيفة أن القصف استهدف الفرقة الرابعة، التي تخضع لقيادة ماهر الأسد، ولكي تكتمل 'جبهة التصدّي السوريّة للعدوان'، حاك المحرر في الصحيفة خبرًا 'بطوليًا' عن ماهر الأسد وأنه غادر حلب بطوافة نحو دمشق من أجل إسقاط الطائرات الإسرائيليّة، إلا أنها بوصوله قد غادرت الأجواء السوريّة.
تظهر التغطية التي أفردتها (ولا زالت) الصحيفة للغارة السوريّة المأزق الأخلاقي والتحريري الذي تمر به، والبحث عن بطولات وهميّة، استسهل الكاتب صناعتها على الورق بعدما تعذّر صنعها على أرض الواقع، أكاذيب عديدة وردت في الصحيفة، لكن الأكيد أن الطائرات الإسرائيلية عادت إلى قواعدها سالمة، لتترك شارل أيوب حائرًا أوّل الأمر، ومنتشيًا بفوز على الورق مرّة أخرى.
عرب 48