رام الله الإخباري
أكد الشيخ محمد عبدالله نصر الشهير بـ"الشيخ ميزو" أنه لم يكن جادا في طرح فكرة أنه المهدي المنتظر، ولكنه قصد أن يصدم المجتمع ورجال الدين لإظهار أن فكرة المهدي المنتظر غير حقيقية، بحسب ما قاله
وقال عبد الله نصر إن المجتمع ورجال المؤسسات الدينية لا يهتمون إلا بتوافه الأمور، ولا يناقشون الفكرة بقدر مناقشتهم للشخص، والأمة الإسلامية وصلت إلى مرحلة تحتاج فيها لصدمة كبرى حتى تستفيق من سباتها، بعد أن تراجعت بين الأمم.
وأكد نصر، في حواره أنه يجب نقد كتب التراث والأفكار التي تحويها لأنها مليئة بالخرافات والأخطاء، وهذه الأفكار ستؤثر على العالم أجمع بالإرهاب، فجاء حواره كالتالي:
ماذا كنت تقصد بإعلانك أنك المهدي المنتظر؟
أردت أن أقول إن المجتمع ورواد مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإخبارية لا يبحثون إلا عن التفاهات، وكل همهم هو عدد المعجبين والمشاركات والاستهزاء والسخرية فقط، وأردت أن أكشف عورتهم وعوارهم، بالإضافة إلى إنهم لا يناقشون الفكرة، لكنهم يناقشون الشخص، هل هم معترضون على فكرة المهدي المنتظر؟
أم معترضون على كوني أنا المهدي المنتظر؟ الفكرة أنكم تنتظرون مهدي منتظر غيري، طالما الأمر كذلك فلتذهبوا وتأتوا به، أم أنكم تنتظرون فكرة أسطورية لشخص سيغير كل البشرية ويملأ الأرض عدلا؟
رغم أن كل الأنبياء فشلوا في هذه المهمة، وسينجح فيها المهدي، ولو أني طرحت فكرة حقيقية وبناءه، هل هذه الفكرة ستحصل على 20 ألف مشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي؟ وكتبت عنه كل المواقع الإلكترونية في مصر والعالم، وتابعتها كل المحطات الفضائية.
معنى ذلك أنك لم تكن جادا في الفكرة من الأساس؟
طبعا، فأنا أستخدم أسلوبا جديدا لم يسبقني فيه أحد يسمى أسلوب الصدمة، وهو أشبه بصدمة المريض كهربائيا في غرفة الإنعاش لاستعادة وعيه، فالأمة تنتظر مجهولا مختفي في السرداب من سنة 230 هجرية، وما زال حيا حتى الآن ليصلح أحوالها، هذه الأمة تحتاج لصدمة حتى تفيق من سباتها، فالأمة الإسلامية لم تقدم إنجازا في الحضارة الإنسانية الحديثة، هذه الأمة تتهم الغرب بالكفر كما يقولون، ولو أغلق هؤلاء الكفار الإنترنت على هذه الأمة ستموت، نحن أمه عالة على بقية الأمم، رصيدنا في الحضارة الإنسانية الآن صفر، وننتظر شخصا من 1200 سنة حتى يملأ الأرض عدلا.
المهدي لا ذكر له في القرءان الكريم، ولا يوجد حديث صحيح يتحدث عنه، كل الأحاديث عن المهدي ضعيفة أو موقوفة أو مرفوعة، لا في البخاري ولا مسلم، كما أن هذا الكلام عقيدة مخالفة للقرآن، فلماذا تنتظرون المهدي؟
قالوا إن المهدي هو من سيغير حياتنا، والله قال "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"، ولم يقل حتى يغيرهم المهدي، هذا يعني أن المهدي لن يغير فينا شيئا.
لكن البعض قد يرى أن أسلوبك هذا غير علمي؟
أنا لا أوجه خطابي للمستنيرين والمتخصصين والنخب، لكني أوجه لخطابي للعوام، والعوام لا يقرأون الكتب بمنهجية علمية، ولكنهم يريدون خطابا شعبويا، وأردت توصيل فكر التنوير بخطاب شعبوي حتى ولو على سبيل النكتة، فكتبت على صفحتي البيان رقم "2" من المهدي المنتظر قلت فيه لمبايعة المهدي المنتظر اتصل على رقم كذا مقابل 5 جنيهات للدقيقة، فسخفت من الفكرة حتى إذا رُددت بعد ذلك سيتذكرها العوام فستكون مرتبطة في أذهانهم بأنها مجرد أضحوكة، وأن المهدي شخصية هزلية لا وجود لها.
ما تفسيرك لحالة الجدل والضجة المثارة حولك؟
لا توجد عقلية للحوار من الناس، الأمر كله ترصد لأي فكرة تطرح، وتربص من وسائل إعلام تخدم تيار الإسلام السياسي أكتر من تيار التنوير، بالإضافة إلى اختراق مؤسسة الأزهر من الإخوان المسلمين والسلفيين الرافضين لأي فكر جديد، ويحاربون أي تيار تجديدي، لأنهم مرعوبون من فكرة التغير والتجديد.
ولكن الهجوم عليك من وسائل عديدة وليس من الأزهر فقط؟
قلت إن الهجوم من تيار الإسلام السياسي، وهذا تيار له تواجد في الإعلام، وله تأثير في توجه الإعلاميين، بالإضافة إلى أن الغرض من مواقع التواصل الاجتماعي الاستخفاف بالآخرين، وقصدت أن أكتب ما كتبته حتى أظهر للمجتمع أن الناس فارغة العقول، ولو كانت الفكرة التي أطرحها فكرة بناءة تفيد المجتمعات الإنسانية، فلن تجد تفاعلا معها، ولكن عندما طرحت فكرة أن المهدي المنتظر قد حان أوانها تفاعلت الناس معها، هذا يعني أن ما يحركهم هي الأمور التافهة، مثل الجن والعفاريت وأهوال يوم القيامة.
لماذا لم تصل وجهة نظرك للعامة وتعرضت للهجوم بشدة؟
لأن العوام لا يقرأون سوى العناوين الكبيرة، ولا يقرأون التفاصيل، لا يقرأون سوى صفحات الرياضة في الصحف، هذه أمة رصيدها في القراءة 4 ساعات في العام، يقرأون في مواقع التواصل الاجتماعي "ميزو" يدعى أنه المهدي المنتظر، فيدخلون للسباب، وأتحدى أن يكون أحد قد فتح الخبر، كما أن وسائل الإعلام مُغرضة، ولا تعطيني فرصة توضيح وجهة نظري، كل الاتصالات التي تحدث في البرامج التليفزيونية تكون لسبابي فقط، الغرض من الإعلام هو تشويه التنويرين والمجددين وتشويه صورتهم فقط.
هل كنت تتوقع هذا الهجوم عندما كتب ما كتبته؟
كنت أتوقعه، وقبل أن أخوض أي معركة أحسب حساباتها، فقبل أن أكتب بوست الانتحار، كنت أعرف أن الدنيا ستنقلب وسيثور الأزهر، رغم أن هؤلاء في مؤسسة الأزهر لم يثوروا عندما ادعى البخاري كذبا على الرسول أنه حاول الانتحار أكثر من مرة.
هل يزعجك هجوم الأزهريين أم هجوم العامة؟
يزعجني هجوم العامة، لأن كل هم الأزهريين هو أن يحافظوا على موروث ومكانة اجتماعية حصلوا عليها، كما أنهم لن يستطيعوا أن يقولوا للناس أن ما ندرسه لهم خطأ، الأزهريون قالوا قديما إن الختان فريضة، والآن يقولون في إعلانات منشورة أن الختان حرام شرعا، فهل دين ربنا يتغير كل عدة سنوات؟
الأزهر كان يقول إنه لا يوجد حجاب في سبعينيات القرن الماضي، وبنات وزوجات شيوخ الأزهر كانوا غير محجبات وكذلك طالبات الأزهر، ولكن مع الغزو السلفي للمؤسسات الدينية أصبح الحجاب فريضة، ما يعني أن توجهات هؤلاء الشيوخ تسير حسب هوى المجتمع، فلو أن المجتمع داعشي فسيكونون داعشيين، لدرجة أن الأزهر حتى الآن لم يكفر داعش ولا يجرؤ، ولكنه كفرني وكفر إسلام بحيري. شيخ الأزهر قال عنهم هم مؤمنون عصاه، فهل المؤمن يقتل ويسبي النساء ويقطعون الرؤوس؟
هذا يعني أنك لا تبالي بهجوم الأزهريين عليك؟
هجوم الأزهريين لا يشغلني ولا يعرفون كيف يردون على الناس لأنهم مفلسون.
ألا تقلق من الزج بل في السجن بسبب هذا الكلام؟
لا أقلق، وأعرف أن بعض الناس ستقاضيني، وحتى لو دخلت السجن ستكون معركة تاريخية، وكل من سبقوني من التنويرين تعرضوا للسجن وبعضهم للصلب، فابن رشد حرقت كتبه، وكبار المفكرين والمجددين على مر العصور عصف بهم، كما أن هناك قانونا كونيا يقول "فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض"، هل يعرف أحد من صلب الحلاج؟
ولكن أفكاره الآن منتشرة، في النهاية الحياة الجسدية لا تفرق معي، وسأموت في يوم ما، ولكن المهم أن أترك بصمة في هذا الكون، التي سيحاسبني الله عليها، والله قال "إني جاعل في الأرض خليفة"، وأنا خليفته في الأرض وكل ابن آدم خليفة، الأمر الثاني أن هناك ثورة حدثت في العالم هي ثورة الإنترنت، ومعها أصبح حجب المعلومة مستحيلا، وسيطرة الكهنة ودولة كهنوت الدين إلى زوال.
هل تتعرض للتهديد في عملك؟
مٌنعت من التعيين في وزارة الأوقاف مرتين، وأنا باحث حر، أما على مستوى التهديد من الناس فهذا يحدث سواء من مكالمات هاتفية أو كتابات، وكتب أحد الكُتاب في صحيفة مصرية، أن كل الذين ادعوا أنهم المهدي المنتظر قُتلوا من قبل أتباعهم، وهذا تحريض على قتلي.
لماذا تم رفض تعينك في وزارة الأوقاف؟
لأني أرفض فكرة سيطرة رجال الدين على عقول الناس، وهذا الكلام غير مرغوب فيه في المؤسسة الدينية، فشخص مثلي في تلك المؤسسات سيزعجهم ويسبب لهم أرقا، لأنهم يرفضون أن يحدث حراك فكري بين الناس، ويريدون أن يظل المجتمع لا يفكر، هم يريدون مجتمعا يؤمن بما هو موجود من خلالهم فقط.
من المسؤول عن الأفكار المتطرفة في كتب التراث حتى الآن؟
أنا لا أعترف بالكهنوت والتخصص، ووجود الأفكار المتطرفة مسؤولية كوكب الأرض كله، لأن هذه الكتب لست حكرا على المؤسسات الدينية فقط كما يدعي البعض، وإلا فليبرزوا لنا توكيلا من الله أنهم قائمون على أمر الدين، فإذا كان الله قد قال لرسوله محمد "لست عليهم بوكيل" وهو النبي، فالأولى ألا يكون الأزهر وكتب التراث علينا بوكيل، كتب التراث نتاج فكر بشري، يجب على البشرية كلها أن تتصدى لها بالنقد بغض النظر عن معتقد من سيتصدى للنقد لأنه بحث علمي، ولأن هذه الأفكار لا تهدد المسلمين فقط، بل تهدد العالم كله
وأرى أن الغرب مُقبل على موجة تطرف وإرهاب ممن يحملون تلك الأفكار، هل وقتها ستأتي هذه الدول للأزهر لمطالبته بتجديد الخطاب الديني ويرفض؟ ولابد وأن تكون هناك مراكز بحثية في كل دول العالم تنتقد تلك الكتب والأفكار لتحصين مجتمعاتها الداخلية من التطرف والإرهاب.
ولكن تلك الكتب تدرس للطلبة في الأزهر ما يعني استمرار هذه الأفكار؟
هذه هي الكارثة، ولابد من ممارسة ضغوط على من يدرسون هذه الأفكار حتى يتراجعوا عنها، وحتى لو درست فيجب أن تُدرس بالمنهج النقدي التحليلي وعلى سبيل أنها أفكار باطلة ولا تُدرس على أنها دين، فعندما يقال "أمرت أن أقاتل الناس حتى يـشهـدوا أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله، ويـقـيـمـوا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله تعالى"، لا أدرسه على أنه حديث لرسول الله يجب أن يُؤخذ به، ولكن أدرسه على أنها مقوله مكذوبة دُست على رسول الله يجب تحذير المجتمع منها.
من سيجبر المؤسسات الدينية على ذلك؟
للأسف الرئيس عبدالفتاح السيسي، دعا الأزهر ثلاث مرات لتجديد الخطاب الديني ولم تستجب المؤسسة الأزهرية، هنا نحتاج لوقفه مجتمعية لأن هذه المؤسسات ليست دولة داخل الدولة ولا جزر منعزلة، ولكنها تأخذ فلوسها من ميزانية الدولة، فإما أن يراجعوا ويصححوا بأنفسهم، وإما تتدخل الدولة، وأُبُشر الناس أن كتب التراث ستُنقد من قبل المجتمع وهو ما حدث في الآونة الأخيرة، ولم تعد هناك قداسة ولا عصمة للمفسرين والمحدثين، حتى وإن كانت حركة محدودة ولكنها في طور التزايد، فالتيار التنويري ليس له منهج محدد، فهم بضعه أناس ومجموعة من الجماهير ليس لهم منبر إعلامي لترويج أفكارهم مثل التيار الظلامي الذي يملك من المنابر الإعلامية الكثير.
كيف ترى اتهام البعض لك بالجنون؟
لا أعرف ماذا يزعج الظلاميين من شخص مجنون كما يدعون في نقد فكرة المهدي المنتظر حتى أنه هز كل مؤسساتهم واستفز كل شيوخهم؟ معناه أنهم بحالة من الضعف الشديد، هزهم شخص كتب كلمتين على فيس بوك.
سي ان ان