في نابلس ... أمل إبنة الأربعة عشر عاماً طُلقت للمرة الثانية وتزوجت الثالث

زواج القاصرين في فلسطين

رام الله الإخباري

حين يمتزج الفقر مع العادات والتقاليد المُرّة، تكون الفتاة هي الضحية في هذا المجتمع الذي ينظر اليها كسلعة تباع وتشترى بأبخس الاثمان، فتضيع حياتها بين زواج قهري و حرمان من ابسط حقوقها في الحياة، فتلجأ الى كل الطرق التي تعبّر فيها عن رغبتها في اقتلاع كرامتها رغما عن محيطها المزعج.

الزواج الأول :

" زوروا شهادة ميلادي وعقدوا قراني وأنا في ال14 من العمر" هكذا بدأت أمل من منطقة نابلس بسرد قصتها، حين اجبرها والديها على الزواج وهي قاصرة لا تعلم شيء من الحياة غير لعبتها وحلواها و كتبها المدرسية.

تقول أمل " تقدم الي رجل يكبرني ب15 عاما، ووافق عليه والدي دون سؤالي عن رأيي، كنت اجلس معه وهو يتحدث الي وانا استمع اليه بقلب الطفلة دون ادراك أو وعي، كنت فتاة جميلة جدا، ولأن العيون كلها تتجه نحوي، ارسل ابن جيراننا رسالة تهديد الى خطيبي ليجبره على تركي، وفعلا تركني، ودسَّ لقب المطلقة في تفاصيل حياتي، لكنني لم اهتم لهذا كله، فأنا لم افهم ماذا تعني مطلقة على اية حال".

بقيت أمل تحمل هذا اللقب، لكن لم تنتظر كثيرا، حتى حظت بلقب المتزوجة مرة اخرى وهي في عمر ال14 والنصف.

تقدم الى أمل شخص اخر، ولم يتعلّم والديها من خطأهما السابق،عادوا الى نفس المأساة التي اوقعوا فيها طفلتهم مرة اخرى، لكن هذه المرة ارتدت فستانها الأبيض، وجمّلت نفسها، وذهبت مع الرجل الذي يكبرها بـ 13 اعوام الى بيته الذي ظنّته سيكون جنة بعد النار الذي عاشته من اقاويل المجتمع الذي لا يرحم، لكن الواقع أمرّ من ذلك بكثير.

تعقّب امل بقولها " تزوّجت للمرة الثانية وانا مازلت طفلة، دخلت بيته، ودخلت ناره، لا ابالغ حين اقول نار، فقد ابرحني ضربا كأنني دابة امشي على الارض، لم يترك وسيلة الا وعذّبني بها، كان يكويني بالنار، دون أي ذنب مني، فقط لأنه يسمع كلام والدته التي تقول له "لا تعطي مرتك عين بلاش تركبك"، عشت اقسى ايامي معه، لا يملك شهادة جامعية، وانا لا اتكئ الا على نفسي وكأنني يتيمة الأب والأم، كنت ابكي في المنزل لوحدي، وهو يذهب الى عمله ويغلق الباب عليَّ كي لا اخرج ابدا".

وفي ذلك اليوم الذي استيقظت فيه أمل من النوم لتعدّ لزوجها كوبا من القهوة، قام برشقها ساخنة على وجهها، فما لبثت ان فتحت الباب و هربت من المنزل وهي في ملابسها البيتية، لتصل الي حضن والديها مرة اخرى، وطلبت الطلاق .

لم تكن الموافقة على طلاقها بهذه السرعة، حاول والديها كثيرا ان يعيداها الى زوجها، لكنها رفضت، وبعد تدخلات كثيرة، ارتشفت لقب المطلّقة مرة اخرى وهي في ال15 من عمرها.

"لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين، وانا لدغت 3 مرات" :

لم يمر كثيرا من الوقت حتى عقد قران أمل للمرة الثالثة على الرجل الذي ساعدها في قضية طلاقها الثانية، كانت أمل في ال15 والنص من العمر لكن قلبها ميّت من أي مشاعر كأنها في السبعين من عمرها.

اعتصرت أمل بكاءً وهي تتحدث عن قصتها التي ما زالت تشق طريقها من بؤس الى اكبر، و تكمل " في زواجي الثاني لم افقد عذريتي، بل بقيت فتاة كما لو أنني لم اتزوج ابدا، لكن زواجي الثالث الذي أجبرت عليه ايضا بعد احاديث العباد المتفرقة في الحيّ عن سبب فشلي في كل العلاقات التي امر ابها، اجبر والداي على قبول الزواج من رجل يكبرني 17 عاما، بعد أن ساعدني في قضية طلاقي تقدّم اليّ فورا، ولبست الابيض مرة اخرى لكن بقلب منكسر".

أنجبت أمل منه 4 اولاد، وما زال زواجها مستمر الى الان، ترعى والدته وتخدم مرضها، تعيش أمل مع رجل عصبيّ يهددها كل فترة بأنه سيتزوج من ثانية، مشاعره الباردة تشعرها بأنها قطعة متحركة في المنزل بين اهتمام في الاولاد وقيام بأعمالها المنزلية ثم حرمانها  الخروج من المنزل.

المشاكل الاجتماعية التي نعيشها سببها الجهل القاتل لكل مجريات الحياة، ولو نظرنا الى الأمور بأبعد من الحائط الذي امامنا لرأينا بأننا داخل متاهة لا مخرج منها، أمل هي حالة مصغرة لعشرات الحالات المختبئة بين طيات الخوف من الافصاح عن قصصهم المتعبة، وما زال السؤال..من المسؤول عن حالة أمل؟ وكيف سنجد الطريق الصحيح في الحياة بوجود مجتمع يبني قراراته على "العادات والتقاليد".

 

طقس فلسطين