عائلات الجنود الذين قتلوا في حرب غزة يطالبون بكشف اخفاقات الجيش

4

رام الله الإخباري

يستعد قادة الجيش الإسرائيلي أثناء العدوان على غزة عام 2014، وخاصة رئيس أركان الجيش حينها، بيني غانتس، ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية حينذاك، أفيف كوخافي، للدفاع عن أنفسهم في الفترة المقبلة، عندما ينشر مراقب الدولة، القاضي المتقاعد يوسف شبيرا، تقريرا خاصا حول عملية 'الجرف الصامد' العسكرية، أي الحرب الأخيرة على غزة.

وكان المراقب قد وزّع مسودة هذا التقرير على مسؤولين سياسيين وضباط في الجيش حقق مكتب مراقب الدولة معهم. وتسربت هذه المسودة إلى وسائل الإعلام، وتبين أن المراقب يتهم قيادة الجيش بالإخفاق في الاستعداد لمواجهة الأنفاق الهجومية في قطاع غزة. كذلك انتقد المراقب عدم اطلاع المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت) على معلومات والاستعدادات الكاملة بشأن الأنفاق.

وذكرت تقارير صحفية إسرائيلية أنه قبل نشر مسودة تقريره، أجرى مراقب الدولة ورئيس الدائرة الأمنية في مكتبه، العميد في الاحتياط يوسي باينهورن، سلسلة جلسات استجواب وُصف بعضها بأنها 'دراماتيكية'، مع مسؤولين عسكريين ومحاميهم وكذلك مع رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو.  

ويتوقع أن يعقد المراقب جلسة استجواب أخرى مع نتنياهو وآخرين من الذين شملتهم الانتقادات في التقرير وبناء على طلبهم، ويرجح أن تكون لديهم مصلحة بإرجاء نشر التقرير النهائي، كما ذكر المحلل العسكري في صحيفة 'هآرتس'، عاموس هرئيل، اليوم الأربعاء.

 

ورغم أن الانتقادات ضد نتنياهو، الواردة في مسودة التقرير، ضعيفة، إلا أن نتنياهو استغل لقاءات عقدها مع هيئات تحرير صحف وغرف أخبار في قنوات تلفزيونية إسرائيلية من أجل طرح تحفظاتها من تقرير المراقب. فقد رفض نتنياهو انتقاد المراقب له بأنه أخفى معلومات عن الكابينيت، وأن المعلومات حول الأنفاق التي كانت بحوزته وبحوزة وزير الأمن أثناء الحرب، موشيه يعالون، كانت منقوصة.

وذكرت صحيفة 'يديعوت أحرونوت'، أمس، أن نتنياهو سيسعى إلى منع نشر تقرير المراقب بواسطة قرار يتم اتخاذه في لجنة مراقبة الدولة في الكنيست، حيث توجد أغلبية لأعضاء كنيست من الائتلاف.

تناقض بين الجيش ونتنياهو

وكشفت إذاعة الجيش الإسرائيلي، أمس، عن نتائج تحقيق داخلي أجراه الجيش الإسرائيلي، تبين منه أن قادة الجيش الإسرائيلي لم يكونوا على علم بحجم الأنفاق. وجاء في التقرير الداخلي أنه 'قبيل العملية العسكرية، كانت الأنفاق الهجومية بالنسبة لمعظم قادة قوات الاجتياح بمثابة متغير أمر مجهول'، وهذا الأمر مسّ بأدائهم أثناء الحرب وأدى إطالة مدتها إلى 50 يوما. وبحسب هذا التقرير، فإن القوات التي شاركت في اجتياح القطاع أثناء الحرب 'خرجت إلى مهمة غريبة عنها' وتجاوزت بشكل كبير الخطط العسكرية التي تم وضعها لتحركاتهم.

وادعى هذا التقرير الداخلي أن الجيش سارع إلى استخلاص الدروس المطلوبة والعمل على تصحيح العيوب. ويتناقض هذا الاستنتاج مع ادعاء نتنياهو أن الاستعداد لمواجهة الأنفاق كان جيدا وأن الجيش اهتم بإعداد القوات لمهمة كهذه بالشكل المناسب.

الجدير بالذكر أن تقرير المراقب حول الإخفاقات أثناء العدوان على غزة من شأنه أن يؤثر على مستقبل كبار ضباط الجيش. وفيما يتعلق بغانتس، فإن هناك مساع من أجل دخوله إلى الحلبة السياسية. وكوخافي، رئيس الاستخبارات العسكرية السابق وقائد الجبهة الشمالية الحالي، مرشح لمنصب نائب رئيس أركان الجيش، الذي بالإمكان بعده تولي منصب رئيس أركان الجيش. لكن الانتقادات لكوخافي من جانب المراقب من شأنه أن تمنع ترقّيه.

وتطالب عائلات جنود إسرائيليين قتلوا في الحرب على غزة بتشكيل لجنة رسمية للتحقيق في إخفاقات الجيش وخاصة بما يتعلق بالأنفاق. ونقلت صحيفة 'معاريف'، اليوم، عن إيلان ساغي قوله إن 'ابني قُتل عندما خرج المخربون من داخل نفق. وقد فهمت على الفور أنه يوجد فشل هنا'. وأضاف أنه في أعقاب نتائج التقرير الداخلي للجيش 'حان الوقت لأن يُتهم ضباط أيضا بالإهمال المهني'.

إخفاقات متكررة

صورة الوضع التي تظهر من هذين التقريرين، تقرير المراقب وتحقيق الجيش الإسرائيلي الداخلي، هي أن الجيش الإسرائيلي يستخدم أثناء الحرب قوته الهائلة بشكل عشوائي، من دون معرفة طبيعة وملامح ميدان القتال الذي يواجهه. ويؤدي هذا الجهل لمميزات أرض المعركة إلى سقوط عدد كبير من القتلى بين المدنيين.

ولا تنطبق صورة الوضع هذه على حرب غزة الأخيرة فقط، وإنما تنطبق على الحروب على غزة، في الأعوام 2008 و2012، وتنطبق بشكل كبير على حرب لبنان الثانية أيضا.

وفيما تسود التوقعات في إسرائيل أن حربا أخرى على غزة ستقع لا محالة، ويلوّح جيشها بتوجيه ضربات قاسمة لقطاع غزة، فإنه يتحدث عمليا عن مزيد من الإخفاقات، مثل إخفاق الأنفاق، وكذلك مثل إخفاق المفاجأة في حرب العام 1973، التي يحيي الإسرائيليون ذكرى صدمتهم خلالها.  

عرب 48