روسيا تحضر الملاجئ خشية ضربة نووية غادرة

49223822.cached

رام الله الإخباري

هل تصبح بطولة كأس العالم القادمة التي تقام في عام 2018 بروسيا هدفاً لضربة نووية غادرة؟

هذه ليست مزحة للتخويف من حضور المونديال أو سيناريو فيلم هوليودي جديد ولكنه خطر يوحي به سلوك المسؤولين الروس في ظل تصعيدهم مع الولايات المتحدة الأميركية.

فقد تلقى مديرو إستاد زينيت تحت الإنشاء في مدينة سانت بطرسبورج الروسية خطاباً رسمياً من وزارة الحالات الطارئة في الأسبوع الماضي يطالبهم بسرعة إقامة مرافق إيواء استعداداً للحرب، وفق ما نشر تقرير لموقع دايلي بيست الأميركي، الإثنين 17 أكتوبر/تشرين الأول 2016.

وذكر الخطاب أن الإستاد الذي يتم بناؤه لكأس العالم القادمة عام 2018 يقع خارج حدود المدينة، ولكنه سيكون هدفاً محتملاً للضربات النووية والإشعاعية.

يأتي هذا الإجراء في وقت وصلت العلاقات الروسية الأميركية إلى أسوأ حالاتها منذ انتهاء الحرب الباردة في القرن الماضي، وذلك بسبب العديد من الأزمات الحالية بين البلدين، أبرزها الأزمة في سوريا، والتي هددت فيها روسيا بإسقاط الطائرات الأميركية في حال هجومها على قوات النظام السوري، والتدخل المزعوم لروسيا في انتخابات الرئاسة الأميركية، الذي أثار تصريحات عدائية شديدة لدى بعض المسؤولين الأميركيين ضد الحكومة الروسية.

وكانت آخر مرة يسمع بها الروس السلطات تتحدث بهذه الطريقة بشأن التعبئة المحتملة منذ نحو 20 عاماً، وكان كل ذلك يبدو حتى حينها غير متوقع الحدوث. ومع ذلك، من الواضح أن الكريملين لا يمزح. فقد شارك نحو 40 مليون شخص في تدريبات الحماية المدنية في أنحاء البلاد وفي التعرف على كيفية الاختباء والأماكن التي يمكن التوجه إليها في حالة نشوب حرب نووية.

وقال سيرجي ماركوف، عضو مؤسسة الغرفة الأهلية الوطنية بموسكو: "تعد هذه أكبر حالات التوتر بين موسكو وواشنطن منذ عقود. وقد تبدأ الحرب قبل انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني بالولايات المتحدة".

وأضاف ماركوف دايلي بيست: "أنا شخصياً أعتزم تخزين 200 علبة لحوم تحسباً لأزمة محتملة خلال الحرب. وأنصح الجميع بالقيام بذلك"، حسبماً نقل عنه تقرير دايلي بيست الأميركي.

أما عضو مجلس الدوما فاديم دينجن فقال أنه يأمل ألا تنشب حرب مع الولايات المتحدة. وتساءل البرلماني الروسي: "لا أدرك لماذا لا يتركنا الغرب نعيش في سلام. ولابد أن يدرك الأميركيون أن أطفالهم سيبحثون عن ملاجئ طوارئ أيضاً إذا ما كانوا جادين بشأن الاعتداء على روسيا".

وتواصل وسائل الإعلام الروسية الترويج لاحتمالات أن أميركا قد تقصف بلادهم بالأسلحة النووية وأن موسكو سترد بحزم، فنقلت روسيا اليوم عن محلل فرنسي يدعى جان بول باكياست تحذيره من أن أي نزاع عسكري بين واشنطن وموسكو قد يتحول بسهولة إلى حرب نووية ذات عواقب مروعة قد تطال الكرة الأرضية برمتها وتؤدي إلى تدمير أمريكا بالكامل.

وتابع باكياست في مدونته على موقع "Mediapart" الإعلامي الفرنسي أن العسكريين الأمريكيين يدرسون، على ما يبدو، إمكانية توجيه "ضربة نووية احترازية" إلى روسيا.

وتابع المحلل أن مثل هذه الضربة الاحترازية لن تطال إلا جزءاً من الأراضي الروسية الشاسعة، بينما سيتمثل الخيار الوحيد لروسيا في هذه الحالة، في الرد عليه بضربات توجهها الغواصات الروسية، مشيراً إلى أن العديد منها تقوم بالمناوبة القتالية بالقرب من السواحل الأمريكية، واعتبر أن مثل هذا الرد قد يدمر الولايات المتحدة بأكملها.

 

أقرب مأوى نووي

 


يوم الخميس 13 أكتوبر/تشرين الأول 2016، علم فلاديمير جلادجوف، الطالب الروسي البالغ من العمر 19 عاماً، من جاره أن أقرب مأوى من القنابل لمنزله هو محطة مترو كيتاي جورود.

وبدا جلادجوف، الذي ولد بعد سنوات من انتهاء الحرب الباردة مع الولايات المتحدة، محبطا للغاية، وقال "الأميركيون ليسوا مجانين كي يقصفوننا. لا أدري لماذا تحاول سلطاتنا ترويع الناس من الاعتداءات النووية. فربما يشعر شخص ما بالغضب جراء شعورنا بالحرية والسعادة".

وأشارت ديلي بيسوت إلى أنه في روسيا، حيث عانت أجيال من الحروب أو الأزمات الاقتصادية، سرعان ما ينتشر الذعر كالوباء المعدي ويصاب البعض بالهواجس المرضية.

وخلال السنوات العجاف في أوائل التسعينيات من القرن الماضي، انتقل آلاف من الروس إلى مستوطنات في تاجيا سعياً وراء النجاة. كما لا يزال أكثر من 3000 مؤمن بالمسيح يعيشون في غابات صربيا في انتظار النهاية.

وفي عام 2012، انتظر الكثيرون في روسيا في رعب خشية حدوث يوم القيامة. واشترى الناس زحاجات الفودكا وأعواد الثقاب والشموع لمجابهة الظلام.

وهناك تعبير يعرفه جميع الروس وهو "الادخار لليوم الأسود". وهناك الكثير من الأيام السوداء في تاريخ روسيا – وليست مجرد أيام بل سنوات من الدمار والهلاك، حسب الديلي بيست.

وتقول بابا زويا، وهي عجوز تعيش بمفردها بقرية بزفودنوي بإقليم نيزني نوفجورود "حياتي كلها عبارة يوم أسود دائم". وتجد العجوز البالغة من العمر 82 عاماً أنه يصعب للغاية العيش خاصة خلال فصل الشتاء.

دايلي بيست نقلت عن زويا قولها: "إنها تتذكر الحرب العالمية الثانية جيداً – فقد غادر خلالها عشرات من رجال القرية ولم يعودوا مطلقاً. وقالت "أتمنى لك يا عزيزي أن تحيا حياتك بدون تلك الذكريات المؤلمة".

وذكرت قناة روسيا التابعة للدولة أنه في الأسبوع الماضي أعدت مدينة بيرم، التي يبلغ تعداد سكانها أكثر من مليون نسمة بمنطقة الأورال، ملاجئ الطوارئ "للعاملين الذين سيواصلون العمل أثناء الحرب".

وفحص خبراء من وزارة الحالات الطارئة أحد الملاجئ للتأكد من وجود مساحة وأدوية ومؤن كافية، وستبلغ حصة المواطن اليومية من المياه ثلاثة لترات.

وقد أوضحت برامج التلفزيون المخصصة لعمليات الدفاع المدني للروس أنه ليس هناك سبب للشعور بالذعر لأن السلطات ستعمل خلال فترة الحرب على عدم تعرض وسائل النقل العامة للإشعاع وعلى أن يحصل كل مواطن على 300 جرام يومياً على الأقل من الخبز.

 

المساجين

 

ليس هناك فرصة للبقاء بالسجن. سوف ينتهي أمر هؤلاء المساجين، ويدرك كل من بالسجون ذلك"، هكذا قالت أولجا رومانوفا رئيسة مؤسسة Russia Behind Bars غير الحكومية، التي تدعم المساجين الروس خلال السنوات الثماني الماضية، عن مصير نزلاء رعايا من النزلاء.

غير أن رومانوفا ذكرت أنها تعرف بالضبط إلى أين ستتوجه وعدد الدقائق التي تستغرقها صواريخ حلف الناتو كي تصل إلى موسكو.

مؤشرات أخرى كثيرة ربما يراها البعض أنها دلائل على قرب نشوب حرب بين روسيا وأميركا، بينما يراها آخرون مجرد أدوات إعلامية جديدة في يد سيد الكرملين الحاذق في الألعاب الاستخباراتية لحشد الدعم الشعبي حوله في طل تراجع الأوضاع الاقتصادية.

ربما تكون أبرز هذه المؤشرات المُحتملة هو ما قامت به روسيا من تحريك صواريخ إسكندر ذات القدرات النووية إلى مقاطعة كالينينغراد، على حدود دول البلطيق. وهو الأمر الذي أثار خوف العديد من المعلقين من اقتراب البلدين من حافة الحرب.

إلا أنه طبقاً لصحيفة واشنطن بوست الأميركية، فإن الأمر لا يعد دلالةً على اتجاه البلدين للحرب. إذ صرح المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية إيغور كوناشنكوف أن أحد هذه الصواريخ تم وضعه بشكل متعمد ضمن نطاق أقمار التجسس التابعة لأميركا، وأن الأمر كله يأتي ضمن تدريب عسكري عادي. كما وصف وزير خارجية ليتوانيا- الذي تحد بلاده مقاطعة كالينينغراد- الأمر بأنه مجرد تكتيك تفاوضي.

 

استدعاء الاحتياطي

 

في نفس السياق، ذكرت صحيفة إكسبرس البريطانية أن إحدى قنوات التلفاز الروسية قد أذاعت منشوراً تنصح فيه المواطنين بمعرفة موقع أقرب ملجأ ضد القنابل، وتسألهم ما إن كانوا مستعدين لحرب نووية في حال حدوثها.

ووافقت الحكومة الروسية أيضاً على تعديل أحد القوانين ليسمح لها بزيادة جيشها الاحتياطي من خلال استدعاء جنود الاحتياط والجنود المتقاعدين.

 

وصرَّح المحلل العسكري ألكسندر جولتز لواشنطن بوست بأن القانون يسمح فقط للحكومة الروسية باستدعاء الجيش الاحتياطي في الظروف الاستثنائية، كالكوارث الطبيعية والاضطرابات المحلية، وأن هناك حالة واحدة بالقانون يمكن تفسيرها بشكل ما ليتم ارسال الجيش الاحتياطي خارج روسيا، وهو الحفاظ على الأمن والسلام. إلا أن جولتز نفى أن يكون ذلك دليلاً على تفكير الحكومة الروسية في القيام بعمليات عسكرية واسعة في سوريا، فالكريملين قد وعد من قبل بعدم إرسال جنود الاحتياط للقتال في دول أخرى، وأن تعديل القانون للقيام بذلك سيأخذ وقتاً طويلاً.

 

“حيلة دعائية”

 

وأضافت الصحيفة أن ما قام به حاكم مدينة سانت بطرسبرغ من إقرار خطة لتوفير المؤن الضرورية من الخبز لسكان المدينة أثناء الحرب هو مجرد حيلة دعائية، وهو ما اتفق مع تصريح جولتز الذي قال فيه إنَّ الكمية التي قرر حاكم المدينة توفيرها لتكفي سكان المدينة لمدة 20 يوماً هي ضعف الكمية التي تم استهلاكها خلال حصار الألمان لمدينة لينينغراد الروسية خلال الحرب العالمية الثانية، والذي استمر 900 يوم.

كما تضمنت المؤشرات تصريحات بعض السياسيين الروس المعروفين بتصريحاتهم المثيرة للجدل، كالسياسي الروسي المتطرف فلاديمير جيرينوفسكي التابع للحزب الديمقراطي الليبرالي الروسي، والذي قال إنَّه إن فازت هيلاري كلينتون بالانتخابات فالحرب ستصبح أمراً أكيداً بين البلدين. ولكن جيرينوفسكي، بحسب واشنطن بوست، دائماً ما يصوت تبعاً لموقف الكريملين، كما أنه يؤيد المرشح الجمهوري دونالد ترامب، ولهذا فإن تصريحاته تعبر فقط عن موقفه السياسي. كما أن حزبه يشغل فقط 39 مقعداً من أصل 450 مقعداً بالبرلمان الروسي، ولهذا فإنه لا يمتلك أي قرار تقريباً فيما يتعلق بالحرب النووية.

وعلق المحلل أليكساندر بونوف بمعهد كارنيجي بروسيا على هذه التدريبات العسكرية الروسية والبرامج الساخنة بالتلفاز واصفاً إياها بالحيل الدعائية، وأنها محاولة روسية لردع الولايات المتحدة الأميركية عن التدخل في سوريا وإحباط الحملة العسكرية الروسية، أو الرد بشكل عنيف على إثر الاتهامات لروسيا بالتدخل للتلاعب بالانتخابات الرئاسية الأميركية.

 

استعداد سري

 

أما عن مؤشرات الحرب بالولايات المتحدة الأميركية، فطبقاً لصحيفة إكسبرس يزعم بعض المؤمنين بنظريات المؤامرة أن أميركا قد رفعت درجة استعدادها للحرب النووية بشكل سري، وذلك باستخدام نظام التحذير “ديفكون” الذي يعبر عن درجة الخطر النووي على البلاد.

ويحتوي نظام ديفكون على خمس حالات، تزداد في خطورتها من الحالة الخامسة إلى الحالة الأولى. وطبقاً للصحيفة، نشر الموقع الإلكتروني DEFCON غير الرسمي أنه قد تم رفع الحالة إلى الدرجة الثالثة، وهو ما لم يحدث منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر في أميركا.

وتعرض الموقع أيضاً للعلاقات المتدهورة بين روسيا وأميركا، محذراً من حدوث حرب شاملة بين البلدين، فطبقاً لبيان الموقع فإن التوتر الحالي بين البلدين قد تخطى ما حدث خلال الحرب الباردة. وطلب من المواطنين الاستعداد لحرب محتملة.

ولكن طبقاً لصحيفة إكسبرس تظل هذه التحذيرات وأخبار رفع حالة نظام ديفكون مجرد ادعاءات وتخمينات بدون أي دليل، فالجيش الأميركي لا يشارك حالة نظام “ديفكون” مع العامة لأسباب تتعلق بالأمن.

وفي الوقت الذي يسوق المحللون والصحف المختلفة مؤشرات ودلائل على قرب اندلاع الحرب بين القوتين النوويتين الكبيرتين، يخرج مسؤولو كل طرف بين الفنية والأخرى لينفي أن تكون بلاده تسعى للحرب أو الصدام مع الطرف الآخر.

 

إخضاع

 

ربما يكون هناك هدف آخر حسب تقرير سبق أن نشرته بي بي سي، إذ يقول المعلق السياسي الروسي ليونيد رادزكوفسكي: "السياسة الخارجية الروسية تتمحور حول معركة لأجل كسب احترام أمريكا. ليس هناك شيء آخر في سياستنا الخارجية. أنا أقصد الاحترام في ثقافتنا الروسية: أن يحترمك الآخرون لأنهم يخافونك".

وأضاف: "بالنسبة لبوتين ليس هناك سوى لعبة واحدة: أولاً يكشر للأمريكيين عن أنيابه، ثم يحاول إخضاعهم ليقولوا له: "نحن نرغب في صداقتك".

لكن المعلق السياسي ليونيد رادزكوفسكي يؤكد ثقته، في أن روسيا لن تنجر لحرب مع الولايات المتحدة.

ويقول: "بوتين مصاب بجنون العظمة، فهو يعتقد أنه أفضل من أي قائد غربي بعشر مرات، لكنه ليس الشخص الذي يفتح نافذة في الطابق الثامن عشر، ليقول لنفسه (أنا أستطيع الطيران)، ثم يلقي بنفسه من النافذة".

ويضيف: "بوتين ليس لديه خطة لإسقاط قنبلة هيدروجينية على واشنطن. النرجسية شيء والميول الانتحارية شيء آخر. بوتين ليس انتحارياً".

     

هافينغتون بوست عربي