رام الله الإخباري
مواقع التواصل الاجتماعي عالم افتراضي من العلاقات الاجتماعية فرض نفسه على نمط الحياة، من حيث المصطلحات والضوابط والثقافة في ضوء التقارب الثقافي والاختلاط الفكري الذي أحدثه، مما أثّر على الترابط الأسري، حيث ارتفعت نسبة الأشخاص الذين لا يقضون وقتا مع عائلاتهم إلى 45 بالمئة بسبب الانشغال بتلك المواقع، ولم يتوقّف تأثيرها على الجانب الاجتماعي فقط وامتدّ إلى التأثير السياسي، ولعبت دورا بارزا في تشكيل الرأي العام والقيام بدور الإعلام البديل.
وعلى ضوء ما ينجم من مواقع التواصل الاجتماعي من مشاكل رصد مخولون بإتمام إجراءات الزواج والطلاق في المحاكم الفلسطينية ، أن العديد من الأزواج من الجنسين برروا إقدامهم على الطلاق بسبب خلافات على "الاستخدام السيئ" لمواقع التواصل الاجتماعي.
فمن جهتها اشارت لنا الزوجة ميسون 25 عاما الى شجارها الدائم مع زوجها بسبب الاستخدام المفرط للإنترنت بشكل عام مبتعدا عن دوره كأب للأسرة ولدية ابن يمكن ان يسأل عنه .
اما الشابة عبير ذات البشرة القمحية اكدت بان شجارها المتواصل مع زوجها نتيجة استخدام الفيس بوك على جهاز الحاسوب جعله يتجه الى هاتفه النقال وهي ما اثار حفيظه استغرابها من قضاءه اوقات طويلة مشيرة الى ان عمله كصحفي قد يعرضه للقاء الفتيات .
ونقل موقع دنيا الوطن عن الفتاة نهى " 25 " عاماً إذا كانت الحسابات غير لائقة أخلاقيا فمن الطبيعي أن تثير غيرتي، وتعتمد ردة الفعل على أسلوب التعليق، إذا خرج عن نطاق الأدب، فبالتأكيد يثير حفيظتي وقد يتسبب في مشكلة بيننا".
اما السيدة م.ع روت لنا باختصار ابتزاز ابنتها عبر صورة كانت مع طليقها وخطيبها الذي سرعان ما يهدد بنشرها في حال نشوب أي خلاف وتقول السيدة العادات والخوف من المجتمع يجعلنا ان نغمض اعيننا ونغلق اذاننا حين نسمع كلامه .
اما السيد "علي" 50 عاما والذي توفيت زوجته توجه بأقدامه نحو احدى العيادات القانونية شمال قطاع غزة بطلب من المحامي الي طلب لقائه بعد ان طلق زوجته وحين جلس اخبر المحامي بان مبرر طلاقه لزوجته هو ما وصفه بخيانة زوجية على مواقع التواصل الاجتماعي .
وفي السياق اكد احد المحامي من العيادة القانونية السادسة في شمال القطاع بان الزوجة تقدمت بدعوى نفقة وعفش بيت بعد طلاقها مضيفاً تعتبر هذه القضية من الحالات الجديدة التي يكون فيها سبب الطلاق هو موقع الفيس بوك .
ومن جهته اكد القاضي الشرعي سعيد ابو الجبين ان طبيعة الدعاوي المقدمة هي تفريق نزاع وشقاق من زوجة الداعي وتضررها من زوجها عن طريق الاستخدام السيئ لمواقع التواصل الاجتماعي عبر نشر الصور والمحادثات التي من شأنها الحاق الضرر بالزوجة بالإضافة الى الخيانة الزوجية .
ويضيف القاضي ابو الجبين يتم تكييف الدعوى حسب الواقعة التي تتضرر منها الزوجة وبعد هذا التكييف يتم سؤال الزوج إما ان يعترف فتقر العقوبة واما ان ينكر لتثبت الزوجة حينها حسب طرق الاثبات الشرعية.
واوضح القاضي الشرعي ان هناك الكثير من الدعاوي التي قدمت بهذا الشأن لكنها لم تصل الى حد الظاهرة في قطاع غزة , مؤكدا بأن العرف يمنع من تقديم مثل هذه الدعاوي التي لا يتقبلها البعض.
وتحدث القاضي عن آلية الاثبات مشيرا في الوقت ذاته الى توافر طرق مثل شركات الانترنت والاتصالات والنيابة العامة واذا ثبت ذلك يمكن للمحكمة التفريق .
وعن دور جهاز المباحث في القطاع للتعامل مع الشكاوى المقدمة بخصوص مواقع التواصل الاجتماعي قال الرائد "تامر سمور" مدير دائرة المصادر في المباحث العامة "تستقبل الشكاوي حسب الطرق المعمول بها كباقي الشكاوي المعروفة , موكداً مثل هذه الشكاوي لها خصوصية معينة تحتاج الى فريق متخصص وهو ما تقوم به ادارة المباحث لإثبات الشكاوي المقدمة ومن ثم يتم عرضها على النيابة العامة للمتابعة القانون.
وانطلاقاً من العادات والتقاليد التي تحكم المجتمع في قطاع غزة ليكن مائلاً نحو الذكورة اكثر من المرأة وباعتبارها المتضرر الاول من الاستخدام السيئ لمواقع التواصل الاجتماعي اكدت الناشطة المجتمعية والمحامية فاطمة عاشور خلال لقاء تقييمي لمشروع الدعم القانوني للفئات الهشة وضمن جلسة نقاشية حول اثر مواقع التواصل الاجتماعي على النسيج المجتمعي موكدة بان هناك شق ايجابي واخر سلبي في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي متطرقة الى اهمية المواقع في صالح الجماعة.
واشارت عاشور الى ان ثقافة المجتمع هي وراء الاثر الكبير من الاستخدام السيئ لمواقع التواصل الاجتماعي فهناك ثقافات تحترم الخصوصية واخرى لا تحترم بل تنتهك حق التعبير عن الراي واضافت المجتمعات العربية لا تفضل استخدام المرأة لمواقع التواصل الاجتماعي خوفاً على ابتزازها واستغلالها.
وعن خصوصية النساء اكدت الناشطة المجتمعية بان الكثير من النساء والفتيات لا تجرؤ على نشر صورتها الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي متحدثة عن مشكلة كانت مطلعة عليها تتحدث فيها عن زوج يريد التخلص من زوجته دون ان يدفه مستحقات الطلاق فقام بسرقة حساب زوجته الشخصي ليرسل صورها الشخصية لاحد اصدقائه ومن ثم استدعى اهلها وقام باطلاعهم على مافعلت لتطلق دون ان يدفع شي .
وفي ذات السياق اكدت الاخصائية الاجتماعية والنفسية اسلام الشنباري "ان الإفراط في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، كفيل بخلق فجوة بين الزوجين، نتيجة تقلّص الوقت الذي ممكن أن يقضيه الزوجين سوياً..
ويمكن ان يُصاب احد الزوجين بالإدمان وبالتالي في وقت لاحق "بأمراض نفسية عصرية": قلق, عدم استقرار, حيرة, عصبيّة وغيرها, ويجري تبني عادات ومعتقدات غريبة عن مجتمعنا العربي والاسلامي وهو ما يؤدي الى انهيار عش الزوجية" .
في هذا السياق أظهرت دراسة حديثة، قام بها باحثون من جامعة بوسطن الأمريكية، مفادها أن الاستخدام المفرط لمواقع التواصل الاجتماعي يمكن أن يتسبب بالفوضى في العلاقات العاطفية، حيث كشف الباحثون عن وجود علاقة بين استخدام وسائل التواصل الاجتماعي كـ"الفيس بوك" و"تويتر" والمشاكل الاجتماعية المتعلقة بالطلاق والعلاقات العاطفية، لافتة إلى أن الغيرة التي يسببها "فيس بوك"، تزيد من المشاكل والمشادات لين الأزواج في جميع الأعمار.
وأكدت دراسات اخرى أجراها الدكتور "روسل كلايتون" من جامعة "ميسوري"، وأساتذة بجامعة بوسطن الأمريكية، وشملت مستخدمي "فيس بوك" الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و82 سنة، وكان السؤال: كم من الوقت يقضون على الفيس بوك وكم مرة حدثت مشكلة مع شركائهم العاطفيين بسبب هذا الموقع؟، فأظهرت نتائج الدراسات أن استخدام فيس بوك، كان مؤشرًا كبيرًا على ارتفاع معدل الطلاق بين الزوجين وتزايد معدل المشاكل بينهما.
وعلى ضوء ذلك تقوم الكثير من العيادات القانونية في قطاع غزة بعقد ورش وحملات توعوية من آثار استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بشكل سيئ ومفرط.
دنيا الوطن