علق روبرت فيسك على وصف العالم لـ شمعون بيريز بـ"صانع السلام" عندما سمع بموته، وكيف أنه عندما سمع بوفاته تذكّر الدماء والنيران والمذابح.
واستدعى الكاتب في ذاكرته مذبحة "قانا" تلك القرية التي تقع في جنوب لبنان وقد راح ضحيتها 106 أشخاص معظمهم من الأطفال، وأشلاء الرضع وصراخ اللاجئين والجثث المحترقة من القصف المدفع الإسرائيلي للقرية عام 1996، وأنه كان حينها ضمن قافلة مساعدات أممية على مشارف القرية.
وقال فيسك في مقاله بصحيفة إندبندنت إن بيريز -الذي خاض انتخابات رئاسة الوزراء بعد اغتيال سلفه إسحق رابين- قرر أن يزيد أوراق اعتماده العسكرية قبل الانتخابات بمهاجمة لبنان، واستغل "حامل جائزة نوبل للسلام" (بيريز) ذريعة إطلاق حزب الله صواريخ كاتيوشا عبر الحدود اللبنانية التي كانت ثأرا لقتل طفل لبناني صغير بواسطة قنبلة شركية خلفتها دورية إسرائيلية وراءها لارتكاب تلك المجزرة.
وعلق الكاتب على تصريح بيريز وقتها "لم نكن نعرف أن هناك مئات المدنيين كانوا يتركزون في ذاك المخيم التابع لـالأمم المتحدة. فقد كان الأمر مفاجأة قاسية لنا".
وقال إن هذه كانت كذبة وإن الإسرائيليين كانوا قد احتلوا قانا لسنوات بعد غزو 1982 وكان لديهم فيلم فيديو للمخيم، بل إنهم كانوا يطلقون طائرة مسيرة فوق المخيم أثناء تلك المذبحة.
وأضاف أن هذه الحقيقة كان ينكرها الإسرائيليون، إلى أن أعطاه جندي بالأمم المتحدة شريط فيديو للطائرة المسيرة، وكثيرا ما قالت الأمم المتحدة لـ"إسرائيل" إن المخيم كان مليئا باللاجئين.
وقال فيسك إن هذه كانت مساهمة بيريز في السلام اللبناني، وخسر الانتخابات وربما لم يعد يفكر في قانا، لكني لن أنساها.
ويحكي الكاتب أنه عندما وصل بوابات مخيم الأمم المتحدة كان الدم ينساب أنهارا من الجثث وله رائحة، وكان هناك أرجل وأذرع وأطفال بلا رؤوس ورؤوس شيوخ بلا أجساد. وكان هناك جثة لرجل مقسومة نصفين ومعلقة على شجرة تحترق وما تبقى منه كان يحترق.
وختم فيسك مقاله مستهجنا من قولِ إنه "يجب علينا الآن مناداته بصانع السلام" وخلال الأيام القليلة المقبلة "سنحصى عدد المرات التي تستخدم فيها كلمة السلام في نعيه ثم لنحصي عدد المرات التي ستظهر كلمة" "قانا" في المقابل.!!