قال نائب أمين سر اللجنة المركزية لحركة "فتح" اللواء جبريل الرجوب إن الكرة باتت في ملعب رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو الآن، بعد رفضه عقد اللقاء الثلاثي في موسكو مع الرئيس محمود عباس، بحضور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وأوضح الرجوب، في سياق مقابلة تلفزيونية مع قناة مساواة الفضائية، اليوم الجمعة، أن نتنياهو أفشل لقاء موسكو لأنه لا يريد أي لقاء مبني على مرجعية واضحة مبنية على قرارات الشرعية الدولية، أو يحدد جدولا زمنيا لإنهاء الصراع، وإنما يريد لقاء من أجل التقاط الصور، يسمح له بمواصلة إجراءاته على الأرض ويمنحه مزيدا من الوقت في سبيل إدارة الصراع وليس إنهاء الصراع.
وبين أن العملية السلمية تحتاج مرجعية واضحة وسقفا زمنيا محددا، وبيئة من أجل الانخراط في اشتباك تفاوضي واضح للجميع، لكن نتنياهو يعتبر أن "أي لقاء هو لقاء من أجل الصورة ولكسب الزمن والاستمرار في الدائرة المغلقة، ولإعطائه غطاء لمواصلة سلوكه على الأرض وتهويدها والضغط على الفلسطينيين لتهجيرهم".
وقال الرجوب "إن العالم بات يدرك أن استمرار الصراع الفلسطيني الإسرائيلي يعني استمرار عدم الاستقرار وغياب الأمن في المنطقة والعالم، لذلك تفهمت روسيا الموقف الفلسطيني بأننا لن نذهب فقط لالتقاط الصور، وضمانتنا في ذلك إجماع شعبنا على رفض الذوبان ودفن هويته الوطنية الفلسطينية، وقبوله بمبدأ حل الصراع القائم على قيام دولة مستقلة ذات سيادة، عاصمتها القدس الشرقية، ورهاننا على عمقنا العربي والدولي الذي يدرك أن عدم حل الصراع يعني استمرار حالة عدم الاستقرار في العالم كله".
وأضاف أن "نتنياهو لا يريد ولا يقبل حلا سياسيا قائما على حل الدولتين، وهذا التعنت ما شكل له مصدر قوة على مدار سنوات، لكنه بات الآن في مأزق أمام العالم، وبات محاصرا لأنه لا يقدم أي إجابة حول ما يطرح عليه من أسئلة حول العملية السلمية أو حتى لقاء الرئيس محمود عباس".
وفي رده على سؤال حول محاولات الحكومة الإسرائيلية الالتفاف على المبادرة العربية، قال الرجوب "موضوع آخر نتمنى عليهم إدراكه أن محاولة الالتفاف على القضية من خلال التطبيع مع الدول العربية والالتفاف على المبادرة العربية لن تجد آذانا عربية صاغية".
وقال "لدينا كل الضمانات من الدول المركزية في العالم العربي التي تجسدت في موريتانيا بمؤتمر القمة الأخير، ولدينا ضمانات صريحة وواضحة من المملكة العربية السعودية التي قدمت المباردة العربية، أنه لن يكون هناك أي تطبيع ولا قلب للمبادرة بالتطبيع قبل حل الصراع، إقامة الدولة الفلسطينية والقدس عاصمتها، القدس كعاصمة للدولة الفلسطينية هي المدخل لكل الاستحقاقات المطلوبة حسب المبادرة العربية بعد إقامة الدولة الفلسطينية، لدينا الضمانات ونحن نثق بأخواننا وبعمقنا العربي".
وبين أن "الجانب الإسرائيلي يحاول أن يغير الأولويات، فمرة يعتبر إيران خطرا، ومرة الإرهاب، ومرة داعش، لكن اتضح للعام أن أكبر خطر على الاستقرار الإقليمي هو العدوان الأحادي الجانب الإسرائيلي على الفلسطينيين والعرب، هذا السلوك والسياسات الإسرائيلية هي التي تشكل خطرا على الجميع، عربا ومسلمين ومسيحيين في الشرق الأوسط وفي كل العالم".
العملية الديمقراطية هي الخيار الوحيد لبناء شراكة مع كل الفصائل سواء في غزة أو الضفة
وحول الانتخابات المحلية، قال الرجوب "إن قرار القيادة السياسية أن تجري الانتخابات في موعدها، ولكننا أمام مشكلة قضائية وقانونية حيث أن المحكمة أجلت البت في هذا الموضوع وطالبت بوقف العمل في الانتخابات لحوالي 15 يوما، وما تقرره محكمة العدل العليا يجب أن نلتزم به".
وتابع أن "هناك 45% من المجالس المحلية والبلدية تم إنجازها بالتوافق وهناك قوائم أعدت وهناك منافسة، ونعتبر أن الانتخابات استحقاقا حسب الوقت، أربع سنوات مضت، واستحقاقا وطنيا لبناء شراكة". وقال: "كنا وما زلنا نتمنى أن تكون هذه الانتخابات مدخلا لإنهاء الانقسام، ولكن برزت مشكلة أن حركة حماس تريد استخدام هذه الانتخابات كمدخل لتكريس شرعية الحاكم الخاص بها وشرطتها وأمنها".
وأشار إلى أن "بعض الجهات عرضت الموضوع على محكمة العدل العليا التي قررت وقف العمل مؤقتا بالانتخابات"، مضيفا: "أقول إننا سنعمل وفق القضاء وفي إطار القانون، على أن تجري الانتخابات في موعدها لأنها مصلحة الجميع".
وقال: "آمل من حماس بدل أن تحاول تكريس نظامها وأن تعمله شرعيا من خلال الانتخابات البلدية، أن تبني معنا شراكة استراتيجية، من خلال صندوق الاقتراع، والحوار، والشعور بالمسؤولية، ومن خلال تغليب مصلحة الوطن على مصلحة التنظيم والقرية والمجموعة أو الجماعة"، مؤكدا أننا "يجب أن نذهب للانتخابات، وأننا نرى في العملية الديمقراطية هي الخيار الوحيد لبناء شراكة مع كل فصائل العمل الوطني الفلسطيني سواء في غزة أو الضفة".
الهدف من لقائنا مع الرباعية العربية هو استنهاض حركة "فتح" وتقويتها
وحول ما أشيع عن حراك عربي لإجراء مصالحة داخل حركة "فتح"، قال الرجوب: "نحن في القاهرة التقينا مع الرباعية العربية، وكان بند رقم واحد وهو الأساس والمحور، استنهاض حركة فتح والعمل على تقويتها بما يضمن أن تبقى الحركة العمود الفقري للعمل الوطني الفلسطيني بالمفهوم الاستراتيجي".
وبين أن "كل التحديات التي تواجهها فتح سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو تنظيمية، نوقشت ولكن إجماع الأخوة العرب له علاقة بفتح ودورها في الحاضر والمستقبل من خلال استنهاضها".
وأشار إلى أن "البعض سرب أننا نريد أن نصلح مع فلان أو علان، ولكن أؤكد أن هذا الكلام لم يكن على جدول أعمالنا ولا أعمالهم".
وقال: "لم يكن هناك شيئا اسمه مصالحة، وسمعت هذا المصطلح من خلال وسائل الإعلام خارج الاجتماع، وبصفتي كنت على طاولة الحوار فما كان مطروحا ومعروضا هو استنهاض حركة فتح والنهوض بها لكي تعود إلى ما كانت عليه دوما".
وأكد أنه "لا يوجد أقطاب في فتح خارج الحركة، الأقطاب الفتحاوية والعمالقة في الحركة هم الذين داخل الحركة، ولا يوجد عندنا انقسام ولا انشقاق".
وأضاف الرجوب: "نحن منفتحون ومستعدون لمناقشة قضية المفصولين من الحركة بإيجابية، ولكن أكدنا أنه لن يعود للحركة شخص لديه قضية أمام القضاء، أو شخص يستقوي علينا بالإقليم أو شخص استقوى على شعبنا بموقعه بالتاريخ، وهذا الموضوع مقر في اللجنة المركزية وعليه شبه إجماع وطني فلسطيني"، مؤكدا أن "هناك خطوط حمر لن يتم تجاوزها، وأن موضوع الاجتماع مع الرباعية العربية له علاقة باستنهاض فتح ودورها كحركة تحرر وطني تؤمن بالتعددية السياسية والديمقراطية وحقوق الإنسان وبمفهومنا الاستراتيجي لدور المنظمة ومستقبل الدولة الفلسطينية، وهذا كان محور نقاشنا".
وقال "إنهم يساعدوننا كفتح من موقع التزامهم تجاه فلسطين، فهم لا يريدون تقوية فتح على حساب أحد، وأمل أن لا نسيء لأنفسنا ولا لقضيتنا ولا لعمقنا العربي بهذا الشكل، لا أحد جاء ليملي علينا شيئا، فهناك أسماء يتم تداولها في الشارع لم أسمعها في كل حوارتنا بالقاهرة".
لم ولن أقبل بالإساءة للمسيحيين ولدورهم
وحول المسيحيين في فلسطين، قال الرجوب "أقول لإخواننا المسيحيين، أنا فتحاوي على الطريقة العرفاتية، فلسطيني في نضالي، وتضحياتي مع شعبي ولصالح شعبي، والمسيحية قبل الإسلام في فلسطين".
وأكد أنه لم ولن يقبل بالإساءة للمسيحيين ولدورهم، مضيفا: "أنا كمسلم أؤمن بوجود ثلاث ديانات، المسيحية واليهودية والإسلام، فهذه مفاهيمي، وعقيدتي الوطنية ترتكز على أننا مجتمع وشعب واحد، مسيحيين مسلمين، قضيتنا قضية وطنية".
وأضاف: "إن شعر أحد من إخواننا المسيحيين أنني أسأت له فأنا أعتذر له، ولكن للأسف هناك بعض القوى السياسية بدأت بإصدار البيانات والمهاجمة دون أن تشاهد المقابلة، وهنا أتمنى من كل شخص أو جهة تكلم في الموضوع خارج السياق أن يشاهد المقابلة كاملة، فإن وجد فيها إساءة فأنا أعتذر وإن لم يجد فليطلب من الله أن يسامحه لأنه من الخطأ الانجرار خلف المصالح الشخصية".
وقال الرجوب: "أتمنى من إخواننا المسيحيين أن يشاهدوا المقابلة كاملة، وإذا ورد فيها إساءة لأي منهم فأنا اعتذر منهم، فلا عقيدتي والوطنية ولا ثقافتي ولا سلوكي يسمح لي أن أمسهم أو أجرحهم".