رام الله الإخباري
أعادت حادثة انهيار الرافعة وسقوط المرآب في تل أبيب، يوم أمس الاثنين، والتي راح ضحيتها 4 عمال فلسطينيين من رام الله والقدس، إجراءات السلامة المتبعة مع أكثر من مئة ألف عامل فلسطيني في داخل إسرائيل، واستهتار المشغلين والمسؤولين عنهم ومراقبي العمل بحياتهم.
وأشارت الإحصاءات التي نشرت صباح اليوم في صحيفة "هآرتس" العبرية، إلى أنه قتل خلال السنوات العشر الأخيرة 325 عامل بناء، بينهم 180 عاملا خلال السنوات الست الأخيرة.
وتشير المعطيات إلى أنه 51% من قتلى حوادث العمل في فرع البناء، خلال السنوات 2010 – 2015، هم فلسطينيون من الضفة الغربية. ونصف الـ 49% هم عمال بناء عرب من داخل الخط الأخضر ومن القدس المحتلة، وهناك عدد من القتلى من العمال الأجانب.
وتشير الإحصاءات إلى أن مراقبة ورشات البناء في إسرائيل ضعيف إذ أن هناك 18 مفتشا في وزارة العمل والرفاه مسؤولين عن مراقبة حوالي 13 ألف ورشة بناء، وهؤلاء المفتشون مسؤولون عن سلامة وصحة وأمان العمال، ورغم حدوث ارتفاع هائل في حجم وعدد ورشات البناء، منذ العام 2000، إلا أن عدد المفتشين ما زال ضئيلا للغاية، بحيث أن كل واحد منهم مسؤول عن مراقبة ما لا يقل عن 700 ورشة بناء.
حزن في بيت ريما والقدس
وتسود حالة من الحزن الشديد في مدينة القدس المحتلة التي فقدت ثلاثة من أبنائها، كما في بيت ريما أيضا شمال مدينة رام الله، حيث أعلن ظهر اليوم الثلاثاء أن ابن القرية عاهد معروف الريماوي، من بين قتلى انهيار مبنى موقف سيارات مكون من 4 طوابق وسط تل أبيب يوم أمس، حيث انتشل جثمانه اليوم من تحت الأنقاض.
وقال رامي الريماوي أحد أقارب الفقيد في بيت ريما، إن حالة من الحزن الشديد تسود لدى العائلة، بعد الإعلان عن وفاة قريبه، حيث بات طفله "جود" وزوجته بلا معيل.
وأكدت عائلات الضحايا في القدس ورام الله أن المعلومات الأولية في إسرائيل تشير إلى أن ما حدث هو سقوط أحد الأعمدة الرئيسية في البناء قبل يوم واحد من انهيار المبنى، ورغم الخطر الشديد المحدق بالعمال إلا أن الشركة المسؤولة عن تنفيذ المشروع في الموقع أصرت على إدخال العمال إلى الموقع فانهار البناء بهم ووقع هذا العدد الكبير من الضحايا.
النقابي العمالي سهيل ذياب، أكد ان من يتحمل المسؤولية عن هذه المأساة الشركة المنفذة ووزارة الاقتصاد والعمل الاسرائيلية لأنها لا توفر الرقابة الكافية على ورش العمل، حيث يوجد 17 مراقبا فقط ل 13500 ورشة كبيرة في كل اسرائيل، بينما هذا القطاع بحاجة إلى أكثر من 80 مراقبا.
لا تحقيقات في حوادث العمل ولا مراقبة على تطبيق إجراءات السلامة
وقالت "هآرتس": إن الأسوأ من ذلك هو أن قرارات المحاكم الإسرائيلي في هذا السياق، قرارات ضعيفة، توحي للمقاولين بأن عدم الاستثمار في موضوع أمان العمال مجدٍ، إذ أن نسبة ضئيلة جدا من حالات الموت في حوادث عمل تصل إلى حد الإدانة بالتسبب بمقتل عامل جراء إهمال. وخلال السنوات الست الأخيرة أدانت المحاكم مقاولين في 8 حالات فقط من أصل مئات حوادث قُتل فيها 180 عاملا.
وأضافت الصحيفة أنه رغم عدم الاستثمار في موضوع الأمان في ورشات البناء وعدم ضبطه، فإن سلطات تطبيق القانون، مثل الشرطة، لا تجري تحقيقات في حوادث العمل. فمن أصل 180 حادث عمل انتهى بمقتل عامل، حققت الشرطة في نصف هذه الحالات فقط. والسبب هو أن القتلى هم عرب بغالبيتهم الساحقة.
وفي هذا السياق، قال عضو اللجنة التنفيذية ومسؤول الإعلام النقابي في الاتحاد العام لنقابات عمل فلسطين، محمد العطاونة، إن هناك تميزا فاضحا في تطبيق تشريعات العمل على العمال الفلسطينيين العاملين في إسرائيل، بما في ذلك اتفاقيات العمل الإسرائيلية التي تشكل بمجموعها قانون للعمل الإسرائيلي.
وأضاف: إن تكرار حوادث العمل التي يتعرض لها العمال داخل سوق ومنشآت العمل الإسرائيلية، وخصوصا الفلسطينيين وآخرها ما حدث أمس من انهيار مبنى قيد الإنشاء في تل أبيب، وأودى بحياة 4 عمال فلسطينيين إلى جانب مصابين يعود إلى غياب تطبيق شروط الصحة والسلامة المهنية على العمال الفلسطينيين في إسرائيل بما يخالف الاتفاقيات والتشريعات المعمول بها.
وطالب العطاونة وزارة العمل الفلسطينية والمؤسسات واتحادات النقابات العمالية ذات العلاقة بتوفير الحماية للعمال الفلسطيني في إسرائيل، والعمل من أجل حصولهم على حقوقهم وفق ما نصت عليه الاتفاقيات الموقعة مع الجانب الإسرائيلي.
إجراءات السلامة في ورش البناء ضعيفة جدا
من جانبه، قال وكيل وزارة العمل ناصر القطامي، إن الجانب الإسرائيلي رفض حتى اللحظة تزويد الجانب الفلسطيني بأسماء الضحايا كونهم يحملون الجنسية الإسرائيلية، وأن آخر الأنباء المتوفرة لدى وزارة العمل تؤكد أن من بين مصابي الحادث أربعة من عمال الضفة الغربية هم: الشقيقين بسام ومحمد أبو الحج من بيت ريما برام الله، وخلدون فخري من دوما نابلس، ومحمود محمد يوسف وابنه فادي محمد يوسف من بلدة دير أبو مشعل بمحافظة رام الله والبيرة، مشيرا إلى أن الحالة الصحية للمصابين متوسطة باستثناء محمود محمد يوسف الذي وصفت حالته بالخطيرة.
وأكد قطامي أن هناك 4 من العمال الفلسطينيين في الضفة ما زالوا تحت الأنقاض، وأن الحادث ناجم عن خطأ هندسي تسببت به شركة "دانيا سيباس" ولا يتعلق بإجراءات السلامة المتخذة في إسرائيل، منوها إلى أن الجانب الإسرائيلي لم يتخذ حتى اللحظة أي إجراء تجاه الجهة المتسببة في الحادث.
وبشكل عام، أوضح قطامي أن إجراءات السلامة والحماية المتعلقة على ورش البناء في إسرائيل ضعيفة جدا، إذ يوجد هناك فقط 17 مراقبا على 13 ألف منشأة، ولم يستبعد أن هذا الإهمال مرجعه العنصرية تجاه العمال الفلسطينيين والعرب.
وأضاف، رغم أن القانون واحد في إسرائيل غير أننا نلاحظ أن هناك انتهاكات صارخة بحق عمالنا، الا انه عندما يتعلق الأمر بالفلسطيني نلاحظ إجراءات صارمة بحق العمال الفلسطينيين، مطالبا المؤسسات الحقوقية الدولية التدخل لرفع الظلم الواقع على عمالنا.
وقال مدير مركز الديمقراطية وحقوق العاملين في الضفة، حسن البرغوثي، في إسرائيل بالتحديد حيثما وجد العامل الفلسطيني أو العامل المهاجر لا يوجد رقابة على تطبيق القانون، ولا يوجد احترام لحقوق الإنسان ولا يتم تزويد العمل بمعدات وقاية خاصة للعمال الفلسطينيين.
وقال: إن العمال الفلسطينيين يعملون في العمل الأسود الذي يرفض الإسرائيليون العمل فيه ولا يوجد عليه أي رقابة أو أي إجراءات سلامة، لذلك يجب احترام حقوق العامل بغض النظر عن انتمائه القومي أو الديني.
وفا