رام الله الإخباري
طلب من والدته قبل أسبوع أن تحضر له حقيبته وكتبه، وقال لها:”أريد أن أشعر بأجواء المدرسة”. تلك المدرسة التي لم يتمكن الطفل الأسير شادي فراح (13عاماً) من الوقوف في طابورها الصباحي اليوم، بسبب اعتقال قوات الاحتلال له واحتجازه في مؤسسة إصلاحية لأصحاب الجُنح.
اعتقلت قوات الاحتلال الطفل شادي فراح من القدس هو وزميله الطفل أحمد الزعتري(13عاما) بتهمة محاولة طعن في الثلاثين من شهر ديسمبر العام الماضي. وأودعتهما في مؤسسة بمدينة طمرة شمال فلسطين، والتي تتبع لحكومة الاحتلال وتحوي القاصرين من أصحاب الجنح المدنية والأخلاقية، ليمكث شادي وأدهم داخلها منذ ثمانية أشهر ضمن أوضاع صعبة نفسياً ومعيشياً-كما يرويا لذويهما-
طابور صباحي بدون شادي!
تذهب والدة شادي (فريهان دراغمة) لزيارة نجلها أسبوعياً على نفقتها الخاصة، حيث تبعد المؤسسة كثيراً عن مكان سكن العائلة في كفرعقب شمال القدس المحتلة. تقول أم شادي بصوت مختنق أنها هيأت أطفالها للذهاب إلى المدرسة اليوم في بداية العام الدراسي الجديد، وأصرت أن تذهب إلى المدرسة التي كان شادي يرتادها، لترى مكان نجلها الشاغر في الطابور الصباحي والصف المدرسي، وتعبر بألم ل(كيوبرس) قائلة:”التقيت بمعلمة شادي عند أبواب المدرسة، ضمتني وبكت. ظل جميع زملائه يسألونني عمّا إذا كان شادي سيحضر العام الدراسي معهم، لقد كان محبوباً ومجتهداً في صفه”.
وتضيف والدته أنه كان متفوقاً في مادة الرياضيات ويحب مادة اللغة العربية والإلقاء والشعر، كما كان يملك ذاكرة وشخصية قويتين مكنتاه من تصدّر الإذاعة المدرسية وكتابة الخطابات وإلقائها بصوته الجهوري في المناسبات الوطنية والدينية بالمدرسة.
الحرية غالية
ترجع الأم بذكرياتها إلى سنة خلت، حيث كانت تشتري لطفلها القرطاسية وكتب وملابس المدرسة، لكنها اليوم ترسلهم إليه داخل سجنه الصغير-حيث لا يسمح له بالخروج أبداً-. تقول أم شادي أن طفلها استبشر كثيراً حين أحضرت له حقيبته وكتبه. وتؤكد أنه يتلقى بعض المواد التعليمية داخل تلك المؤسسة التي تفرض المنهاج الاسرائيلي باللغة العبرية. وتضيف:” أكمل الصف السابع في سجنه وحصل على معدل96%، لكنه محتجز في مكان مغلق، حيث لا توجد ساحة للعب، ولا يختلف وضعه عن أي أسير في سجون الاحتلال يكمل تعليمه المدرسي أو الجامعي رغم اعتقاله، الحرية تبقى أغلى من كل شيء!”.
تحدي الألم.
شارك شادي أثناء سجنه في مسابقة لتحفيظ القرآن تتبع لمؤسسة في مدينة عكا رمضان الماضي وحاز على المرتبة الأولى، كما أنه يطلب من والدته إمداده بكتب العلوم الاجتماعية والتربية الوطنية والدينية ليبقى على تواصل مستمر مع واقعه وقضيته-على الرغم من صغر سنه-، وتحرص والدته على تزويده بالكتب والقصص التي تشتريها له باستمرار. كما تروي أن طفلها كان يلقب بمحامي الدفاع في مدرسته، حيث كان يدافع عن زملائه في حال تعرض أحدهم للعقاب.
اختطاف الطفولة المقدسية.
يرفض الاحتلال الإفراج حتى الآن عن الطفل شادي فراح، وتؤكد والدته أن أطفال القدس يعاملهم الاحتلال معاملة خاصة حيث يعرضهم على محكمة مدنية تفرض إرسالهم إلى مؤسسات إصلاحية إلى حين بلوغهم السن القانوني، ثم يحولهم إلى السجن الفعلي بعدها. ليصطف شادي إلى جانب 560 قاصرٍ في القدس المحتلة اعتقلوا منذ مطلع عام 2016 الجاري، حيث أكدّ رئيس هيئة شؤون الاسرى والمحررين عيسى قراقع أن 110 قاصراً من القدس يقبعون حاليا في سجون الاحتلال من بينهم 4 قاصرات و10 أطفال محتجزين في مراكز للأحداث بالإضافة إلى 60 طفلا وضعوا قيد الحبس المنزلي.
كيو برس