حذرت الهيئة الإسلامية العليا في القدس من خطورة خطة رئيس بلدية القدس الرامية الى المس بالوضع القائم في المسجد الاقصى المبارك والعمل على تهويد المنطقة الجنوبية للقصور الاموية واراضي الاوقاف ومقبرة باب الاسباط لإقامة قواعد القطار الهوائي التهويدي المنوي اقامته خلال العامين المقبلين.
وقال رئيس الهيئة الشيخ د. عكرمة صبري لـ "القدس"، ان هذا المشروع من الخطط الرامية الى اضفاء الصفة اليهودية على مدينة القدس وطمس معالمها، ويمثل اعتداء علىأاراض وقفية تعرف بـ (السلودحة)، وهو اعتداء على مقبرة باب الاسباط وانتهاك لحرمة المقابر الإسلامية، واعتداء على القصور الاموية التي هي ايضاً اراض إسلامية، وأن الهدف منه تغيير معالم المنطقة الجنوبية للمسجد الاقصى بالكامل.
واضاف :" ان تصريح رئيس البلدية واضح، فهو يريد ان يؤكد لمن السيادة في المدينة ويتحدث عن المسجد والاوقاف الإسلامية، ومعلوم للجميع انه وفق القانون الدولي القدس مدينة محتلة، وليس من حق الاحتلال ان يغيير معالم المدينة ويمس بمقدساتها، مؤكداً ان المشروع غير قانوني ويجب وقفة ولا نقر باي تغيير وأي اجراء تقوم به سلطات الاحتلال في مدينة القدس".
واوضح ان القطار الهوائي يمثل اعتداء على المسجد الاقصى لانه سيكون بمستوى واعلى من اروقة المسجد الاقصى، وهو سيكشف الساحات الخارجية وسيشكل تشويشاً على المصلين وإيذاء لهم، ويهدد امن المسجد ويفقد المدينة طابعها وعراقتها، مشيراً الى ان اقامة قواعد هذا القطار الهوائي ستكون على اراضي السلودحة الوقفية وعلى اراضي مقبرة باب الاسباط التي هي اراض وقفية، وهذا لن يتم بموافقة الاوقاف صاحبة الارض.
ولفت الشيخ صبري، الى تصريحات رئيس البلدية التي زعم فيها، انه "مشروع سياحي وانعاش اقتصادي للمدينة وحل ازمة المرور"، مؤكداً ان الاساس ان لا يكون ذلك على حساب اراضي الاوقاف الإسلامية في القدس ولا على حساب تشويه الواجهة الجنوبية، والجنوبية الشرقية لاسوار المسجد الاقصى المبارك الذي يعتبر من اهم المساجد في العالم بعد بيت الله الحرام والمسجد النبي، مشيراً الى ان المشروع هو تشويه للمدينة التاريخية الدينية المحفوظة منذ آلاف السنين بعراقتها.
واكد الشيخ عكرمة ان هدف بركات كان ولا زال هو نفسه عبر عنه (الاثبات من صاحب الامر في المدينة )أي السيادة السياسية، وقال :" ان الهدف سياسي تهويدي توراتي ديني مرتبط برؤية إسرائيلية ايدولوجية تهدف إلى تغيير معالم المدينة العربية الإسلامية العريقة وربطها بالرواية التوراتية وما يسمى بـ (الحوض المقدس)، اي ابتلاع الاراضي الوقفية وإثبات ان السيادة في المدينة المقدسة المحتلة للإسرائيليين بابتلاع ومصادرة المزيد من الاراضي الفلسطينية.
مخطط بركات
وكان رئيس البلدية الإسرائيلية في القدس نير بركات، قال إن مخطط جلب ١٠ ملايين سائح سنوياً للقدس سينطلق، ومن ابرز معالمه مسار القطار الخفيف "تلفريك" الذي سيغير معالم المدينة، مشيراً الى ان تغييرات مهمة ستحدث هناك، حيث سيمرّ في قلب بلدة سلوان جنوب المسجد الاقصى، وليس فقط في طرفها العلوي، وان هذا المخطط هو لحل ازمة السير والمواصلات، ولدفع الاقتصاد" على حد قوله.
وقال بركات خلال اجتماع داخلي لنشطاء حزب الليكود في القدس :" نريد أن ندلل ونؤكد للجميع من هو صاحب السيادة في القدس، ومن هو صاحب البيت".
ونشرت صحيفة "هآرتس" أمس الأول، بعض تفاصيل المشروع وتفاصيل مخطط مسار التلفريك، التي تشير الى أن مساره سيكون حول المسجد الأقصى من جهتيه الجنوبية والشرقية، وسيصل الى قلب بلدة سلوان وبالتحديد عند عين سلوان وسط البلدة. بحيث ستكون هناك أربع محطات رئيسية لمسار القطار الهوائي حول المسجد الأقصى، أقربها محطة بجانب باب المغاربة الخارجي، في مدخل وادي حلوة على بعد 20 مترا من سور القدس التاريخي ونحو 100 متر عن جنوبي المسجد الأقصى، وستكون المحطة الثانية عند الكنيسة الجثمانية شرق باب الاسباط – أحد أبواب القدس القديمة-، وعلى بعد عشرات الأمتار عن شرقي المسجد الأقصى ومقبرة باب الرحمة ، أما المحطة الثالثة فستكون على جبل الزيتون – الطور- بجانب فندق الاقواس السبعة، وستنصب المحطة الرابعة بجانب عين سلوان، الواقعة في قلب البلدة .
وقال "بركات" أنه يخطط لجلب عشرة ملايين زائر سنويا للمشاركة في المسار المذكور حول المسجد الأقصى، او ما يسميه الاحتلال الإسرائيلي " الحوض المقدس"، مؤكداً أن من أبرز أهدافه تكريس السيادة والسيطرة الإسرائيلية على مدينة القدس .
وذكر بركات في الشريط الذي نشره في صفحته في الفيسبوك والذي ظهر فيه يلقي محاضرة امام نشطاء "الليكود" خلال قيامه بجولة في القدس، محطة اخرى يعد لاقامتها، في بركة عين سلوان بوسط البلدة، وعلى بعد حوالي ٥٠٠ متر من موقع "كيدام" الاستيطاني في قلب القدس.
وربط بركات خلال حديثه عن القطار الهوائي بين "الاحتياجات السياحية" التي يوفرها وبين ايديولوجيته، اذ بعد ان وصف المجهودات الاثرية التي بذلت من اجل الكشف عن الدرجات الممتدة من عين سلوان وحتى منطقة المسجد الاقصى "ومخططات اعمار عين سلوان" في المستقبل. قال: " أريد تمكين اليهود وغير اليهود من تكرار هذه التجربة، وكل من يريد السباحة في عين سلوان والصعود باتجاه المسجد الاقصى، سيدرك وبصورة دقيقة من هو رب البيت والامر والنهي في هذه المدينة".
واضاف بركات: "عندما يخوضون هذه التجربة (الجولة في المواقع الاثرية اليهودية والتاريخية)، فانه وحتى اعضاء اليسار يشعرون ببلبلة، لانهم يدركون بان هذا امر حقيقي وان ارتباطنا بالقدس سيبقى الى الابد. ويجب ايجاد وسائل مواصلات لتحقيق هذه التجربة".
ووفقا لاقوال بركات: "سيمكن هذا من الوصول الى البلدة القديمة والمقدسة بدون سيارات ولا حافلات، ان ما تشاهدونه اليوم لا يتعلق بما ستكون عليه المدينة في المستقبل، اذ اريد احضار عشرة ملايين سائح يصل جميعهم الى هذه الاماكن، وبدون القطارات والقطارات الهوائية، والقطار السريع والفنادق.. الخ لن نستطيع خوض هذه التجربة الخاصة، ان جميع البنى التحتية المذكورة تستهدف احضار سياح من جميع ارجاء العالم والاثبات من هو صاحب الامر والنهي في هذه المدينة".
وطالب بركات قبل عدة سنوات بتنفيذ مبادرة القطار الهوائي في البلدة القديمة، اذ يرى به حلا مواصلاتيا نموذجيا للمنطقة الغنية بالمواقع السياحية، اذ اعلن عام ٢٠١٣ عن نيته تنفيذ مخطط القطار الهوائي خلال عامين، لكن تم تجميد العمل بذلك فترة طويلة.
ومن المتوقع ان يثير هذا الموضوع خلافات سياسية، لان القطار الهوائي سيقام معظمه في الاراضي الفلسطينية المحتلة - من القدس الشرقية، وقريب جدا من المسجد الاقصى المبارك، والاماكن المقدسة المسيحية في جبل الزيتون - فوق كنيسة الجثمانية .
وكانت الشركة الفرنسية "شفاز" المختصة باقامة القطارات الهوائية، قد انسحبت من هذا المشروع، بعد ضغوط مارستها عليها السلطة الفلسطينية والحكومة الفرنسية، كما قد يثير المشروع اعتراضات بيئية وتنظيمية ويفرز مشكلة مع اليونسكو كون القدس مدرجة على قائمة المدن الاثرية الممنوع المس بآثارها ومقدساتها وطابعها الفريد .
ورفضت بلدية القدس التعقيب، وقالت: "يقوم مختصون في هذه الايام بتنفيذ مشروع رئيس البلدية الخاص باقامة قطار هوائي يربط بين المواقع المقدسة للاديان الثلاثة في (حوض البلدة القديمة)، ولدى نضج المخططات سيتم عرضها على اللجان المختصة. وان مشروع القطارات الهوائية هو جزء من شبكة المواصلات التي تتضمن خطوط قطارات خفيفة، وشبكة نقليات تمكن من الوصول السريع والآمن الى الاماكن التي يتوجه اليها ملايين السياح سنويا".