بعدما ضاقت مقابر مدينة دوما المحاصرة قرب دمشق بجثث أبنائها بسبب سنوات النزاع الطويلة، لجأ الأهالي إلى اعتماد أسلوب جديد في دفن موتاهم عبر وضعهم في مقابر عامودية من طبقات عدة تبنى من الطين.
وفي ظل الحصار الخانق من قبل القوات الحكومية على دوما، بات السكان يعتمدون بدلا من الإسمنت على الطين والتبن لبناء القبور، وهي طريقة قد تحافظ أيضا على الأراضي الزراعية التي هم بأمس الحاجة إليها، وفقا لوكالة "فرانس برس".
ويقوم العمال في المقابر الجديدة بخلط الطين والتبن بالماء ثم يتم وضعها في قوالب يتم تقويتها بوضع القصب داخلها بدلا من الحديد، ثم ينتظرون حتى تجف وتصبح على شكل حجارة لبناء المقابر، لتكون بديلا عن الإسمنت.
وتتعرض دوما التي تسيطر عليها فصائل معارضة، منذ العام 2013 بشكل شبه يومي للقصف المدفعي والجوي، ما أسفر طوال هذه السنوات عن سقوط أعداد كبيرة من القتلى.
ويوضح سمير، وهو المهندس المسؤول عن تطوير المقابر الجديدة، أن "تجهيز القبور بشكل أفقي يحتاج إلى مساحات كبيرة"، أما اليوم وعبر القبور الطابقية فإن مساحة أرض غير كبيرة "قد تتسع لحوالي ألف قبر".
ويضيف: "لجأنا لمشروع القبور الطابقية لأسباب عدة، أهمها العدد الكبير للقتلى وتوفير الأراضي الزراعية"، مشيرا إلى حاجة دوما إلى كل "دونم أرض للزراعة لنستفيد منه بسب الحصار الخانق من قبل نظام الأسد".
وأشار إلى أن "المواد الأولية المستخدمة هي الطين والتبن والقصب وهي مواد متوفرة في الغوطة الشرقية".
وتحولت سياسة الحصار خلال سنوات النزاع السوري إلى سلاح حرب رئيسي تستخدمه الأطراف المتقاتلة كافة.
ويعيش، بحسب الأمم المتحدة، نحو 600 ألف شخص في 19 منطقة محاصرة في البلاد التي دمرتها الحرب، 452 ألفا و700 شخص منهم يحاصرهم الجيش السوري، خصوصا في ريف دمشق.
وتشهد سوريا نزاعا داميا بدأ في مارس 2011 بحركة احتجاج سلمية ضد النظام، تطورت لاحقا إلى نزاع متشعب الأطراف، أسفر عن مقتل أكثر من 290 ألف شخص وتسبب بدمار هائل في البنى التحتية وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.