بعد فيسبوك ...تويتر تخضع لاملاءات اسرائيل

thumb (6)

تمارس السّلطات الإسرائيليّة، حملات تبدو ممنهجة على كبرى شبكات التّواصل الاجتماعيّ، فبعد أن هاجم وزير الأمن الدّاخليّ، غلعاد إردان، شبكة فيسبوك ومؤسّسها، كشف تقرير صحافيّ أنّ النّيابة العامّة الإسرائيليّة طالبت شركة تويتر بحجب مضامين عن مواطنيها.

وكشف رئيس تحرير موقع 972+ باللّغة الإنجليزيّة، ميخائيل شيفر عومر-مان، في تحقيق صحافيّ خاصّ بالموقع، قصّة مدوّن أميركيّ تدخّلت السّلطات الإسرائيليّة في المضامين التي يكتبها عبر مدوّنته، يمكن لها أن تعكس التّدخّل الإسرائيليّ السّافر في نشر المعلومات، التي تصل مواطنيها.

في الثّاني من شهر آب/أغسطس لعام 2016، بعث القسم القضائيّ في شركة تويتر للتواصل الاجتماعيّ برسالة عبر البريد الإلكترونيّ إلى المدوّن الأميركيّ، ريتشارد سيلبرستاين، لتخبره أنّ تغريدة معيّنة قام بنشرها، تخالف  القانون الإسرائيليّ، بناءً على توجّه قضائيّ إسرائيليّ.

ويشير موقع 972+ الذي وصلته نسخة من الرّسالة التي بعثتها شركة تويتر إلى سيلبرستاين، إلى أنّ التّغريدة التي طالبت إسرائيل تويتر بحجبها، قد نشرت يوم 18 أيّار/مايو، أي قبل  76 يومًا من التوجّه إليه.

وجدير بالذّكر أنّ سيلبرستاين قد نشر في السّابق عدّة تحقيقات صحافيّة فرضت عليها إسرائيل أوامر حظر نشر، ومن ضمن هذه التّحقيقات، قضيّة المجنّدة الإسرائيليّة، عنات كام، التي سرّبت معلومات عسكريّة حسّاسة إلى الصّحافيّ في جريدة 'هآرتس'، أوري بلاو.

ولم تطالب شركة تويتر المدوّن سيلبرستاين بالرّدّ على ادّعاءاتها، ولم تمنحه فرصة التّعقيب، إذ طالبته بإزالة التّدوينة، طوعًا، إلّا أنّه، ومن منطلق كونه مواطنًا أميركيًّا، رفض الانصياع للقوانين الإسرائيليّة.

إلّا أنّ شركة تويتر أرسلت بعد يومين فقط على رفضه طلبها، رسالة بالبريد الإلكترونيّ إلى سيلبرستاين، تعلمه فيها أنّها تمنع إمكانيّة دخول مستخدمين إسرائيليّين إلى تغريدته تلك، حيث جاء في الرّسالة 'وفقًا للقوانين المتعلّقة بالأمر وبسياسة الشّركة، تويتر لن تتيح عرض تغريدتكم التّالية في إسرائيل'.

وجدير بالذّكر أنّه وفق القانون الإسرائيليّ، يمكن الحديث عن قصّة سيلبرستاين، لكن لا يمكن اقتباس أو تناول تفاصيل التّغريدة التي حُظرت!

ويخلص الصّحافيّ عومر-مان في هذا السّياق إلى أنّه 'كلّما قلّ استخدام أداة الرّقابة العسكريّة في إسرائيل، وتحوّلت إلى أقلّ تعميمًا في السّنوات الأخيرة، تقوم السّلطات باستخدام أكثر فأكثر لأوامر حظر النّشر من أجل التّحكّم في وصول المعلومات إلى الدّولة'.

ويشير عومر-مان إلى أنّ النّاطق بلسان وزارة القضاء الإسرائيليّة، نوعم شرفيط، أنكر أنّ إسرائيل طالبت تويتر بإزالة مضامين معيّنة من مدوّنة سيلبرستاين، إذ صرّح أنّ وزارته قامت فقط 'بإعلام الشّركة بخرق حظر النّشر'، علمًا أنّ موقع 972+ قد اطّلع على المراسلة بين المدّون وبين شركة تويتر، إلّا أنّه لم ينجح بالاطّلاع على فحوى رسالة وزارة القضاء الإسرائيليّة إلى شركة تويتر.

ويشار إلى أنّه من على موقع شركة تويتر، التي تدّعي الشّفافيّة المطلقة في سياسة نشرها وفي نشر هويّة مقدّمي الشّكاوى ضدّ مضامين معيّنة، لم يدرج اسم إسرائيل بتاتًا، ما يثير تساؤلات ويحجب إمكانيّة الاستفسار عن مضمون الرّسالة التي بعثت بها السّلطات الإسرائيليّة إلى شركة تويتر.

هذه أمثلة على استخدام السّلطات الإسرائيليّة، أمر حظر النّشر، كأداة لحجب المعلومات والتّحكّم بها، أي أنّها بمثابة مصفاة للمعلومات التي تتيح دخولها، والتي تحظر دخولها، وفقًا لـ'صمّامات الأمان'. ويصرّح عومر-مان أنّ 'غالبيّة النّقاشات الجماهيريّة التي تمّت في إسرائيل في الأشهر الأخيرة حول فرض رقابة مضامين على الشّبكة، ارتكزت على ما هو تحريض عنيف، ظاهريًّا، ينتهجه الفلسطينيّون، والتي يمكن لها أن تبدو، ظاهريًّا، ذات علاقة بأمن الجماهير. فرض أمر حظر النّشر، بالمقابل، هي محاولة حكوميّة بالسّيطرة على وصول حرّ للمعلومات. بشكل واضح لا لبس فيه'.

لا يمكن تناول قضايا معيّنة في سياق أمر حظر النّشر دون التّساؤل عمّا وراء الحظر وما هي التّفاصيل المستترة، وبمفهوم أكثر شموليّة، يؤكّد عومر-مان أنّه 'حينما تُظهر دولة نهجًا معيّنًا باستخدام أوامر حظر النّشر وفي الرّقابة من التّغطية على جرائمها نفسها (كما في قضيّة عنات كام وحافلة رقم 300) ومن أجل أن تضرّ بالحريّة الشّرعيّة التي تتحدّى السّلطة العسكريّة غير الدّيمقراطيّة، فإنّ الحاجة بمكافحة كلّ أنواع الرّقابة، يصير ضروريًّا أكثر بكثير'.

وفي هذا السّياق يأتي عومر-مان بمثال آخر، يمكن أن يعكس كيفيّة استخدام أمر حظر النّشر كأداة لمنع إيصال معلومات وكمّ الأفواه والتّستّر على حقائق معيّنة: قصّة الشّقيقين الشّهيدين اللذين أقدمت قوّات الاحتلال على إعدامهما، بدم بارد، إبراهيم (16 عامًا)، ومرام (23 عامًا)، نهاية شهر نيسان/أبريل الماضي، خلال عبورهما حاجز قلنديا العسكريّ، شماليّ القدس. إذ أنّ شهود عيان كانوا قد نفوا لمواقع محليّة فلسطينيّة أن يكون الشّاب إبراهيم صالح أبو إسماعيل وشقيقته مرام صالح حسن أبو إسماعيل، اللذان استشهدا برصاص الاحتلال، عند حاجز قلنديا، قد حاولا تنفيذ عمليّة طعن. وقال شهود العيّان إنّ الشّابّة لم تكن تحمل سكّينًا أو أداة حادّة، إنّما سلكت هي وشقيقها، مسلكًا خاطئًا خاصًّا، بالسّيّارات لا بالمارّة، أثناء الدّخول للحاجز، ما أثار حنق جنود الاحتلال، إذ بدأوا بالصّراخ عليهما بالعبريّة التي لا يفقهونها.

وادّعى قسم التّحقيقات مع أفراد الشّرطة (ماحاش) التّابع لوزارة القضاء الإسرائيليّة أنّ تحقيقًا جرى في استشهاد الفلسطينيّة مرام أبو إسماعيل (23 عامًا) وشقيقها إبراهيم (16 عامًا) في حاجز قلنديا، أظهر أنّ شرطيًّا أطلق النّار في الهواء وأنّ الحراس الإسرائيليّين في الحاجز هم الذين قتلوا الشّقيقين.

البند الأهمّ في القضيّة أنّ السّلطات الإسرائيليّة رفضت نشر الفيديو الخاصّ بكاميرات المراقبة، وفرضت أمر حظر نشر عامّ على مجمل التّحقيق وعلى هويّة المشتبه به من الجنود. 'في الثّاني من آب/أغسطس، تمّ تجديد أمر حظر النّشر مجدّدًا، حتّى 31 آب/أغسطس – أي 126 يومًا بعد إطلاق النّار'.

ويخلص عومر-مان إلى تساؤل حول الحقيقة المخفيّة 'يصعب ألّا نتساءل عمّا تريد الشّرطة إخفاءه'.

وتوجّه موقع 972+ إلى وزارة القضاء في سؤال عن عدد الطّلبات التي أرسلتها السّلطات الإسرائيليّة لشركات شبكات التّواصل الاجتماعيّ، خارج إسرائيل، واستلم ردًّا ضبابيًّا لم يشتمل على إجابة 'في توجّهنا، لفتنا انتباه الشّركة إلى المخالفة لأمر حظر النّشر، ولم نطلب اتّخاذ خطوة عينيّة ما'.