أردوغان : الشعب التركي العظيم لا يقبل العبودية والذل

2016-08-07-yenikapig-103

قال رئيس الجمهورية السيد رجب طيب أردوغان، إن"هذه اللوحة الظاهرة اليوم هنا في ساحة يني قابي بمشاركة رئيس الوزراء ورئيس هيئة الأركان العامة وزعيمي حزب الشعب الجمهوري وحزب الحركة القومية، وكافة أبناء الشعب التركي الواقفين جنبًا إلى جنب بغض النظر عن أطيافهم وتوجهاتهم السياسية، تبث القهر والحزن في نفوس أعداء تركيا على الأقل بالدرجة ذاتها التي عايشوها صبيحة السادس عشر من يوليو/تموز، عقب ليلة محاولة الانقلاب الفاشلة".

جاء ذلك في كلمته التي ألقاها خلال تجمع "الديمقراطية والشهداء" في ساحة يني قابي بإسطنبول، بمشاركة الرئيس الحادي عشر للجمهورية التركية عبد الله غول، ورئيس البرلمان إسماعيل قهرمان، ورئيس الوزراء وزعيم حزب العدالة والتنمية بن علي يلدريم، ورئيس الوزراء الأسبق أحمد داود أغلو، وزعيم حزب الشعب الجمهوري كمال قليجدار أوغلو، وزعيم حزب الحركة القومية دولت باهجلي، ورئيس هيئة الأركان العامة خلوصي آكار، وقادة القوات البرية والبحرية والجوية فضلًا عن رئيس وزراء شمال قبرص التركية حسين أوزغور غون.

"أكبر مظاهرة في تاريخ تركيا"

إن تجمع الديمقراطية والشهداء الذي تم تنظيمه بدعم من ولاية إسطنبول وبلديتها الكبرى، والذي شارك فيه الملايين من سكانها يعد أكبر مظاهرة في تاريخ تركيا، حيث تابعتها تركيا برمتها وجميع المواطنين الأتراك في الدول الأخرى والشعوب الشقيقة عبر شاشات عملاقة نصبت في ساحات 80 ولاية تركية فضلًا عن ساحات المدن التي تربطها بتركيا حدود قلبية.

بدأت فعاليات تجمع الديمقراطية والشهداء بالوقوف دقيقة صمت تلاها نشيد الاستقلال، وتلاوة آيات عطرة من القرآن الكريم. ثم دعا رئيس الشؤون الدينية محمد غورماز، إلى أرواح الشهداء. وعقب كلمات ألقاها كّل من زعيم حزب الحركة القومية دولت باهجلي، وزعيم حزب الشعب الجمهوري كمال قليجدار أوغلو، ورئيس هيئة الأركان العامة خلوصي آكار، ورئيس الوزراء وزعيم حزب العدالة والتنمية بن علي يلدريم، ورئيس البرلمان إسماعيل قهرمان، ألقى السيد الرئيس أردوغان أيضًا كلمة بهذه المناسبة.

استهل السيد الرئيس أردوغان، كلمته بتقديم جزيل الشكر للشعب التركي الذي لم يتردد في دفع روحه ثمنًا لعدم تسليم الوطن إلى تنظيم فتح الله الإرهابي، كما وسأل مرة أخرى الله عز وجل الرحمة للشهداء الـ 240 الذي سقطوا ليلة المحاولة الانقلابية الفاشلة ولذويهم وللشعب التركي برمته الصبر والسلوان.

"في اليوم التالي استيقظ أعداؤنا بحزن وقهر بعد إدراكهم أن الأمور باتت أصعب بكثير من ذي قبل"

شدد  الرئيس أردوغان، على أن الشعب التركي تحرك في الخامس عشر من يوليو/تموز الماضي بنفس الإيمان الذي فتح به أبواب الأناضول في موقعة "ملازغيرت" قبل ألف عام، مضيفًا إن "الأمور باتت أصعب بكثير بالنسبة للأعداء الذين كانوا يترقبون انهيار تركيا في تلك الليلة. إن هذه اللوحة الظاهرة اليوم هنا في ساحة يني قابي بمشاركة رئيس الوزراء ورئيس هيئة الأركان العامة وزعيمي حزب الشعب الجمهوري وحزب الحركة القومية، وكافة أبناء الشعب التركي الواقفين جنبًا إلى جنب بغض النظر عن أطيافهم وتوجهاتهم السياسية، تبث القهر والحزن في نفوس أعداء تركيا على الأقل بالدرجة ذاتها التي عايشوها صبيحة السادس عشر من يوليو/تموز، عقب ليلة محاولة الانقلاب الفاشلة".

وتابع إن "الشعب التركي الذي ملأ الشوارع ليلة المحاولة الانقلابية نال شرف الكفاح والشهادة وكتب اسمه بحروف من ذهب على صفحات التاريخ. كما إن حالة الإيمان التي تجلّت بكل المدن التركية في ليلة الخامس عشر من يوليو/تموز شبيهة بإلإيمان عند حرب الاستقلال التي بدأها مصطفى كمال (أتاتورك)، ما يجب أن نفعله الآن هو السعي للارتقاء إلى ما فوق مستويات الحضارات المعاصرة والتضامن فيما بيننا لمواصلة طريقنا. لقد أظهر الشعب التركي في الخامس عشر من يوليو/ تموز أن هذا البلد لا يمكن تدميره، كما أظهر لأصدقائنا أن تركيا قوية ليس فقط أمام الهجمات السياسية والاقتصادية والدبلوماسية فحسب، بل قوية أيضاً أمام التخريبات العسكرية، وأنها لن تنهار ولن تخرج عن مسارها".

"في حال صدر قرار من البرلمان بإعدام الانقلابيين سأصادق عليه"

وحول هتافات الشعب المطالبة بإنزال عقوبة الإعدام على أفراد منظمة فتح الله غولن الإرهابية المندسين داخل القوات المسلحة التركية، قال السيد الرئيس أردوغان إن"الشعب التركي باعتباره صاحب القرار المطلق إذا ارتأى إعادة تطبيق أحكام الإعدام فإنني أعتقد أن الأحزاب السياسية أيضًا ستوافق على هذا القرار. البرلمان التركي هو المخوّل بإصدار قرار إعادة تطبيق عقوبة الإعدام وفي حال صدر قرار من هذا القبيل سأصادق عليه. لقد رأينا جثة أحد إخواننا منقسمة إلى نصفين في شارع وطن (بإسطنبول)، هل يمكننا أن نطرح هذا المشهد جانبًا؟ كما تم العثور على جثة امرأة مقطوعة الرأس أمام المجمع الرئاسي جراء مقاومتها الانقلابيين أثناء المحاولة الانقلابية. بعد رؤية كل هذه المشاهد هل يمكننا أن نقول لا يمكننا تطبيق عقوبة الإعدام لأنها غير موجودة في الاتحاد والمجلس الأوروبي أو غير موجودة في هذا البلد أو ذاك؟ ومن جهة أخرى فإن عقوبة الإعدام مسموح بها في الولايات المتحدة والصين واليابان، وأغلب الدول في العالم".

واستطرد "لقد أثبتّم في الخامس عشر من يوليو/تموز أن هذا الشعب لا يقبل العبودية والذل عبر تصديكم للدبابات والمدافع والطائرات والمروحيات. إن الشيء الوحيد الذي لم تحسب له منظمة "فتح الله غولن" الإرهابية حسابًا هو الشعب التركي وإيمانه ووعيه".

إغلاق الثانويات العسكرية

وفيما يتعلق بإغلاق الثانويات العسكرية في البلاد، وانتقاد بعض العسكريين السابقين لهذا القرار، قال السيد الرئيس أردوغان، موجهًا لهم كلمة، إن "من نفذ الانقلاب الفاشل هم فئة موحدة من عناصر منظمة فتح الله غولن الإرهابية الذين تخرجوا من تلك الثانويات. والآن نقترح إلغاء المدارس العسكرية، وفتح المجال لكافة الخريخين من جميع الثانويات للالتحاق بالأكاديميات العسكرية. لماذا نخرّج فئة واحدة فقط؟".

"نعرف جيدًا القوى الواقفة خلفهم"

شدد السيد الرئيس أردوغان، على ضرورة أن تقوم تركيا كدولة وشعب بالتحليل الجيد للقوى التي تقف وراء الانقلابيين الذين قاموا بالمحاولة الانقلابية في الخامس عشر يوليو/تموز، وعدم الاكتفاء بالكشف عن منفذيها فقط، مضيفًا "بعض عناصر غولن الإرهابية ما زالت تتردد في البوح عن هؤلاء الأشخاص. نحن نعلم جيدًا تلك القوى التي تقف وراء منظمة غولن الإرهابية وتدعمها وسنحاسبها عندما يحين الوقت المناسب. إن مسمّيات التنظيمات الإرهابية قد تتغير ولكن حقيقة عدائها للشعب التركي لا تتغير إطلاقًا. من اليوم فصاعدا سنتحرّى عن الأشخاص في مؤسسات الدولة وخاصة في القضاء وسنحاسب أعضاء منظمة غولن الإرهابية وسينالون عقابهم. إن هذا التنظيم هو الأداة الظاهرة للتهديد الموجه إلى تركيا، كما أن جميع التنظيمات المندسة إلى القوات المسلحة التركية والجهاز القضائي وأجهزة الشرطة والمدارس والمستشفيات هي أعداء للشعب، بغض النظر عن اسمها إن كانت (بي كا كا) أو (داعش)، سيتم القضاء على جميع هذه التنظيمات ضمن إطار الحقوق والقانون". مشددًا على ضرورة تحويل مشاعر الوحدة والتماسك والتعاضد القائمة حاليًا إلى ميلاد جديد.

كما شدد على ضرورة التحري من جديد عن جميع الأحداث التي تسبب بها تنظيم فتح الله الإرهابي الخائن في الماضي القريب من قبيل القضايا المرفوعة بحق بعض أفراد القوات المسلحة والاختبارات المشكوك فيها، مؤكدًا ضرورة إعادة صياغة كل من العملية السياسية ووسائل الإعلام وعالم الأعمال في تركيا بعد محاولة هذه المنظمة السيطرة عليهم وتشكيلهم عبر الصلاحيات والسلطة التي حصلت عليهما بطرق غير مشروعة.

وحول المدارس ومساكن الطلاب التابعة للمنظمة الإرهابية التي أغلقتها الحكومة، أكد السيد الرئيس أردوغان أن الدولة ومنظمات المجتمع المدني في البلاد، ستهيئ مدراس ومساكن أفضل للمتضررين من تلك التي تم إغلاقها.

وأعاد رئيس الجمهورية أردوغان، إلى الأذهان أن جميع المواطنين البالغ تعدادهم 80 مليون نسمة صاروا صوتًا واحدًا وقلبًا واحدًا منذ الخامس عشر من يوليو/تموز مشيرًا إلى أن التجمع في ميدان "يني قابي" تحقق اليوم تحت مظلة القوة الموحدة للعلم التركي لتتويج حراسة الديمقراطية المستمرة منذ ليلة المحاولة الانقلابية.

"جوهر هذا الشعب سليم ومتين"

أشار السيد الرئيس أردوغان، أن الإرادة الوطنية تعززت ليلة الخامس عشر من يوليو/تموز بفضل دماء الشهداء والمصابين في تلك الليلة، لافتًا إلى ضرورة التسليم لقرارات الشعب التي اتخذها بإرادة حرة.

كما جدد سيادته اعتزازه بالشعب التركي الشجاع والواعي والذي جعل العالم كله يُعجب به. مفيدًا أن دعوات مئات الملايين من المظلومين كانت مع الشعب التركي في تلك الليلة، قائلًا: إن "حدودنا الجغرافية غير حدودنا القلبية التي لا حد لها، وهي قادرة على اتساع الجميع في شتى بقاع الأرض".

"الأربعاء المقبل سيكون اليوم الأخير الذي سيشهد مظاهرات صون الديمقراطية"

تقدم السيد الرئيس أردوغان، بجزيل الشكر للمواطنين وأفراد الأمن والشرطة، فضلًا عن البلديات وكافة المواطنين في الدول الأخرى التي تنبض قلوبهم من أجل تركيا أثناء وبعد المحاولة الانقلابية التي وقعت في الخامس عشر من يوليو/تموز، وقال "ليحفظنا الله تعالى من الانقلابات العسكرية والمحاولات الانقلابية ومن أي هجوم سافر ضد الديمقراطية".

وفي ختام كلمته أوضح السيد الرئيس أردوغان، أنه "سيتم هذا المساء وضع فاصلة على سطر مظاهرات صون الديمقراطية وستسمر المسيرات المساندة للديمقراطية والمنددة بالانقلاب الفاشل في تركيا حتى الأربعاء المقبل".