الأردن يبدأ تشغيل اللاجئين السوريين بالاتفاق مع أوروبا.. فلماذا غضب المصريون؟

n-SYRIAN-REFUGEES-IN-JORDAN-large570

رام الله الإخباري

في رمثا بالأردن اعتاد اللاجئ السوري فواز الجاسم أن يترك أدواته ويهرب عندما يرى الشرطة تقترب من المزرعة الواقعة في شمال الأردن حيث يعمل في قطف الخضراوات منذ ثلاث سنوات، والآن صار يعمل دون الخوف من إلقاء القبض عليه.

وهو ضمن 23 ألف سوري تم إعطاؤهم تصاريح للعمل كجزءٍ من وعد الأردن للمجتمع الدولي بتشغيل 50 ألف لاجئ في عام 2016 مقابل الحصول على قروض منخفضة الفائدة وتيسير الوصول إلى الأسواق الأوروبية، وفقاً لتقرير لصحيفة نيويورك تايمز الأميركية.

 

مساجين

يقول الجاسم البالغ 34 سنة وهو يقطع الأعشاب الضارة من حقل الطماطم الذي يعمل فيه، مرتدياً قبعة فريق نيويورك يانكيز للبيسبول ليحمي وجهه من الشمس "قبل أن نحصل على تصاريح العمل كنا أقرب إلى المساجين. ولكننا الآن نستطيع أن نعمل كما نشاء".

يهدف اتفاق الأردن مع الجهات المانحة، والذي بدأ في بداية 2016، إلى إيقاف انتقال السوريين إلى أوروبا، كما فعل مئات الآلاف منهم، وإبقائهم في المنطقة مع وعدٍ بفرص عمل وتعليم لأبنائهم.

قال أندريا ماتيو سفير الاتحاد الأوروبي لدى الأردن الأسبوع الماضي إن الأردن أحرز تقدماً ملحوظاً في تحقيق الهدف بتوظيف السوريين.

 

العمال الأجانب خائفون

 

ولكن هذا الاتفاق الجديد يُعتبر خبراً سيئاً للعمال الأجانب في الأردن الذين يخشون ألا يتسع لهم سوق العمل الذي يزداد ازدحاماً. هناك حوالي مليون عامل أجنبي يعملون في الأردن غالباً كعمال نظافة أو خادمات أو عمال بناء أو مزارعين.

وفقاً لوزير التخطيط الأردني عماد فاخوري فقد أوقفت عمان تدفق العمال الأجانب كخطوة أولى "وبدأ بإضفاء طابع رسمي على العمال السوريين العاملين في قطاعات غير رسمية".

ويقول "سنستقبل اللاجئين وسنعتبرهم عمالة زائدة".

اتفاق حقوق العمال الخاص باللاجئين، والمعروف بميثاق الأردن، هو محاولة لإيجاد حلول طويلة المدى لملايين السوريين الذين نزحوا من بلادهم منذ بداية الحرب في 2011. وقد استقر ما يقرب من خمسة ملايين منهم هربوا من بلدهم، في الأردن وتركيا ولبنان.

تستضيف الأردن أكثر من ستمائة وخمسين ألف لاجئ، منهم 80% تقريباً يعيشون في المجتمع بدلاً من مخيمات اللاجئين، ويشكلون عبئاً ثقيلاً على موارد الصحة والتعليم والإسكان.

 

كيف استفاد الأردن؟

 

أعلنت أوروبا الأربعاء 20 يوليو/تموز 2016 أنها سهّلت قوانين التجارة مع الأردن لتشجيع الاستثمار في المملكة ولخلق فرص عمل للاجئين السوريين، وستسمح القوانين الجديدة ببيع مجموعة أوسع من المنتجات الأردنية في أوروبا دون رسوم جمركية. وسيكون على الشركات المؤهّلة توظيف نسبة معينة من السوريين.

سيتلقّى الأردن كذلك قروضاً بدعمٍ من المجتمع الدولي وبشروطٍ ميسرة، ليقوم جزئياً بتمويل المشاريع كثيفة العمالة.

وفي المقابل، توقف الأردن عن معارضته لحقوق العمال اللاجئين، رغم معدلات بطالة محلية تصل لأكثر من 14% وتباطؤ اقتصادي مستمر.

قبل أن تتغير تلك السياسة، عمل عشرات الآلاف من اللاجئين السوريين بدون تصاريح، حيث كانت تلك التصاريح إما باهظة الثمن أو صعبة الحصول عليها. ودفعت العمالة السورية الرخيصة إلى تدني الأجور في قطاعاتٍ معينة، مثل الإنشاءات والزراعة.

وفقاً للقوانين الجديدة، يمكن لأرباب العمل الأردنيين الحصول على تصاريح عمل للعمال السوريين بلا مقابل خلال فترة مدتها 6 أشهر تنتهي في سبتمبر/أيلول من العام الحالي.

يحتاج اللاجئون إلى شهادة صحية وبطاقة هُوية تصدرها وزارة الداخلية الأردنية ليكونوا مؤهلين للحصول على التصريح.

ما يقرب من 200 ألف لاجئ لا يحمل بطاقة الهُوية تلك بسبب نقص في جوازات السفر أو أية وثائق أخرى مطلوبة، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين. بالنسبة لآخرين، مثل الجاسم عامل المزرعة، فإن التصريح الجديد يمثّل تغييراً كبيراً لحياته.

هرب الجاسم، وهو مزارعٌ بمدينة حماة السورية، إلى الأردن مع زوجته وطفليه في عام 2013، وذهب بدايةً إلى مخيم الزعتري، المخيم الأردني الأكبر للاجئين السوريين. لكنه سرعان ما غادر المخيم، ليستقر في مزرعة خضراوات مترامية الأطراف حيث وجد العمل أيضاً.

تنام العائلة في خيمة بلاستيكية بداخل المزرعة على أطراف مدينة الرمثا، بالقرب من الحدود مع سوريا. ويحظى الجاسم وزوجته، التي حصلت على تصريح كذلك، بطعامٍ مجاني من المزرعة إلى جانب راتبهما الذي يبلغ 1.40 دولاراً في الساعة.

 

الآخرون يصرخون

 

توظّف المزرعة قرابة 1300 عامل – أكثر من 700 منهم من باكستان و300 من سوريا و270 من مصر.
قال أحد المصريين، يُدعى أحمد عبد الحي، أنه كان مستاءً عندما سمع بقرار إتاحة العمل للوافدين الجدد، رغم أن السلطات الأردنية قالت بأن العمال الأجانب القدامى لن يواجهوا خطر مغادرة البلاد قسراً. ورحّبت منظمة العمل الدولية بخطوة التجميد المفروضة على الوافدين الجدد.

يجب أن يحظى العمال المهاجرون بالحماية، لكن "ربما لا ينبغي علينا أن نستقبل مزيداً من المصريين في الأردن لأننا لدينا مهاجرون يمكنهم القيام بالعمل"، كما تقول مها قطّاع من منظمة العمل الدولية بالأردن.

لا يزال اللاجئون السوريون غير المؤهلين للبرنامج الجديد يعيشون في خوف.

وقال عماد عبدالله، وهو لاجئٌ سوري يعمل لدى مزرعة أخرى، أنه بعد قضاء عامين بالأردن، لا يزال غير قادر على الحصول على بطاقة هُوية حكومية، وهي شرط أساسي للحصول على تصريح عمل. مضيفاً أنه يخشى أن يتم إرساله إلى أحد المخيمات أو إرجاعه مرة أخرى إلى سوريا. ويقول: "نحن نعمل فقط على رقعة الأرض تلك البالغة 2 كلم، ولن نجرأ على مغادرتها".

هافينغتون بوست عربي