طالب من غزة تفوق في الثانوية العامة فلجآ لـ دراسة السباكة

n-MHNY1-large570

لم يستغرق بدر العطار، الذي اجتاز الثانوية العامة هذا العام بنسبة وصلت لـ80%، الكثير من التفكير قبل أن يقرّر الانضمام لإحدى الكليات المختصة بالتعليم المهني في قطاع غزة، لدراسة "السباكة"، في ظل حاجة سوق العمل لهذه المهنة كما يقول.

ويضيف بدر لهافينغتون بوست عربي "جاء هذا القرار بمباركة العائلة، خاصة وأن شقيقي الأكبر أحمد كان قد تخرج من كلية مماثلة، ويعمل الآن في ورشته الخاصة بتصليح السيارات، الأمر الذي شجعني أن أسير على خطاه، بهدف تحمل متطلبات الحياة والعمل بشكل حر، وتجنب الانضمام لجيش البطالة"، مؤكداً أنه بات على اقتناع تام بأهمية التعليم المهني لبناء مستقبله.

ووصلت نسبة البطالة في قطاع غزة، المحاصر منذ 10 سنوات، إلى 43% من إجمالي الأيدي العاملة في القطاع، بحسب تقرير صادر عن البنك الدولي العام الماضي.

زيادة في الإقبال وتنوُّع في التخصّصات

بدر واحد من مئات الشباب الذين قرروا الاتجاه للتعليم المهني سواء في المرحلة المدرسية، أو الجامعية.

محمد حسونة رئيس مركز خدمة المجتمع والتعليم المستمر في الكلية الجامعية للعلوم التطبيقية يوضح لـ"هافينغتون بوست عربي" أن كليته تعد واحدة من ما يقرب من 20 كلية ومركزاً مختصاً بالمجال المهني سواء بشكل كامل أو من خلال أقسام وتخصصات مهنية تُدَرس بها.

ويقول إن "التعليم المهني شهد نقلة نوعية في قطاع غزة، سواء في عدد الطلبة الملتحقين به، أو في التخصصات التي يَدرسها الطالب، فعلى سبيل المثال بلغ عدد الطلبة الملتحقين بالتخصص المهني الوحيد في كليتنا عام 2013، 30 طالباً قبل أن يزيد العدد عام 2015 ليصل إلى 320 طالباً وطالبة موزعين على أكثر من 20 تخصصاً في الكلية".

ويتوقع حسونة أن يزيد عدد الطلبة الراغبين بالتسجيل في تخصصات التعليم المهني في الكلية هذا العام إلى 600 على أقل تقدير، خاصة مع فتح برامج تعليمية مهنية تنوعت ما بين الدبلوم والدبلوم المتوسط وصولاً للبكالوريوس، بحسب قوله.

مدارس مهنية تتبع لجهاتٍ عدّة

وحول تبعية واعتماد هذه المؤسسات يكشف عدنان حمدان مدير أحد مراكز التدريب أن المدارس والمراكز المختصة بالتعليم المهني في غزة تتبع لجهات متعددة، فمنها ما يتبع لوزارة الشؤون الاجتماعية، كالمركز الذي يديره، وأخرى لوزارة العمل، ووزارة التربية والتعليم، إضافةً إلى المدارس المهنية التي تتبع لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أنروا"، لافتاً إلى أنه يتمّ التنسيق فيما بينها بشكل كامل.

وأضاف حمدان لـ"هافينغتون بوست عربي" أن مدارس التعليم المهني "تخدم فئة الطلبة من عمر 14حتى 16 عاماً، سواء ممن اختار إكمال تعليمه في المجال المهني، أو من الطلبة الذين لم يوفقوا في التعليم الدراسي، فيتم تحويلهم للتعليم في هذه المدارس بهدف اكتساب حرفة أو مهنة تساعدهم في حياتهم".

تطوير التعليم المهني في غزة لم يقتصر على افتتاح الأقسام الجديدة وفق حمدان بل شمل أيضا تطوير النظام الدراسي والمناهج، حيث باتت الدراسة المهنية تقتصر على عام واحد، كما تم وضع منهج موحّد لكافة المدارس مما ساهم في تنظيم التعليم المهني بشكل أكبر.

حاجة السوق رجّحت كفّة التعليم المهني

د.معين رجب، أستاذ علم الاقتصاد بجامعة الأزهر في غزة، يشدد بدوره على أن "التعليم المهني بات من أهم أنواع التعليم التي يحتاجها السوق، ليس فقط في غزة، بل وعلى مستوى العالم"، مؤكداً أن "اتساع مجال عمل المهنيين، وقدرتهم على الالتحاق بسوق العمل بسن مبكرة، جعلهم قادرين على تحسين دخلهم فور تخرجهم مقارنة بالتعليم الأكاديمي الذي يحتاج لسنوات من الدراسة".

tlymmhny1

"التعليم المهني يساعد في فتح آفاق لخريجيه، سواء بالعمل في القطاع الخاص، أو إقامة مشاريع شخصية، أو العمل الحر في أكثر من مكان، علاوةً على حاجة السوق للحرفيين والمهنيين، مما يعود بالنفع عليهم مادياً، وتحقيق دخل مرتفع مقارنةً بالأكاديميين في غزة، الذين تدنت رواتبهم بسبب استغلال المشغلين لقلة فرص العمل وكثرة الخريجين، والانقسام الذي أثّر بالسلب على الوظائف العمومية"، يتابع رجب.

ويلفت إلى أن "التعليم المهني يشكل 5% فقط من التعليم في قطاع غزة، وهي نسبة مرشّحة للزيادة في ظل حاجة السوق للخريجين المهنيين، وبدء عمليات إعادة إعمار المنازل المدمَّرة بسبب الحروب".